تعم سويسرا اليوم موجة جديدة من دعوات توسيع نطاق مشروع «التصويت الإلكتروني»، الذي يبدو أنه يشمل حتى الآن بعض الكانتونات السويسرة فقط، ويتوجه أساسا نحو الناخبين السويسريين القاطنين خارج كانتوناتهم فحسب.
فمنذ يونيو/ حزيران 2008 أصبح، كما يروي موقع «سويس إنفو» في وسع «السويسريين من أهل نوشاتيل والمقيمين خارج الكانتون، التّصويت عن طريق الإنترنت». ووفقا لتقديرات المستشارية الفدرالية، فإنه «من المُقرر اعتماد التصويت الإلكتروني في سويسرا بحلول العام 2015».
من يقرأ عن تجربة التطورالسويسري في مجال التصويت الإلكتروني يلمس بوضوح سيرها في ثلاثة اتجاهات رئيسية صحيحة:
الأول هو الأخذ بمبدأ الإطلاق التدريجي الجغرافي المحدود النطاق، حيث لم تشمل التجربة الكانتونات جميعها دفعة واحدة، بل يجري الانتقال من كانتون إلى الآخر بعد تحقيق النجاح في الأول، مع الحرص على الاستفادة من تجربة الكانتون الرائد، بما في ذلك تجربة نظامه الإلكتروني، كما جرت عليه الأمور بين كانتونات برن ولوتسرن وفو وأوري وأوبفالدن ونيدفالدن، مع جنيف.
الثاني هو اختيار عينة محدودة العدد نسبيا، وإجراء الاختبارات الأولى عليها، حيث مازال حق التصويت الإلكتروني محصورا في السويسريين القاطنين خارج كانتوناتهم الأصلية.
أما الثالث، فهو مراعاة تباينات القوانين والأنظمة المعمول بها في كل كانتون على حدة. هذا ما يبينه رئيس المشروع الفدرالي للتصويت الإلكتروني هانس أورس فيلي، حين يقول «إن النظام الفدرالي يُشكِّل خليط فُسيْفساء متنوِّع وعجيب، فسويسرا تضُـم 26 كانتونا و2614 بلدية، ولكل كانتون، كما لكل بلدية، السيادة التامّة بشأن تنظيم الانتخابات والاستفتاءات».
تثير الخطوات السويسرية هذه في ذاكرة المواطن البحريني خطوة الحكومة الإلكترونية الجريئة عندما حاولت استخدام نظام التصويت الإلكترونية في انتخابات المجلس النيابي في العام 2006.
لم يكتب للتجربة تلك النجاح حينها، لأسباب سياسية أكثر منها تقنية، حيث شكك بعض أطراف المعارضة في قدرة النظام الإلكتروني المقترح على توفير معايير الشفافية المطلوبة والضمانات الملموسة التي تحقق «نزاهة عمليات الانتخاب وإجراءات فرز الأصوات»، ولم تستطع الحكومة الإلكترونية حينها، أن تقنع تلك الأطراف المعارضة بكفاءة شفافية نظام التصويت الإلكتروني المقترح استخدامه. الفشل في الوصول إلى حل وسط، نظرا لظروف كثيرة أحاطت بعمليات الأنتخابات حينها، حال دون استخدام النظام الإلكتروني.
ومنذ تلك الانتخابات، لم يعد المواطن يسمع أي حديث عن ذلك المشروع، الذي نعتقد أن الظروف القائمة اليوم أصبحت ناضجة، والبلاد مهيأة من أجل الإقدام على خطوة في هذا الاتجاه بناء على للأسباب التالية:
1. اقتراب موعد الانتخابات المقبلة التي ستجرى في الربع الأخير من العام 2010، وحاجة هذه الانتخابات إلى محرك مؤتمت (Automated Engine) كفوء، قادر على إدارة العملية الانتخابية، على النحو المطلوب، دون أن يكون سببا في إثارة أية علامات استفهام سياسية.
2. تغير الظروف السياسية المحيطة اليوم عن تلك التي سادت عند انطلاق الدعوة لاستخدام نظام التصويت الإلكتروني، حيث كان الشارع السياسي محتقنا جراء الكشف عن بعض المشروعات السياسية المؤججة للصراع بين السلطة التنفيذية والمعارضة، وانعكاس ذلك سلبا على الكثير من المشروعات التي طرحتها الدولة حينها، ومن بينها كان نظام التصويت الإلكتروني.
