عند الحديث عن ضرورة دعم المبادرة الوطنية لتطوير التعليم والتدريب في مملكة البحرين، فإن معهد البحرين للتدريب (Bahrain Training Institute) يمثِّل نموذجا يستحق البحث والدراسة، فثمة تحديات تواجه المعهد في المستقبل القريب أو البعيد، نذكر منها ما يلي:
1 ـ زيادة موازنة المعهد، فالمعهد شبه حكومي، والدعم المقدم من الحكومة (المجلس الأعلى للتدريب) يقدر بـ 3,5 ملايين دينار سنويا (أي أن المصروفات أكثر من هذا الرقم)، ويقوم المعهد بتغطية النفقات من الدورات المقدمة للقطاعات الاقتصادية والرسوم الدراسية، وكل ذلك سيؤثر حتما على استقطاب الكفاءات والخبرات الداخلية والخارجية.
2 ـ تحديث الموارد الموجودة من أبنية وفصول دراسية ومختبرات تتلاءم مع التطورات التكنولوجية، فقد حصل المعهد على دعم 9,2 ملايين دينار لإجراء عمليات التحديث والتطوير على مستوى الورش والمختبرات.
3 ـ استحداث برامج جديدة مرتبطة بسوق العمل، وهنا لابد للقطاع الخاص أن يساهم في دعم تلك البرامج.
4 ـ الطاقة الاستيعابية والدورات الانتظامية للمعهد تصل إلى 3200 متدرب، أما الدورات القصيرة فهي في حدود 4000 متدرب، والطموح زيادة 35 في المئة طبقا للإحصاءات المتوافرة.
5 ـ النظرة المجتمعية السلبية بالنسبة لتخصص التدريب المهني، فلا توجد (من الناحية الفنية) على الأقل منظومة للمؤهلات للربط بين المهني والأكاديمي، وهذه مشكلة يعاني منها الوطن العربي، إذ لا بد من تغيير الصورة النمطية لدى المجتمع عن التعليم الفني بشكل عام.
إن الخلفية التاريخية تشير إلى تأسيس «مركز التدريب المهني» في العام 1979، إذ كان يقدم الدورات المحلية في التلمذة المهنية كالنجارة واللحام والتكييف وما إلى ذلك، وكان الخريجون حرفيين في مهنة معينة، ويستقطب المتسرِّبين من التعليم، والدراسة التي كانت باللغة العربية، واللافت للنظر هو صرف مكافآت شهرية للمتدربين في تلك الفترة!
في العام 1991 طرأ تحول جذري، فقد تمَّ تغيير المسمى من «مركز التدريب المهني» إلى «معهد البحرين للتدريب»، إذ وضعت له رؤية جديدة، وبرامج تدريبية ذات اعتماد دولي، وأصبحت اللغة الإنجليزية هي الأساسية، وتم تغيير الطاقم التدريبي، وذلك بالاستعانة بالخبرات المحلية والأجنبية، وإعادة هيكلة الأقسام والمختصين من ذوي الكفاءة والخبرة العملية، وإعداد خطة متكاملة لتجهيز المختبرات والورش التدريبية لتتماشى مع المرحلة المقبلة، كما طُرح في العام 1992 أول برنامج على المستوى المهني (الدبلوما الأولى) في بعض التخصصات الهندسية، وتمَّ ربطها بالمؤسسة المهنية البريطانية BTEC، وحصل المعهد العام 1995 على إشادة من البنك الدولي لمبادراته المتميزة وأدائه العالي.
إن استحداث أقسام جديدة مثل : التوجيه والإرشاد المهني، وضمان الجودة العام 1996، وقسم البحوث ودراسات سوق العمل، جعل المعهد أمام مسئولية كبيرة، فالاعتمادية أصبحت مشروطة بربط البرامج التدريبية بجهة الاعتماد الدولي كل في اختصاصه.
ويمكن اعتبار فترة التسعينيات بشكل عام من الفترات المهمة في تاريخ المعهد، إذ بدأت الشركات الصناعية الكبرى والوزارات والمؤسسات الحكومية والقطاع الخاص بدعم برامج المعهد.
