133 ضحية بحرينية من مرضى السكلر، فقر الدم المنجلي أو مرض الخلايا المنجلية، هذا العدد هو ما حصدته السنوات منذ 2005 وحتى 2009 م من مواطني مملكة البحرين ممن يعانون من هذا المرض، 133 عدد كبير جدا بالمقارنة لما يجب عليه أن يكون، فيما لو توفرت أسباب الرعاية الصحية في حدها الأدنى لهذه الشريحة المجتمعية.
يؤكد المهتمون بشأن هذه الشريحة وعلى رأسهم جمعية البحرين لرعاية مرضى السكلر، أن 18 ألف مواطن مصاب بهذا المرض، ومن 56 إلى 68 ألف مواطن حامل له، وهو عدد كاف لاعتباره مرضا يستحق أن تقوم الجهات المختصة بوضع خطة وطنية رسمية ترصد لها من موازنة الدولة ما يكفل نجاح برنامجها لتقديم الرعاية الصحية لشريحة المواطنين المصابين بهذا المرض، إذا ما قورن بأمراض أخرى يعاني منها عدد من المواطنين في البحرين.
هذا التهاون والتجاهل المفضي لسقوط ضحايا من المواطنين، يثير تساؤلا مهما وهو: على من تقع المسئولية؟ هل وزارة الصحة هي المسئولة؟ أم الحكومة بصفتها السلطة التنفيذية؟ أم مجلس التنمية الاقتصادية، الموازي للحكومة؟ أم الدولة؟
هذا التساؤل لم يأت من فراغ، وإنما جاء بعد أن تأكد للمعنيين والمراقبين والمهتمين بهذه المشكلة، أن طرف المسئولية المباشر - وزارة الصحة - قد فشل في الخروج بحل يكفل الحفاظ على حياة المواطنين، بل إنها من جهة والمرضى من جهة أخرى باتا يدوران في حلقة مفرغة، بعد أن تصاعدت الأصوات وتعالت النداءات ورصدت القضايا ووثقت الحوادث، واستجوب الوزير في خصوص قضية من قضايا هذه المشكلة، فلم يعد بوسع الوزارة أن تقطع النزاع في الأمر بل أصبحت واحدة من الجهات التي تعاني من مشكلة العجز عن إيجاد حل للمشكلة. ولعل ذلك ناتج عن الموازنة التي تخصص للقيام بدورها المنوط بها، أو ناتج عن فقدان القدرة الإدارية على ترتيب الأولويات للحفاظ على حياة الناس.
بل إنها فشلت حتى على مستوى إعداد بروتوكول خاص بعلاج مرضى السكلر، وهو من الأمور التي لا تكلف أكثر من حبر على ورق يهتدي به الممارسون للطبابة فيلتزمون - من خلاله - بأبجديات العلاج في خطوات نموذجية شاملة لتحذيرات وإرشادات تقلل من وقوع الأخطاء - غير المقصودة - كل ذلك لم يتم حتى الآن، وهي خطوة لا تكلف من المال ولا الجهد شيئا، على رغم صدور وعود مضى عليها ما يقارب العام من الوزارة. بعد أن اتضح فشل قدرة الوزارة على تحمل المسئولية، أليس من الطبيعي أن تتعدى المسئولية لتصل إلى الحكومة؟ وأين تخطيط الحكومة ودعمها للوزارة لتخطي آثار ما وقعت فيه من فشل أودى بحياة مواطن تلو آخر في مسلسل مرعب، كشف عن قصور أو تقصير في الحفاظ على حياة الناس.
أين التطلع والحلم والطموحات يا مجلس التنمية الاقتصادية؟ أليست هناك الرؤية الاقتصادية 2030 الشاملة؟ المرتكزة على الاستدامة والتنافسية والعدالة؟ وتتطلع من خلال المبادئ الاساسية للرؤية في جزء العدالة منها إلى أن «العدالة في المجتمع تعني معاملة الجميع بالتساوي بموجب القانون وتطبيق المعايير الدولية لحقوق الانسان وتعني أيضا إعطاء الجميع فرصا متكافئة للحصول على التعليم والرعاية الصحية وتقديم الدعم للمحتاجين».
أما في باب الطموحات على مستوى الاقتصاد والحكومة والمجتمع، فالنقطة 3-2 من الرؤية الاقتصادية تؤكد على تمكين جميع المواطنين والمقيمين في البحرين من الحصول على رعاية صحية ذات نوعية عالية، «سوف تصبح البحرين مركزا رائدا للطب الحديث والرعاية الصحية المتطورة في المنطقة، وسيكون في متناول جميع المرضى حرية الاختيار بين مقدمي الرعاية الصحية في القطاعين العام والخاص بحيث تستوفي جميع المؤسسات الصحية المعايير العالمية في تقديم خدماتها».
الدولة بكل مؤسساتها القديمة والحديثة والفاعلة والمعطلة، القادرة والمشلولة هي التي يجب أن تتحمل هذه المشكلة، إذ اضح جليا أن وزارة الصحة والحكومة والمجلس قد فشلوا جميعا رغم الأدبيات البراقة، والتصريحات الرنانة في تقديم الرعاية الصحية لجميع المواطنين، ما أدى إلى تهديد حياة كل فرد يعاني من مرض السكلر عندما يصل إلى المرحلة الحرجة الحاجة الماسة إلى تقديم الرعاية التي تحول دون فقدانه لحياته التي لا يمكن تعويضها بشيء.
أليس في الدولة ملايين الدنانير، تصرف للدخول في مشاريع استثمارية، قد تنجح وقد تفشل، في حين لا يستثمر في جانب الرعاية الصحية لهذه الشريحة من المرضى معشار منها؟
في صحيفة «الوسط» وبتاريخ 26 أكتوبر/ تشرين الأول 2009 نشر لقاء مع بعض مسئولي وزارة الصحة أدلوا فيه بأن مشروع مركز أمراض الدم الوراثية سيتم البدء فيه العام المقبل وسيستغرق بناؤه عاما واحدا، وأن موازنته مرصودة. وهذا الخبر يفتح أفق التفاؤل بعد أن ساد أفق التشاؤم وغيبت حياة مواطنين جراء التأخر في إقراره، ومن جهة أخرى يفرض على المعنيين في الوزارة التعاطي مع المصابين بأمراض الدم الوراثية «السكلر» بصورة خاصة، وبذل كل ما يمكن بذله للحفاظ على حياة المصابين به، ففي اليوم الذي سبق الإعلان عن هذه المقابلة كانت الضحية الأخيرة ذات الـ 26 عاما قد فارقت الحياة في 25 أكتوبر، لأسباب تكررت في حالات المرضى الذين فقدوا حياتهم قبلها وعلى ذات الأسباب النمطية، حيث وصل عددهم للرقم 133، فهل نتوقع أن يكون العدد 155 حتى تنتهي الوزارة من بناء المركز؟
إقرأ أيضا لـ "هادي حسن الموسوي"العدد 2613 - السبت 31 أكتوبر 2009م الموافق 13 ذي القعدة 1430هـ
ـــــــــــــــ
إضافة صغيرة للعنوان:
أم للناس أنفسهم
لان احنا فقراء
على فكرة مرضى السكلر اذكياء جدا ولكن الحكومة تبي تقضي عليهم وتضيق كل الوسائل عليهم
الله على الظالم
لا علاج ولا وظائف عدله والحكومه غافلة عنا فالحه بس حق التجنيس
إحصائيات بدون مصدر
الكاتب المحترم! من أين جئت بإحصائية عدد الذين توفوا جراء الاهمال ومن هذا المرض ؟