مشهد الحضور الكاريزمي الذي اختطه الرئيس الإيراني السابق السيد محمد خاتمي خلال الأعوام الثمانية التي قضاها في رئاسة الجمهورية الإسلامية الإيرانية (1997 - 2005)، واستطاع فيها خطف الأضواء ليس من قبل الإيرانيين أنفسهم بل من قبل المجتمع الدولي، يكاد أن يفقد بريقه بفعل عوامل عدم التكيف مع المناخ!
خاتمي لم يكن رقما عاديا في اليوميات الإيرانية، فالرجل ذو الهندام الأنيق كان يفضل الرهان دائما على عشه الثقافي، كأستاذ جامعي، وكان يعتبر نفسه سفيرا للنوايا الحسنة بمسمى رئيس الجمهورية، فهو ينتقد السلطة وهو على رأسها. لذلك لم يكن خاتمي مشروعا عابرا في حقبة ما بعد الثورة الإسلامية في إيران، فالرجل يمتاز بخصال تكاد تكون نادرة في أقرانه من السياسيين، ومن الحيف التنكر لحقيقة أن عمامة خاتمي كانت تسرق عدسات الكاميرات في الحل والترحال.
المشروع الذي نادى به محمد خاتمي هو بناء إيران القائمة على النموذج الصديق للعدالة، والصديق للديمقراطية والصديق للثقافة، والصديق للمجتمع المدني والصديق للحريات الشخصية التي بلغت ذروتها في عهد الرئيس الإصلاحي.
وكان من حسن حظ خاتمي، أنه عايش شطرا من الزمن حقبة الرئيس الأميركي جورج بوش، واستفاد الرئيس الإصلاحي من هذه الحقبة أيّما استفادة، فهو وإن لم يجاهر كغيره بالعداء للولايات المتحدة الأميركية فإنه فرض مقاربة إعلامية واضحة، وهي تصويره في وسائل الإعلام كرئيس يعكس «حضارة الثورة» إن صح التعبير، وهذا جعل خاتمي سفيرا لإيران في المجتمع الدولي برتبه رئيس للجمهورية.
كان ذلك بينما كان الإعلام يصور الرئيس بوش على أنه باحث عن الحروب والويلات في شتى بقاع العالم، وشتان بين صورة خاتمي الذي يتجول في أسواق العواصم التي يزورها ويحرص على التقاط الصور التذكارية بين شبانها وشاباتها أيضا، وبين صورة الرئيس بوش الذي تسبقه الاحتجاجات أينما وطأت قدماه. والحق يقال أن محمد خاتمي كان يستقبل بالأحضان في كبرى عواصم الشرق والغرب.
ورغم أن المنجز الثقافي في عهد خاتمي قد طغى على القصور الاقتصادي والثغرات التي لم تستطع حكومة خاتمي معالجتها في إيران، فالشعب الإيراني لم يكن أفضل حالا في عهد خاتمي من الناحية الاقتصادية، ولربما قد نسوق المبررات لذلك، لكون فترة رئاسته شهدت كساد سوق النفط العالمية، غير أن خاتمي لم يجرؤ على مواجهة الفئات المتنفذة والمستغلة موقعيتها داخل النظام السياسي، وفشل في مواجهة «الثوار التجار».
خاتمي الذي كان يصور نفسه دائما بأنه صوت المعارضة في هرم السلطة، وأنه حمامة السلام الإيرانية خبأ خلف ردائه الأنيق المشروعات الاستراتيجية المتعلقة بالطاقة النووية، ونتيجة ذلك برز تيار عريض يناصر خاتمي داخل مختلف الشرائح في المجتمع الإيراني، ورغم الاختلاف الواضح بين رؤية خاتمي لمفهوم الدولة ورؤية رجال الدين التقليديين لها، لكنه في الوقت ذاته لم يدخل في مواجهة مفتوحة مع الحوزة، وكان يسعى في حواراته لإثبات أفضلية المزاوجة بين الحوزة والجامعة، في إطار بوتقة النظام الإسلامي الإيراني.
ثمة أمر واضح، وهو أن السيد محمد خاتمي قد كسب الرهان الاجتماعي حين أدرك التغيرات الجوهرية في ملامح الأجيال الإيرانية الشابة التي لم تعاصر بواكير الثورة، وأدرك خاتمي حينها أن هرم الأولويات في الشارع اليافع في طهران لم يكن كما كان في العام 1979.
ولكن الصورة الخاتمية بدت وكأنها في ارتجاج، بعد تداعيات الانتخابات، فمن حق خاتمي أن يستفيد من أخطاء الرئيس محمود أحمدي نجاد، ومن حقه أن يوظفها في مشروع تعزيز الحظوة الاجتماعية وجمع الأنصار، ورفع الرايات الخضر في أرقى أحياء طهران، ولكن إيران أكثر تعقيدا من مجرد شارع مكتظ بالسيارات واليافطات الخضر يهتفون باسم خاتمي (المحرك الخفي - المعلن لوقود الاحتجاجات).
الحقيقة الأخرى في إيران، أن محمود أحمدي نجاد قد كسب ود الفقراء، وهم ليسوا قلة في إيران، كما من غير الوارد إنكار أن أحمدي نجاد استطاع إنجاز مشروعات اقتصادية لا بأس بها في عدد كبير من محافظات البلاد في ظرف قياسي، والصحيح أيضا بأن خطابات نجاد قد ألهبت حماس شرائح ليست قليلة من الإيرانيين رغم ما يشوبها من انفعالات.
الإرث الثقافي والاجتماعي الذي أنجزه السيد محمد خاتمي في فترة وجوده على مقعد التاج الرئاسي، قد يتبدد تدريجيا رغم كثرة الأنصار، فصورة خاتمي الفيلسوف وخاتمي المفكر وخاتمي المثقف، وخاتمي الاتزان وخاتمي الوسطية تكاد تنغمس بعد أحداث الانتخابات وما تلاها في صورة خاتمي النفوذ والسلطة مهما كلف الثمن، وبهذا قد يودع خاتمي سكة «الخاتمية».
من الصعب إثبات أن موجة كثير من الإصلاحيين هي من أجل عيون الثورة لا السلطة، وأنها قوة بأس من أجل الله لا قيصر!
إقرأ أيضا لـ "حيدر محمد"العدد 2616 - الثلثاء 03 نوفمبر 2009م الموافق 16 ذي القعدة 1430هـ
علي نور
لا يا سيدي لقد خانق التعبير، خاتمي لم يكن في يوم من الايام لا رقم كبير ولا حتى صفر على الشمال ، كان بكل بساطة رجل دين انيق سرقت عمامته واستطاع عبر انشاء حملة علاتقات عمامة خارجية ان يعمل damage كبير لبلده كفى الله ايران منه وامثالة ، لا تظلم الرجل بتحميله اوصاف فوق ما يستحق يار جلبتوصيفه بانه رجل نادر . اتق الله
القياس بالإنجازات
الأخ حيدر، وصفت السيد محمد خاتمي برجل الدبلوماسية. لكن مع مقارنة بسيطة بإنجازات حكومة أحمدي نجاد و حكومة خاتمي على الصعيد الدبلماسي يجعلني أعيد النظر في ما ذكرته. على سبيل المثال قارن تطور الملف النووي خلال العهدين و لاحظ الإنجاز الدبلماسي الكبير لحكومة أحمدي نجاد في هذا المجال. و لاحظ إنجاز حكومة أحمدي نجاد في بناء علاقات أكثر من متينة مع دول أمريكا الجنوبية و الشرق الأقصى و روسيا مع غض النظر عن علاقاتها مع دول المنطقة التي تغيرت حسابتها بعد حرب لبنان الأخيرة.
تبدلت صورة خاتمي
خاتمي حتى فترة قريبة كان محبوب من الجميع ( على أقل للمتتبع للشأن الأيراني من بعيد ) حتى قبل فترة الأنتخابات الأخيرة , ولكن بعد الأنتخابات تغير الحال تقريبا 180درجة بسبب مواقف خاتمي من نتائج الأنتخابات و ماحدث بعد الأنتخابات .
أن ترفض تعارض نتائج الأنتخابات شي و تؤيد ( حتي غير مباشر ) ما حدث في ايران بعد الأنتخابات شي اخر .
ربما خاتمي و الموسوي و حتى السيد الرفسجاني صاحب التاريخ الطويل من النضال يمثلون نخبة مثقفة تعيش في وادي و اغلب المواطنين الأيرانيون يعيشون في يعيشون في وادي اخر
عبد علي عباس البصري(اذا ماأرادت ايران)
اذا ما أرادت ايران ان تحيا دوله تملك الغنى والدعه والطمأنينه فعليها ان تدع فلسطين واليهود يعيثون فيها فساد ولا تتكلم وان تسير كما تريد امريكا واسرائيل لا كما يريد الله فلن ترى سوء ولا فقر ولا حرمان ولتصلي ولتصوم ولتحج ولتزور الحسين كيفما تشاء . ولها الشكر والهناء
تجميد
أن قرار خاتمي تجميد العمل بالمفاعل النووي، ادى لمكافأته بالأستقبال بالأحضان في كبرى عواصم الشرق والغرب وتجول في أسواق العواصم التي يزورها وغيرها. السؤال... ماذا استفادة الجمهوريه الأسلاميه من حملة العلاقات العامه هذه؟