تتضح ملامح علاقة المعهد بالقطاعات الاقتصادية عبر اللجان الاستشارية التي يصل عددها إلى 13 لجنة، من ذوي الاختصاص في القطاعين الحكومي والخاص، والغرض منها النظر في مدى ملاءمة البرامج التدريبية مع ما هو موجود فعلا في القطاعات الصناعية من خلال النظر إلى المادة التدريبية والأجهزة والمعدات وتقديم النصائح والإرشادات، كما وأن وجود قسم للبحوث ودراسات سوق العمل ـوالذي أشرنا له سابقاـ يقوم بإجراء مسوحات داخل وخارج المعهد، للتعرف على التغذية الراجعة (FEEDBACK) ومستوى البرامج التدريبية، وتؤخذ بشكل علمي كبحوث قابلة للنشر، هذا إلى جانب مركز توظيف الخريجين، والذي يقوم بعملية متابعة الخريجين في سنواتهم الأخيرة، وإعدادهم لسوق العمل من حيث تأهيلهم واستعدادهم لمقابلات التوظيف.
وإيمانا من المعهد بضرورة متابعة المتدربين المكفولين من قِبل الشركات والمؤسسات والوزارات، فقد تمَّ تشكيل قسم العلاقات الصناعية، إذ تعقد اجتماعات دورية معهم بقصد تقييمهم، والقيام بإعداد زيارات ميدانية للمتدربين إلى الشركات للاطلاع عن كثب على مواقع العمل، كما ويقوم مركز التدريب الخاص بالمؤسسات بتصميم وتسويق الدورات التدريبية والشهادات الاحترافية.
ثمة مبادرة أخرى تتعلق بتدريب المدربين داخل المؤسسات الصناعية بهدف تحديث معلوماتهم وإكسابهم المهارات الجديدة، وإطلاعهم على ما هو جديد في مجال تخصصهم، ومتابعة الخريجين عبر برامج تنسجم تماما مع سوق العمل، فعلى سبيل المثال فقد تمَّ إقفال برنامج الخياطة والتصميم بسبب إغلاق المصانع، وفي المقابل ونظرا للإقبال المتزايد على صناعة السفر، فقد تمَّ إنشاء أكاديمية السفر قبل عام ونصف تقريبا، والاستعانة بخبرات لها ثقلها في هذا المجال.
إن الفعاليات المتنوعة للمعهد إنما تصب في اتجاه منح المتدربين فرص الالتحاق بوظائف مناسبة فهناك على سبيل المثال : أسبوع المهن (والذي يُقام سنويا) بمشاركة المؤسسات والشركات لعرض وظائفها والتعرف على الخريجين، ومشاريعهم الخاصة بالتخرج، كما أن المؤتمر المقبل «الاعتمادية الدولية في التدريب» بمشاركة متحدثين من أميركا وبريطانيا وأستراليا وغيرها، والذي سينطلق في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الجاري 2009 برعاية وزير العمل إنما يأتي تماشيا مع مشروع تطوير التعليم والتدريب والرؤية الاقتصادية 2030.
ما يدعو إلى الاطمئنان على مستقبل التدريب هو حصول المعهد على شهادة التميز كأفضل مؤسسة تدريبية على مستوى الشرق الأوسط من المؤسسة المانحة للشهادة (EDEXEL)، إذ يعتبر المعهد الأكاديمية الإقليمية في مجال تقنية شبكة المعلومات (CISCO).
ومؤخرا (أعني بداية هذا العام 2009) حصل المعهد على لقب أفضل أكاديمية (CISCO) على مستوى منطقة الخليج وشمال إفريقيا وباكستان، مما جعل المتدربين البحرينيين يحرزون مراكز متقدمة في المسابقات العالمية، فقد شارك المعهد مرتين متتاليتين في مسابقة تنظمها جمعية مهندسي السيارات في أميركا، ففي المرة الأولى حصد المعهد المركز 13 من أصل 34، والمرة الأخرى المركز 19 من أصل 45 جامعة أو كلية معروفة، فقد استطاع خريجو المعهد الدخول في منافسات من الناحيتين العلمية والتقنية، إلى جانب المهارات التي اكتسبوها خلال فترة تدريبهم، والتي تُضاهي نظراءهم على المستوى العالمي، وعلى مستوى المنطقة فإن مشاركة بعض متدربي المعهد في عدد من التخصصات في المسابقة الخليجية للمهارات والتي أُقيمت في أبو ظبي في مارس/ آذار 2009 كانت خير شاهد على ذلك.
