اجتمع الأدباءُ والكتابُ العربُ في مدينةِ سرت، بالجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمي، في الفترةِ من 18- 22 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، ولما كان الوطنُ العربيُ كلُهُ يحتفلُ هذا العامَ بالقدسِ عاصمة للثقافةِ العربيةِ، فقد عُقدتْ الدورة تحت اسمِ «دورة القدس»، وقد رأى المجتمعون أن يعبروا عن موقفهم من القضايا المصيرية في وطنِهم، وفيما يدورُ حولَهم، فأصدروا هذا البيان.
إن أعضاء المؤتمر يجرمون ما يقوم به الكيان الصهيوني في المدينة المقدسة من محاولاتٍ للتهويد والأسرلة، ومحوِ الهويةِ العربية، وبناءِ المستوطناتِ علي أرضِها، واقتحام الأماكنِ المقدسةِ فيها، والإصرارِ على الحفرِ تحت المسجدِ الأقصى، وطردِ أهلِها من الفلسطينيين، وعدمِ احترامِ أيةِ أعرافٍ أو قوانين دولية، ويناشدون أصحابَ الضمائرِ الحية، في كل مكان، أن يهبوا للوقوفِ ضد ما يفعله العدوُ الصهيوني، والمطالبة بحق العودة للاجئين الفلسطينيين إلى أرضهم، وإقامة دولتهم المستقلة على كامل ترابهم الوطني، وعاصمتها القدس، ويطالبون الهيئات الدولية المعنية بالتدخلِ العاجل، والفوري، لوقف الممارسات الإسرائيلية على الأرضِ المقدسة، التي باركها سبحانه وتعالى.
كما يؤكدُ المجتمعون أن القضية الفلسطينية هي القضية المركزية للعربِ جميعا، ويعلنون رفضهم للاعتداءات الإسرائيلية علي الفلسطينيين العزل، التي شهد عليها غولدستون في تقريره، ويطالبون الدول العربية بالسعي لاستصدار القرارات اللازمة لمحاكمة مجرمي الحرب الصهاينة، كما طالبنا من قبل في بيانات الاتحاد.
ويدين الأدباء والكتاب العرب إصرار الصهاينة المدعومين من الإدارة الأميركية، على تجويع الشعب الفلسطيني، ومحو هويته، وحصاره، وحبسه خلف الأسوار العنصرية. ويهيبون بالأشقاء الفلسطينيين أن يوحدوا صفوفهم، وأن يسعوا لتحقيق المصالحة حتى لا تضيع قضيتهم وهم يتصارعون، ويتمنون على الأشقاء العرب والمسلمين تقديم الدعم اللازم لتثبيت المرابطين على الأرض الفلسطينية.
وإذ يحيي المؤتمرون المقاومة الباسلة للشعب العربي في فلسطين، ولبنان، والعراق، فإنهم يطالبون الشعوب العربية، التي يحتل أرضها الأعداء، أن يرفعوا سيف المقاومة في وجه الغاصبين، حتى تتحرر الأرض السليبة. وينتظرون اليوم الذي تندلع فيه شرارة المقاومة السورية في الجولان الذي طال أسره، حتى لا يظن العدو الصهيوني أننا نسينا أرضنا، أو فرطنا فيها. كما نتطلع لتحرير أي أرض عربية، بكل الوسائل المتاحة، بما في ذلك القوة المسلحة، على اعتبار أن المقاومة حق لكل الشعوب المحتلة.
ويعلن الأدباء والكتاب العرب تمسكهم بحق دولة الإمارات العربية المتحدة في استرداد جزرها الثلاث (طنب الكبرى، طنب الصغرى، وأبو موسي) التي تحتلها إيران، وضرورة دخول الشقيقة المسلمة في حوار مع الإمارات حول هذه الجزر، أو اللجوء إلى المحكمة الدولية، حتى لا تكون هناك مماثلة بين الشقيق المسلم والعدو المحتل.
ويناشد أعضاءُ المؤتمر الرابع والعشرين للأدباء والكتاب العرب، أمتهم وقادتَها، أن ينتبهوا إلى المحاولاتِ الدائبةِ لأعداء هذه الأمة، لزرع الفتن والانقسامات بين أبناء الشعب الواحد، في كل من: فلسطين، واليمن، والعراق، ولبنان، والسودان، والصومال، ومصر. ويطالبونهم بنبذ التفرقة الدينية، والطائفية، والمذهبية، سعيا لغد مشرق تظلل فيه الوحدة شعبنا العربي بإذن الله.
ومن على أرض الجماهيرية العربية الليبية المناضلة، ننبه إلي ضرورة السعي للحفاظ علي الوحدة بين شمال وجنوب السودان، ومعالجة الوضع في دارفور بحكمة، لأن تقسيم السودان ـ لا قدر الله ـ يمثل انتصارا لفكرة التقسيم والفرقة، ولا يحقق إلا مصالح العدو.
