العدد 2605 - الجمعة 23 أكتوبر 2009م الموافق 05 ذي القعدة 1430هـ

الستري: تطوّع الشباب الاجتماعي خسارة إذا كان على حساب التفوّق الدراسي

نخشى أن التجنيس تحول إلى غولٍ منفلت لن تتمكن الإرادة السياسية من لجمه

تحدث خطيب مسجد فاطمة (ع) بسترة السيد حيدر الستري في حديث الجمعة أمس عن بداية العام الدراسي الجديد، منوها بأن «المستوى الدراسي المتفوق تاج يتلألأ على رأس أعزتنا الطلبة وهم شرف لنا جميعا والجديرون ببناء مجد ومستقبل الأمة، وعليه فإن المهمة الأولى والأخيرة التي يجب أن تشغل اهتمام التلميذ في حياته هي الجد في الدراسة ونيل درجة التفوق».

ولفت إلى أن «الامتياز الدراسي معناه المواطنة الصالحة، وضمانة الوطن والمجتمع لمستقبل واعد ومتقدّم، والنقاش في ذلك مضيعة للوقت، وذريعة سلبية لتبرير التقصير والإهمال والتهرّب من المسئولية. وإن العلم والمعرفة هما السلاح الوحيد لقهر تدني مستوى الحياة الإنسانية والاقتصادية والمعيشية، والعلم النافع هو المقترن بالالتزام الخلقي والديني وبحسّ المسئولية تجاه واجباتنا الوطنية والاجتماعية، أمّا صرف التلميذ لوقته فيما يتوهم أنه عمل اجتماعي أو سياسي لا يبرّر بحال التفريط في مجال الجدّ والاجتهاد الدراسي».

كما أشار إلى أن «المجتمع بحاجة ماسة إلى الكوادر المتعلمة، ولأصحاب المستويات الدراسية العالية، لأنهم العقل القادر على إدراك ما ينفع المجتمع وما يجلب الضرر عليه. وتطوّع الشباب للانخراط في الفعاليات الاجتماعية هو خسارة للمجتمع إذا كان على حساب التفوّق في الدراسة، وهو غالبا ما يكون كذلك، أما صرف الوقت في السهر والكسل فيعتبر جريمة في حق الفرد والمجتمع».

وبيّن أن «هناك ضرورة لتعاون الطلبة في ما بينهم من أجل تحفيز بعضهم بعضا على الجد في الدراسة، لأنّ ذلك هو ما ينسجم مع صفاء الروحية الشبابية التي يفترض أن تكون نموذجا ناصعا في التعاون على البرّ والتقوى والعمل النافع. كما أنّ عليهم التعاضد والتضامن فيما بينهم للعمل على تطوير مستوى التربية والتعليم في البلد من خلال قراءات وأفكار جادة وواعية في هذا المجال، وهو ما يثبت جدارتهم في تحمّل مسئولياتهم التاريخية والوطنية».

وعلى الصعيد السياسي تحدث الستري عما أسماه «التجنيس الاعتباطي»، قائلا: «إننا نخشى أشدّ ما نخشى أن يتحول أو أن يكون قد تحول التجنيس الاعتباطي الحاصل في البحرين إلى غولٍ خطير منفلت، لن تتمكن الإرادة السياسية في البلد من لجمه والسيطرة عليه، كما نخشى جديّا أننا أصبحنا أمام قنبلة كارثية نترقب لحظة انفجارها التدميري في كل لحظة من دون أن يتمكّن أحد من فعل أي شيء ينقذ به البلد من كابوس المصير المأسوي الأسود الذي ينتظر الجميع، ويهدّد الوضع برمّته».

واستطرد «في بلدان متقدمة وغنية في اقتصاداتها وواسعة في مساحاتها الجغرافية تعتبر مشكلة الوافدين من القضايا التي تؤرق السياسيين وأصحاب القرار ولا تغيب لحظة عن اهتماماتهم اليومية، ولكن الأمر في البحرين مختلف كل الاختلاف ويسير بشكل معاكس تماما. يحصل ذلك على رغم عدم تحمل البلد لهذه السياسة العشوائية وعلى رغم المشكلات الخطيرة التي نجمت عن ذلك والتململ الكبير الذي خلق احتقانا وتذمرا واحتجاجات شعبية حاشدة وواسعة من قبل المواطنين. والآن لا يوجد مواطن لم يشعر بمساوئ التجنيس والمعاناة الاجتماعية والاقتصادية التي أصبح التجنيس أكبر سبب في تفاقمها».

وذكر أن «حتى الوزراء أنفسهم عانوا من تأثير سياسة التجنيس العشوائي الحاصل في البحرين على خططهم وفشل هذه الخطط وتعثرها وتوقف العديد منها بهذا السبب. وقد كان بعض الوزراء واضحا في موقفه من ذلك إلى درجة تصريح البعض منهم بهذا الاتجاه على رغم حساسية الموضوع بالنسبة إلى مناصبهم. وأول من بادر لذلك هو وزير الأشغال فهمي الجودر بسبب خطورة تأثير التجنيس العشوائي على الكثير من خطط وزارته الحيوية مثل شبكة الطرقات وشبكة المجاري وغيرها ما يشكل أساس البنية التحتية للبلد.

وتابع: مؤخرا يؤكد وزير الإسكان الشيخ ابراهيم بن خليفة آل خليفة في سياق الحديث بشأن الأعداد الكبيرة التي تقف في طوابير الانتظار من أجل الحصول على وحدات سكنية أن «طوابير الانتظار لم تقل والسبب التركيبة الديمغرافية، وبالتالي يجب أن يكون الحل مبنيا على أمور علمية»، وكذلك بالنسبة لقوله «اتضحت لدينا أمور كثيرة يجب أن نواجهها؛ التركيبة الديمغرافية لشعب البحرين، فتية، أكثر من الثلثين تقل أعمارهم عن 30 سنة، وسيأتون إلى طوابير الطلبات تباعا، ولو زدنا التنفيذ بنسبة تقل عن زيادة الطلبات فسوف ننتهي إلى وضع دون الذي نطمح إليه».

وعلق الستري بالقول: «فإذا كانت البحرين تعاني أصلا من مشكلة ديمغرافية تضغط بقوة غير محتملة على مشاريع الوزارات الحيوية فكيف ندع الحبل على غاربه ونترك المجال مفتوحا بلا ضوابط تتناسب مع متطلبات التنمية والاستقرار وتتناسب مع التخطيط العلمي الذي يطمح له حتى الوزراء أنفسهم ويؤكدون بأساليب مختلفة على المعاناة والإحباط في مجال تسيير خطط وزاراتهم نتيجة التجنيس السياسي العشوائي؟».

ودعا في ختام حديثه إلى «إعادة النظر من قبل الديوان الملكي بشأن التعاطي مع عريضة التجنيس بشكل خاص وسياسة التجنيس عموما، وإدراك أن موقف العريضة إنما يعكس موقف المواطن البحريني في كل مناطق البحرين ويعبر عن الحرص الكبير على مصلحة البحرين العليا التي تخدم مصلحة النظام نفسه وتجنبه من مخاطر الانزلاق في الاتجاه المعاكس لدولة المؤسسات والقانون».

العدد 2605 - الجمعة 23 أكتوبر 2009م الموافق 05 ذي القعدة 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً