منذ بدء عهد الإصلاحات السياسية في البحرين في ربيع العام 2001، فإن مفردة التغيير كانت حلما يراود النخب السياسية والاجتماعية وكذلك القاعدة الجماهيرية.
غير أن أحدا لم يجرؤ على إثبات أن التغيير مهمة سهلة المنال، والدليل أن وتيرة التقدم في المشروع السياسي لم تواكب حلم الشارع بالتغيير، وأصحاب السلطة السياسية غالبا ما يقرون بذلك، ولكن يربطون مؤشر التقدم في العملية السياسية بمجموعة من العناصر وأهمها على الإطلاق البعد الإقليمي.
فالبحرين وعلى الرغم من كونها السباقة - مع الكويت - في العمل السياسي المنظم منذ أوائل خروج الاستعمار الأجنبي عن منطقة الخليج، إلا أنها تؤكد دائما أنها لا تستطيع الخروج عن السكة الخليجية المحافظة سياسيا، وقد يكون التأخر غير المشروع مقترنا بذريعة التدرج المنطقي ومراعاة الخصوصية الاجتماعية.
اليوم بعد عشرة أعوام من ولوج الإصلاح السياسي، فإنه يفترض بأن جناحا البحرين: الدولة والمجتمع قد وصلا إلى سن الرشد الذي يؤهلهما للسير قدما في المرحلة الثانية من مسلسل الإصلاح، وهي مرحلة لها طموحاتها وتحدياتها المختلفة.
قد لا يختلف اثنان اليوم - بأن «العقد الإصلاحي في سنواته العشر» - لم يستطع القضاء على مشكلات كبيرة وجوهرية، ومنها التوافق على الخطوط العريضة للجنين السياسي، فالقضية الدستورية لم تحسم بعد، وصلاحيات المجلس المنتخب تراوح مكانها، والفساد الإداري والمالي ليس غائبا عن الحياة اليومية في الكثير من المؤسسات الرسمية والخاصة، إلا أن ثمة تحد آخر، هو الذي يشكل - في نظرنا - التحدي الأول وبلا منازع في المشروع السياسي البحريني، وهو تحدي التمييز وعدم تكافؤ الفرص، وهذا الأمر يشمل التشكيلة الوزارية والتشكيلة البرلمانية وغالبية دهاليز الحياة اليومية.
قد لا يكون هدف التمييز عن سبق إصرار وترصد، وإنما هو ناشئ من حالة نفسية طاردة للآخر، بسبب عدم نجاح طرفي العملية السياسية (السلطة والناس) في بناء علاقة توافقية مبنية على الثقة.
كما أنه ليس من الخفي على أحد، بأن «عدم عدالة توزيع الثروة» يشكل عائقا جوهريا ملموسا في وجه أي مشروع «زواج سياسي»، ذلك أنه لا يمكن إقناع أطراف كثيرة من المجتمع بجدوى المشاركة في الزيجة السياسية طالما لم يجنوا ثمارها بشكل واضح.
آمال بحرينية كثيرة ومتشعبة معلقة على 2010 الذي نطمح أن يكون عام التغيير بجدارة، فالتشكيلة الحكومية المقبلة يجب أن تراعي مسألة التوازن الاجتماعي وكذلك المؤسسة البرلمانية التي يغيب عنها التمثيل الشعبي العادل بسبب إجحاف الدوائر الانتخابية.
من المبكر الحديث، إن كان بوسع الجناح الإصلاحي في البحرين أن يتخلص من بعض الوجوه والممارسات التي اعتاد عليها الناس لفترات طويلة، ولكن المؤكد أن تحقيق ذلك شرط أساسي لإثبات الرغبة والقدرة على التغيير.
إننا مقبلون على عام الانتخابات، ومن نافلة القول التأكيد أن الانتخابات النزيهة مقدمتها هي عدالة الدوائر الانتخابية، فحتى لو حصلنا على شهادة «الآيزو» عن جودة العملية الانتخابية فإنها ستبقى قاصرة لكون المقدمات (المتمثلة في النظام الانتخابي) خاطئة وغير منصفة.
2010 هي فرصة ذهبية للتوافق السياسي وللتطور الاجتماعي وللحراك الاقتصادي، ولجني ثمرات المبادرات المتميزة في التعليم والتدريب ومواجهة البطالة.
على أية حال، من حق الناس أن يحلموا بالبحرين الأجمل، وبالملكية الدستورية وما تعنيه من شراكة سياسية حقيقية قائمة على توزيع أكثر عدلا للسلطة والثروة.
2010 من المؤمل أن تشهد مخاضا سياسيا واجتماعيا كبيرا، وربما سنشهد إعادة غربلة للسلطة وللمجتمع بحثا عن مساحات رحبة في البيئة الجاذبة للعيش المشترك.
إقرأ أيضا لـ "حيدر محمد"العدد 2609 - الثلثاء 27 أكتوبر 2009م الموافق 09 ذي القعدة 1430هـ
أقول كلمة واحدة فقط ...
عشم إبليس في الجنة