أثار استمرار ظاهرة انتحار العاملين في فرنسا، موجة من القلق المتنامي والتساؤلات الملحة بشأن أحوال العمل التي تفرضها الأساليب الإدارية المتسعفة. وتحتل فرنسا المركز الثالث على قائمة الدول التي تسجل أعلى معدلات الانتحار بين العاملين في العالم، بعد الولايات المتحدة وأوكرانيا.
وأفاد اتحاد العمال العام، أكبر نقابية عمالية في فرنسا، أن معدل انتحار العاملين يبلغ نحو 400 عامل في السنة، لأسباب تتعلق بمدى صعوبة ظروف العمل.
هذا وزامن تقرير لمنظمة العمل الدولية مفاده أن سياسات التجارة الحرة تتسبب في تدهور أحوال العاملين في مختلف أنحاء العالم، مع نشر معلومات عن انتحار 24 موظفا في كبرى شركات الاتصالات الفرنسية «فرانس تيليكوم»، على مدى 18 شهرا الأخيرة، أربعة منهم في سبتمبر/ أيلول الماضي وحده.
وتبين في جميع هذه الحالات أن الضحايا كانوا قد قالوا تكرارا إنهم على وشك الانتحار بسبب أحوال العمل والضغوط غير القابلة للتحمل التي يخضعون لها.
وصرح القيادي النقابي في شركة الاتصالات الفرنسية، باتريس ديوشيت، لوكالة إنتر بريس سيرفس، بأن الموظفين المنتحرين «كانوا يعملون جميعهم في قطاعات في (فرانس تيليكوم) معروفة بقسوة مناخ العمل».
يشار إلى أن «فرانس تيليكوم» كانت تابعة إلى القطاع العام حتي العام 1998 حين خصصت. فألغت الإدارة 22,000 وظيفة في السنوات العشر التي تلت خصصة الشركة، وفرضت سياسة التناوب والدوريات المستمرة على العاملين من الفئات الدنيا والمتوسطة.
ونتيجة للاحتجاجات العمالية، قررت «فرانس تيليكوم» إبطال العمل بسياسة التناوب والدوريات، وأقامت حواجز حول مبانيها لتخفيض عدد حالات الإنتحار.
لكن هذه السياسة لا تقتصر على «فرانس تيليكوم» وحدها، فتمارسها كبرى الشركات الفرنسية عموما، التي سجلت غالبيتها عدة حالات انتحار بين العاملين بها على مدى الشهور الماضية.
فقد انتحر عمال في شركتي صناعة السيارات «رينو» و «بوجو» في العامين الأخيرين، تاركين رسائل شرحوا فيها أنهم أقدموا على الانتحار بسبب أحوال العمل.
وحذرت النقابات العمالية وعلماء النفس في دول أوروبية أخرى من تعاظم حالات الإصابة بالضغوط النفسية في أماكن العمل.
فصرح لوران فوغيل، من معهد النقابات العمالية في بروكسل، لوكالة إنتر بريس سيرفس، أن ظاهرة الإنتحار بسبب أحوال العمل لا تقتصر على فرنسا، «فيعتبر على الأقل 27 في المئة من العمال في دول الإتحاد الأوروبي، أن صحتهم وسلامتهم معرضتين للخطر بسبب الأعمال التي يضطلعون بها».
العدد 2614 - الأحد 01 نوفمبر 2009م الموافق 14 ذي القعدة 1430هـ
والدور قادم لموظفي .....
مع موجة تسريح العمال في كلتا الشركتين