تبقى المسئولية الاجتماعية (Social Responsibility) حاضرة في الدور الذي يضطلع به المعهد، فبالإضافة إلى الإعفاء من تسديد الرسوم بالنسبة للمتدربين من الفئات المحتاجة بعد دراسة حالتهم، يقوم المعهد بتدريب ذوي الاحتياجات الخاصة في مجال تصميم الذهب والمجوهرات منذ العام 2004، وتقديم دورات للفئة نفسها في مجال تقنية المعلومات، ودورات متخصصة للأيتام بالتعاون مع المؤسسة الخيرية الملكية وسيتي بنك، ومع المجلس الأعلى للمرأة من خلال تنظيم دورات في الخياطة لربَّات البيوت، بحيث يمارسن تدريبهن بتمويل من صندوق العمل (تمكين)، وبرنامج عمل المرأة في المجال المصرفي، علما أن نسبة النساء العاملات في المعهد تقع بين 32 في المئة إلى 34 في المئة، و25 في المئة من المراكز القيادية.
إننا بحاجة إلى التنسيق بين مبادرات التدريب المختلفة تماما كالدول الصناعية، وإذا أردنا حقيقة أن ننفتح أكثر على جوهر المجتمعات الصناعية المتطورة فعلينا أن ندرك ـ على سبيل المثال ـ أن من أهم خصائص الشعب الياباني التي قادته للنجاح هو «التدريب والتأهيل القاسي قبل دخول سوق العمل».
إقرأ أيضا لـ "فاضل حبيب"العدد 2615 - الإثنين 02 نوفمبر 2009م الموافق 15 ذي القعدة 1430هـ
ضحكتني
اولا شكراً للأستاد فاضل على الموضوع
بس للأسف شكلك منتا عايش ويانا
معهد البحرين بين قوسين " خرطي "
والسبب في القرارات الغبية للوزارة
امر شبه مستحيلل
اذا كنا نحن طلبة جامعة البحرين لم نحصل على هذه الامتيازات ولا حتى الجامعة حصلت عليها فهل من الممكن ان يحصل عليها معهد البحرين للتدريب لا اعتقد
خريجة جامعة البحرين
شهادة معهد البحرين من أقوى الشهادات وتوازي شهادة جامعة البحرين وتفوق شهادة الجامعات الخاصة فطلبة معهد البحرين من خيرة الطلبة ودراستهم قوية ولسنوات طويلة فأرجو انصافهم فأنا لآاحس بأنا مستوانا نحن خريجي جامعة البحرين أفضل منهم والحق يقال
في انتظار اعتراف الجامعة ومجلس التعليم العالي
إذا اعترف مجلس التعليم العالي وجامعة البحرين بالمعهد عندها سيكون معهدا "محترما". المطلوب من مجلس التعليم والجامعة الإعتراف ومعادلة المواد بمواد الجامعة وفتح المجال أمام طلبة المعهد بمواصلة الدراسة والبكالوريوس والدراسات العليا حتى يعترف بهذا المعهد والذي هو في الحقيقة متطور عن الجامعة في عدة مجالات.
ثم أين مجلس التنمية الإقتصادية وكيف لا يسعى لفرض مؤهلات المعهد على الشركات الكبيرة من أمثال بتلكو وبابكو وألبا وغيرهم.
تحياتي
تحية
أولا أود تقديم الشكر للأخ الصحفي فاضل حبيب وأتمنى وصول رسالتك إلى الأطراف المعنية .. ونتمنى طرح المزيد من المعلومات عن معهد البحرين حتى تتغير مفاهيم الناس الخاطئة عن المعهد ..
لماذا
لماذا لا يتم الإعتراف بشهادة المعهد محليا مع العلم بأن طلبة وطالبات معهد البحرين لديهم الكفاءة ومؤهلين لسوق العمل بدرجة اكبر من الجامعات.
ولماذا نرى هذه النظرة الدنيئة من الناس حين تقول لهم أنك خريج معهد البحرين ينظر إليك وكأنه لا شهادة ولاعلم لديك وما أن تقول أنك من خريجي جامعة البحرين وكأنك أنجزت شيئا ما كالأبطال!!!!!!!!!