العدد 2607 - الأحد 25 أكتوبر 2009م الموافق 07 ذي القعدة 1430هـ

من هموم مؤتمر عاشوراء

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

اختتم مؤتمر عاشوراء الرابع الذي نظّمه المجلس الإسلامي العلمائي، مساء الجمعة الماضي، بمشاركةٍ واسعةٍ من علماء الدين والمثقفين والمهتمين من الجمهور.

المؤتمر يتخذ له شعارا تتمحور حوله أعماله ومناقشاته كل عام. وقراءة سريعة لشعارات السنوات السابقة، تضعنا على عناوين وقضايا الساحة الساخنة: «الممارسات العاشورائية نقدا ومعالجة»، «المنبر الحسيني المسئوليات والتحديات»، و»إعلام عاشوراء تطوير والتزام»، وأخيرا: «الموكب الحسيني الواقع والطموح».

كل هذه العناوين تشغل حيّزا من اهتمام الشارع المرتبط بهذا الموسم الديني، وتعبّر عن وجود مراجعةٍ داخليةٍ ونقدٍ ذاتي، بدأ يأخذ طريقه للنقاش العام. وأهمية ذلك أن النقد يأتي على ألسنة علماء دين يتم تصنيفهم عادة كمحافظين، وهم يطرحون حلا بالرجوع إلى الآراء الفقهية التي يكون فيها شبه إجماع بين الفقهاء، كما جاء على لسان الشيخ عيسى أحمد قاسم في كلمة الافتتاح.

الموكب عالمٌ قائمٌ بذاته، له هيئاته ومنظّموه وشعراؤه ومنشدوه. في السابق حيث كان للثقافة حضورها، كان الخطباء يمثلون مركز الثقل في موسم عاشوراء، أما اليوم ومع شيوع الثقافة البصرية والألحان، فقد أصبح الموكب يستقطب الجزء الأكبر من الجمهور، وأغلبه من فئة الشباب والفتيان.

المنبر كان يقوم بدور التثقيف بما يقدّمه من مواضيع تاريخية ودينية وعلمية متنوعة، وتراجع حضوره يعني تراجعا في دوره التثقيفي الذي ينهل منه الجمهور العريض. بالمقابل تقدّم الموكب يعني تغليب جانب اللحن المطرِب على المضمون. وليس سرا أن القصيدة التي كانت تضج بالحياة والعنفوان في عقودٍ سابقة، أصبح أكثرها دون المستوى، فالجمهور اعتاد على التطريب والسعي وراء أسماء الرواديد النجوم. وعندما تجلس أمام الفضائيات الدينية، تصدمك كثرة القصائد الركيكة التي لم تكن تصلح لمحفلٍ شعري في السبعينيات، لكنها اليوم تذاع يوميا على الهواء.

إنه «ذوق الجمهور» إذا! وهو أمرٌ حذّر منه الشيخ عيسى قاسم بلغته الخاصة: «إن ترك الموكب للعقلية العامية تتصرّف فيه، وحتى التدخلات الفقهية (المبذولة لإصلاحه) لا تخلو من المشاغبات العامية وضغوطها». معتبرا من غير الصحيح التسليم للعقلية العامية لأنها تفتح الباب أمام اجتهادات عامية، فتؤثر على نقائه الإسلامي، وتصيبه بالعلل المتراكمة... وبالتالي «لم يعد مناسبا أبدا أن يُهمل الموكب من جهة العالم الغيور والفقيه المتخصص والمثقف الإسلامي، أو يُترك لاجتهادات الشارع المتضاربة». وهو إشكاليةٌ واضحةٌ للعيان، بعد أن تقدّم الموكب على المنبر حضورا وتأثيرا واستقطابا للجمهور.

في ليلة الافتتاح، قدّم عالم الدين السيّد هاشم السلمان من السعودية الشقيقة، ورقة بعنوان «دور الموكب في إحياء قضية عاشوراء وقضايا الإسلام»، وقدم الشيخ عبدالله الصالح ورقة أخرى بعنوان: «جمهور الموكب الحسيني الدور والمسئولية»، وفي ليلة الختام قدّم الشيخ محمود العالي «رؤية شرعية في الممارسات».

قبل سنوات، كان من الصعب تناول مثل هذه المواضيع الحسّاسة بهذه الأريحية والانفتاح، ودائما ما كان يُواجَه النقّاد بالاتهامات ولا يشفع لهم تاريخٌ ولا إخلاصٌ ولا صلاةٌ ولا صيام. لقد تغيّر الزمن، وباتت دعوات الإصلاح تطرق أبواب الشعائر والممارسات، والمفارقة أنها تنطلق من داخل المؤسسة الدينية التي يغلب عليها الاتجاه المحافظ، وبعنوان العودة إلى الأصول. كم سيربح المذهب الإسلامي الشيعي من هذه المراجعات والإصلاحات؟

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2607 - الأحد 25 أكتوبر 2009م الموافق 07 ذي القعدة 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 9 | 2:59 م

      أبعدوا البدع عن شعائرنا

      كأحد أتباع مذهب آل البيت (ع)يؤلمني كل ما من شأنه تعكير صفو العزاء والمواكب الحسينية. فعلى سبيل المثال لا الحصر الإخوة جهلاء الدين والمذهب الذين يمارسون التطبير او ضرب الرؤوس بالسيوف، وللأسف الشديد منهم كثير من الفئة المثقفة، ومشايخ الدين الذين يدعون لهذه البدعة، نعم أسميها بدعة وأنا من شيعة علي (ع)، يدعون لها بل ويعتبرونها من الشعائر الجوهرية!!فإلى متى هذا الجهل والمكابرة والإساءة إلى شعائرنا الحسينية؟ طوبى لمن يهب دمه لإنقاذ حياة الآخرين ، وسحقاً لمن يهدره على الأرض ويضحك الأعداء علينا.

    • زائر 8 | 2:11 م

      كل الشكر والتقدير

      للقارئة العزيزة ام حسين للاطراء الجميل وتفاجأت بالكلام الحلو المشكلة ان العمل أعبائة كثيرة خاصة مع تدريس منهجين في سنة دراسية واحدة فالتحضير والاختبارات والأنشطة تتضاعف يمكن بعد أيام لن أتمكن من ارسال تعليقاتي ..

    • زائر 7 | 1:41 م

      مقابلة

      سيد وينك ما شفت المقابلة مع حسن شفيعي في برنامج كلمه اخيرة وين تعليقك والله دفنتو راسكم في التراب نفس النعامة

    • زائر 6 | 11:22 ص

      الدخلاء على المواكب الحسينية- ام محمود

      كل عام في شهر عاشوراء نرى مواكب حسينية لها هيبتها وقدسيتها في لبنان والعراق والنساء المحجبات تمشي خلف الموكب وكلها وقار ومعرفة بعظم الرسالة والتضحية والبذل من أجل استقامة الدين الاسلامي وعندنا في البحرين نرى بعض الجهلاء في الدين ومن نفس مذهبنا جاءوا بكامل المكياج والعباءة السبورت والعطر الفواح والشباب بالتسريحات الجديدة ويبدأ المغازل والتصوير بالهواتف وتبادل الأرقام هل هذ العزاء الذي نريد أن نقدمه لاستشهاد الأمام الحسين عليه السلام الذي اهتز منه العرش وبكته الأملاك في السماء وجميع المخلوقات

    • زائر 5 | 9:45 ص

      عسى ما شر ؟؟!!!

      كل يوم وفي مثل هذه الفترة أحرص على تصفح حبيبتي الوسط ومقالات كتابها مع اني افتحها كل صباح واتصفحها كاملة لكن في مثل هذا الوقت ينزل تعليق الاخت القارئة الدائمة - أم محمود وبصراحة استأنس بتعليقاتها المتميزة والمتزنة والتي تدل لى ثقافة ورجاحة عقلها تحية لك اختي أ م محمود من اختك أم حسين - مقابة

    • زائر 4 | 7:24 ص

      سني وسطي

      أولا أحببت أن أشكر قاسم حسين على هذا الموضوع , وللأمانة أعجبني كثيرا ويعطي دلالة واضحة على أن الفكر الشيعي دائما ما يراجع بعض الامور وهذا حسن , شخصيا أؤمن بمراجعة بعض الأمور لدينا كطائفة سنية , وأنا أحد الذين درسوا شيئا من العلوم الدينية ومن المننفتحين على كل المذاهب , ليس لدي إضطلاع كافي لما تسمونه بالموكب , ولكن للأمانة وجدت أن كلمة الشيخ قاسم كلمة دقيقة وبليغة في نفس الوقت وتحمل عمقا يعجبني في قرائته للأمور منظور شرعي , تحية طيبة يا قاسم حسين وليتني أستطيع أن أجد كلمة الشيخ قاسم كاملة .

    • زائر 3 | 4:35 ص

      بدعة وضلالة..

      كلها بدع وضلالة لم يأتي بها خاتم المرسلين ولا آل بيته الأطهار .. فهل أنتم منتهون.. والى الشيخ عيسى قاسم مع التحية .. عليك بتربية الشباب على تطبيق سنة رسولنا الأعظم فهو قدوتنا والابتعاد عن ما يعكر صفو المسلمين ويألب القلوب المريضة.

    • زائر 2 | 3:41 ص

      السلام عليكم

      لدي وجهة نظر بسيطة تتعلق بمواكب العزاء
      رغم ان الشعارات بدت تتغير وتتطور لتكواب التطور الحاصل في العالم لكنها ليس بذك التطور المطلوب وخاصة اختيار الكلمات وتنقيحها يجب أن يحظى بمزيد من الإهتمام لأننا لسنا وحدنا في هذا العالم وهناك الكثير من يركز نظره على حركة او سكنة
      نقوم بها وهناك من يتصيد علينا
      لذلك اقول يجب التدقيق وحسن الإختيار للكلمات
      والشعارات التي ترفع لتكون من صميم النهضة الحسينية في نفس الوقت متناسبة مع متطلبات الزمن والوضع الذي نمر به
      اشكركم جميعا

    • زائر 1 | 2:51 ص

      شهركاني أصلي

      شكرا لسيد لتناولك لهذا الموضوع المهم لشريحة مهمة في المجتمع
      نعم هناك ممارسات وتصرفات تحتاج لمراجعة وتوجيه وتنبيه من قبل علماء الدين...
      فكلمة علماء الدين مأثرة وإذا لم يكن لها أستجابة كبيرة من الجمهور فلها حضور وتأثير كبير جدا في الرواديد او الشيالين...
      فالجمهور في الماضي كان يشارك في الموكب ولا ينظر من هو الرادود وكان يتأمل في الكلمات ويتفاعل معها...
      أما اليوم فالمعيار الأول في المشاركة من هو الرادود والثاني الألحان وبعدها حماس المعزين

اقرأ ايضاً