هل يمكن اعتبار الحرب الإسرائيلية على غزة جزءا من سياسة الرئيس الأميركي المنتخب باراك أوباما (الذي يتسلم الرئاسة في 20 يناير/ كانون الثاني الجاري)؟ أم أنها - كما يردد أوباما - أن أميركا تحكمها إدارة واحدة فقط في أي وقت من الأوقات، وبالتالي فإنه سيلتزم الصمت إلى حين تسلمه مهامه رسميا؟
غير أن نوايا أوباما تجاه الشرق الأوسط لها مؤشراتها الحالية... فوزيرة خارجيته ستكون هيلاري كلينتون المرتبطة بصورة وثيقة باللوبي الإسرائيلي، كما أن أوباما أعلن عن نيته تعيين «دينيس روس» في إدارته وإن روس سيتسلم ملف الشرق الأوسط، وهو المعروف عن سياسته التي تعتمد على مساندة «إسرائيل» في كل شيء، وكان قد بدأ حياته السياسية موظفا في اللوبي الإسرائيلي «إيباك». كما وأعلن أوباما عن نيته تعيين «دانيال شابيرو» مسئولا عن ملف الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي، وشابيرو كان مسئولا في الفريق الانتخابي لأوباما عن العلاقات مع الجالية اليهودية الأميركية.
في هذه الحال، فإن اللوبي الإسرائيلي (المتمكن من إدارة بوش الابن) ربما أراد تقديم هدية إلى اللوبي الإسرائيلي المقبل (الذي سيحيط بالرئيس المنتخب) وذلك عبر محاولة تصفية حركة «حماس» قبل تسلم أوباما الرئاسة... وبالتالي يمكن لوزيرة خارجيته المقبلة أن تبدأ مع حكومات المنطقة من دون وجود لحكومة فلسطينية منتخبة تؤمن بحقها في مقاومة الاحتلال. ربما أيضا إن شعار أوباما الذي تحدث عن «إمكانية إحداث التغيير» لا يشمل السياسة الخارجية الخاصة بالشرق الأوسط، إذ يبدو أنها ستسير على طريق سلفها.
لعل التشكيلة المقبلة في الإدارة الأميركية المعنية بالشرق الأوسط لا تبشر بالخير بالنسبة إلى العرب والمسلمين، ولعل بشائرها هي ما نراه حاليا من مذابح في غزة. ولربما إن الشخص الوحيد المختلف عن هذه التشكيلة هو قائد القوات المركزية الأميركية ديفيد باترويس الذي أشار في محاضرة له قبل أيام إلى أنه يرى أسلوبا آخر لإستراتيجية أميركا في المنطقة، وأن الخطر المقبل على المصالح الأميركية يأتي من أفغانستان وما يجري في باكستان والهند، وأن ذلك يتطلب نقل الاهتمام والإمكانات إلى تلك المنطقة، وهذا ما يعني - بصورة ضمنية - ضرورة الحفاظ على وضع أهدأ في منطقة الشرق الأوسط... ولكنه شخص واحد مقابل طاقم متكامل مرتبط باللوبي الإسرائيلي.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 2319 - السبت 10 يناير 2009م الموافق 13 محرم 1430هـ