تتولى جمهورية التشيك رئاسة الاتحاد الأوروبي بالتناوب وطيلة النصف الأول من هذا العام، بقيادة حكومة قد ترفض التوقيع على المعاهدة الأوروبية، وتؤمن بالولايات المتحدة أكثر منها بأوروبا، وتساند «إسرائيل»، وتقول إن «حماس إنما تتلقى ما تستحقه».
فقد انتقد زعماء دول الاتحاد الأوروبي تردد التشيك في التوقيع على معاهدة لشبونة، شأنها شأن ايرلندا التي رفضتها في استفتاء يونيو/حزيران الماضي، وشككوا في صلاحيتها لترأس الاتحاد. كما رفضوا المطلب التشيكي بإعطاء الأولوية بتوسيع الاتحاد ليشمل دول الاتحاد السوفيتي السابق.
وصرح وزير خارجية فرنسا برنارد كوشنير التي تولت بلاده الرئاسة الأوروبية حتى آخر ديسمبر/كانون الثاني «ما هو المبرر لدعوة المزيد من الدول (للانضمام) ما دمنا لا نتحرك»، في إشارة إلى إلحاح التشيك في ضم كرواتيا وصربيا، فيما تردد حكومتهم في إبرام المعاهدة الأوروبية.
هذا وشرح جان دراهوكوبيل الخبير بمؤسسة الاقتصاد والمجتمع التشيكية، لوكالة انتر بريس سيرفس، أن «التشيك يفتقرون إلى الخبرة الدبلوماسية، لا بسبب الرئيس فاكلاف كلاوس فقط».
ومن الجدير بالذكر أن كلاوس، مؤسس الحزب النيو ليبرالي الحاكم، هو أحد أعمدة التيار الأوروبي اليميني الجديد الذي يشكك في جدوى الاتحاد الأوروبي، والذي اشتد ساعده جراء رفض ايرلندا لمعاهدة لشبونة في استفتاء شعبي في يونيو/حزيران الماضي.
وشرح الخبير أن الحكومة الحالية ضعيفة، ومن المفترض أن يتولى رئيسها ميريك توبولانيك، ووزير خارجيته كاريل شوارزينبيرغ، كمسئولين عن دولة تترأس الاتحاد الأوروبي، التعامل باسم الكتلة مع الأزمة المالية والقضايا الخارجية المتأججة، كالنزاع الإسرائيلي الفلسطيني والعلاقات مع روسيا.
وأضاف دراهوكوبيل أن رئيس الوزراء التشيكي من كبار أنصار الأسواق الحرة، وتجاهل الأزمة المالية العالمية في بدايتها، ويميل إلى معارضة فرض أية قواعد تنظيمية على الأسواق المالية.
وعن السياسة الخارجية، قال الخبير إن المسئولين التشيكيين «يعادون روسيا عداء أعمى، ويؤيدون الولايات المتحدة تأييدا أعمى»، فيما أعرب وزير الخارجية عن «دعم مطلق لإسرائيل» وتحامل على «حماس» قائلا إنها «تتلقى ما تستحقه».
وحذر الخبير أن «هذا (الوزير) هو المسئول الآن عن قيادة المفاوضات الخاصة بالشرق الأوسط بصفته ممثل الاتحاد الأوروبي».
ويذكر أن رئيس الحكومة التشيكية، الذي اعتزم عقد مؤتمر قمة أوروبية-أميركية بشأن الشرق الأوسط والذي يقر الآن بأنه يرغب في أن يشارك الفلسطينيون فيها أيضا، كان قد وصف «إسرائيل» بأنها «حضارة في وجه الوحشية».
كما انحاز رئيس الوزراء التشيكي دون قيد أو شرط، إلى جانب جورجيا في نزاعها الأخير مع روسيا.
وفي المقابل، يواصل تمسكه بضرورة تمديد نظام «الدرع الصاروخية» الأميركية على أراضي بلاده، إلي الحد الذي تعتزم الحكومة مقايضة المعارضة اليسارية، بانتزاع موافقتها على نظام الرادار الخاص بالدرع الصاروخية الأميركية، مقابل الموافقة على المعاهدة الأوروبية.
وبالتحديد، أدلى رئيس الوزراء في نوفمبر/تشرين الثاني بتصريح صحفي قال فيه إن قضية الرادار الأميركي على الأراضي التشيكية «هامة جدا بحيث إذا فشلت فإننا سنعترض على المصادقة على معاهدة لشبونة» الأوروبية.
ويذكر أن قادة الحزب الحاكم يؤيدون قاعدة الرادار الأميركية التي يعتبرون أنها تتصدى لنفوذ سواء روسيا أو الاتحاد الأوروبي، ويرى الكثيرون منهم أن الخيار بين الرادار وبين المعاهدة الأوروبية، سوف يحسم توجه بلادهم مستقبلا نحو أوروبا أو الولايات المتحدة.
وفيما يخص المعاهدة الأوروبية، ينقسم التحالف النيو ليبرالي الحاكم منقسم إلى شقين، أحدها ينظر إلى المعاهدة بفتور والآخر يرفضها تماما، فيما يجمعون على أن الضمانات الاجتماعية التى تنص عليها هذه المعاهدة، مفرطة ومزعجة.
والمعروف أن معاهدة لشبونة وقعت في العاصمة البرتغالية في العام 2007، وتتطلع إلى تبسيط الهيكل المؤسسي للاتحاد الأوروبي، والسماح لأغلبية مؤهلة من الأعضاء باتخاذ المزيد من القرارات، ما يأتي لصالح كبرى الدول الأعضاء.
كذلك أن 25 من أصل 27 دولة عضوا في الاتحاد، قد صادقت على هذه المعاهدة التي من شأنها أيضا أن تعطي أوروبا صوتا أقوى على مسرح الأحداث الدولية، من خلال خلق منصب رئيس ووزير خارجية يمثلان الكتلة الأوروبية برمتها.
كما يذكر أن المعارضة اليسارية وأصغر أحزاب التحالف السياسي الحاكم، كحزبي البيئة والديمقراطيين المسيحيين، يؤيدون المعاهدة الأوروبية.
لكنهم حصلوا على 7 في المئة فقط من الأصوات في الانتخابات التشريعية للعام 2006، وان كانوا قد فازوا بمناصب وزارية تفوق أهميتها حجم تمثيلهم البرلماني.
العدد 2320 - الأحد 11 يناير 2009م الموافق 14 محرم 1430هـ