3. الخبرة الغنية التي باتت بحوزة الحكومة الإلكترونية، التي نجحت، حتى اليوم، في إطلاق ما يقارب من 100 خدمة حكومية متاحة أمام المواطن متى شأء الاستعانة بها على إنجاز أعماله. هذه الخبرة تمد الحكومة الإلكترونية بالقدرة على إعادة النظر في البرامج المتاحة لاختيار الأفضل منها لضمان الشفافية المطلوبة من لدن المعارضة، أو المترشحين لانتخابات 2010.
4. نضج المواطن البحريني على مستوى الاستعانة بالأنظمة الإلكترونية في تسيير أعماله. فعلى امتداد السنوات الأربع الماضية، انتشرت في البحرين الكثير من المواقع التجارية المحلية على الإنترنت، أو تلك العالمية، والتي شجعت ذلك المواطن على التحول نحو التسوق الإلكتروني أو إنجاز أعماله مستعينا بأنظمة إلكترونية. هذا لا يعني وضع التعقيدات التي يثيرها التصويت الإلكتروني على قدم المساواة مع آليات وإجراءات العمليات الأخرى، وهو ما يؤكده هانس أورس فيلي، حين يقول «نحتاج إلى عقود من الزمان، قبل أن يُصبح التصويت الإلكتروني حقيقة واقعية في جميع أنحاء البلاد وعلى جميع المستويات، ولا ينبغي أن نُقارن التصويت الإلكتروني بالنظام المصرفي الإلكتروني». لكن وصول أي مشروع إلى مرحلة النضج، يتطلب خطوة أولى على طريق تحقيقه، وهو ما تحتاج له البحرين اليوم.
يفصلنا عن انتخابات المجلس النيابي أقل من عام، ومعها تأتي أيضا انتخابات المجالس البلدية، وقبلهما، وقريب جدا، هناك انتخابات غرفة تجارة وصناعة البحرين، وجميعها دون أي استثناء لا تستغني عن نظام تصويت إلكتروني، مع ضرورة السماح لرقابة محايدة معترف بها على مستوى عالمي، وليس هناك جهة بحرينية مسئولة، وبين يديها الحد الأدنى من الصلاحيات، وأكثر تأهيلا من الحكومة الإلكترونية قادرة على الإقدام على الخطوة الأولى، التي يتطلع نحوها المواطن البحريني بكثير من الآمال الممزوجة بشيء من الخوف.
الخوف حاليا من زوبعة سياسية بسبب الإشكالات المعروفة للجميع، وهذه ربما يمكن معالجتها عبر الشفافية وافساح المجال ربما لخطوة تجريبية محدودة، تحت المراقبة المحايدة، كما هو الحال بالنسبة للتجربة السويسرية، على المستويات كافة: جغرافية أم سكانية أم قطاعية.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 2616 - الثلثاء 03 نوفمبر 2009م الموافق 16 ذي القعدة 1430هـ
ملاحظة وإشادة
شكرا على المقال الطيب..
ملاحظة: أعتقد أنه في 2006 كان الجهاز المركزي للمعلومات مسئولا عن التصويت الإلكتروني وليس الحكومة الإلكترونية لأنها أنشأت حديثا كما أعلنوا في حفل 100 خدمة إلكترونية، منذ سنتين فقط..
عموما، أعتقد أن البحرين لازم تخطو هذه الخطوة، ويمكن يكون بالتدريج كما ذكرت بالمقال، بحيث تكون في انتخابات غرفة التجارة، وفي انتخابات الجامعة مثلا، وبعدين في انتخابات البلدية والنيابية، وطبعا المراقبة راح يعطي الموضوع مصداقية أكثر.
الاحباط ... الاحباط ..الياس
تعم سويسرا اليوم موجة جديدة من دعوات توسيع نطاق مشروع «التصويت الإلكتروني»، سويسرادولة ديمقراطية عريقة نحن لانسطيع ضبط الصناديق العامة نستطيع ان ........ اين الثرى من الثريا نقول نحن قربين من سنغفورا الخليج نعم وهذه المقولة نسمعها ونحن طلبة في الاعدادية وكذلك قطار الخليج وفي سنة 1983 وضعت خطة مستسفى المحرق في احدى الصحف ومراحلها الثلاث والى الان وقس على ذلك .... الاترى ان السيف يزرى بحده ... اذا قيل ان السيف خير من العصا ؟؟؟؟؟؟
الاحباط ... الاحباط .....الاحباط ...الى آخر النفس ؟؟؟؟؟