ويطالب المجتمعون الأشقاء في اليمن بعدم الانسياق وراء أفكار الانفصال بين الشمال والجنوب، وتحكيم العقل، والمحافظة على منجز الوحدة، مذكرين بأن هذا العصر هو عصر الوحدة لا عصر الانقسامات، ولنا فيما حدث بين شطري ألمانيا أسوة حسنة، كما يطالبون بالوصول إلى إنهاء الصراع بين أبناء القطر الواحد، حتى لا تتمزق الأوطان بسبب مصالح ضيقة لا تخدم أهداف الأمة العربية.
ويضم الأدباء العرب المشاركون في المؤتمر الرابع والعشرين صوتهم إلى صوت معمر القذافي، قائد الثورة الليبية، في مطالبته بضرورة إصلاح الأمم المتحدة، من أجل تحقيق المساواة والعدالة بين الدول الأعضاء.
ويقف الأدباء والكتاب العرب المجتمعون في سرت بكل حزم ضد الهجمة الفكرية الظلامية المتطرفة أيّا كان مصدرها، التي لا تعترف بالآخر، ولا بالتعددية، وتداول السلطة، والديمقراطية، ويؤكدون انحيازهم لكل ما يحقق الانفتاح، والنماء، والتسامح، عبر الحوار، طريقا واحدا آمنا وحضاريا.
ولأن الندوة المصاحبة للمؤتمر الرابع والعشرين كانت تحت عنوان «المثقف والهوية في عصر العولمة» فإن أعضاء المؤتمر يلفتون الأنظار إلي ضرورة الحفاظ على الهوية، وعدم الاستسلام لمحاولات القضاء علي الخصوصية، وتهميش الثقافة العربية، وتهديد لغة القرآن، والتهوين من قيمة التراث، وإدخال قيم مضادة للأعراف والعادات والتقاليد، بما يؤدى لتحويل الإنسان العربي إلى مسخ لا هوية له.
إن الثقافة العربية الإسلامية التي قدمت للعالم أئمة الفقه، وابن سينا، والبيروني، والزهراوى، والجاحظ، والمتنبي، وابن رشد، أمانة بين أيدينا.
إن اللغة العربية أمانة بين أيدينا.
إن تراثنا الشعبي بما فيه من فنون وآداب وإبداع لاحدود له أمانة بين أيدينا.
إن قيمنا الأصيلة أمانة بين أيدينا.
وإن ضيعنا هذا كله، أو بعضه، فقد ضيعنا أمتنا، وهيهات أن نرضى لأنفسنا بهذا.
وفي إطار حديثنا عن الهوية نحذر من هيمنة الإعلام الاستهلاكي الذي سيطر علي أجهزة الإعلام العربية في الفترة الأخيرة، وتراجع اللغة العربية فيه، وتراجع القيم الدينية، والتاريخية، والاجتماعية، وقيم الانتماء أمام سلطة الإعلانات، ورأس المال المعلن.
ويكرر المؤتمرون مطلبهم السابق بضرورة الاهتمام باللغة العربية في التعليم، والإعلام، والإعلان، حفاظا علي الهوية. كما يكررون مطلبهم السابق بضرورة تدخل الجامعة العربية لدى الحكومات من أجل إزالة العوائق أمام انتقال الكتاب العربي بين الدول العربية، تصديقا لما جاء في توصيات الندوة المصاحبة لهذا المؤتمر.
ومما يود الأدباء والكتاب لفت الأنظار إليه، قضية الحريات العامة للمواطن العربي، فالإنسان الذي لا يتمتع بالحرية لا يستطيع المساهمة في بناء مجتمع حر، ولعلنا في هذا المقام نتذكر ما قاله الفاروق عمر: متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟
ويؤكدون، وسيظلون يؤكدون، أن الحرية هي البوابة الوحيدة للمستقبل، وفي هذا الصدد فإن المؤتمرين يحيُّون تقارير الحريات الأربعة الصادرة خلال الدورة الماضية.
وتتويجا لأعمال هذا المؤتمر، ونظرا لما يستشعره الأدباء والكتاب العرب من أخطار على الثقافة العربية، واللغة العربية، والقيم العربية، فقد اجتمعت آراء المؤتمرين جميعا على توجيه نداء عاجلٍ إلى قادة الأمة العربية لعقد قمة ثقافية، أسوة بالقمة الاقتصادية العربية، لما لذلك من أهمية قصوى في المرحلة الحالية التي تستهدف فيها الثقافة العربية... مؤكدين أن الثقافة هي حجر الأساس في بناء الإنسان العربي وحصنه الأخير، وأنها لا تقل أهمية عن الاقتصاد والسياسة، فليس بالخبز وحده يحيا الإنسان.
العدد 2610 - الأربعاء 28 أكتوبر 2009م الموافق 10 ذي القعدة 1430هـ
ما المتوقع بالله عليكم
الحفاظ على اللغة العربية والثقافة والقيم الدينية و ... و... ليس أولوية عن الحكام العرب؛؛ الأولوية البقاء في سدة الحكم ولو على حساب كل ما ذكر سابقاً.