العدد 2604 - الخميس 22 أكتوبر 2009م الموافق 04 ذي القعدة 1430هـ

«دمستان»... لا تزال تنعى «أبو الخير» لكنها القرية القريبة إلى القلوب

عندما تغفو الجفون وتنام العيون يأتي البحر ليسأل عن «سمّارها»...

لعل المواطن محمد الراشد، وهو أحد أبناء قرية «دمستان» الجميلة، لا يفشي سرا حينما يعبر بالأصالة عن نفسه، وبالنيابة عن أهالي القرية، عن الحب والإرتباط والاعتزاز بكل ما في قريتهم... ترابها... نخيلها... هواؤها.. وبحرها الذي تنعاه دوما، وهو البحر الذي وصفه أحد أبناء القرية في مقال جميل بموقع قرية «دمستان» ممزوجا بالخيال: «عندما تغفو الجفون، وتنام العيون، يأتي البحر ليسأل عن (السمار) من أهل القرية... حيث افتقدهم سنينا، كما افتقدوه تماما».

يلفت الأنظار، جمال الخط العربي وبديعه وهو يشرق على جدران الكثير من منازل أهل القرية... آيات قرآنية كريمة، وعبارات مأثورة وصلوات مباركات.. فالكثير من المنازل هناك، توشحت واجهاتها بفنون الخط العربي لتعطي القرية بهاء خاصا.. حين تتجول بين أزقتها، تتبادر على ذهنك روايات وأقاويل حول أصل تسمية القرية، فهناك رأي يقول إن «لفظها فارسي الأصل»، فبعض الباحثين يؤكدون على أن الاسم مركب من كلمتين فارسيتين الأولى: دم، وتعني القريب، والثانية: ستان، وتعني الأرض، ومعناهما معا: المنطقة أو الأرض القريبة، ويثني رأي آخر على كون اللفظ فارسي الأصل، لكن يختلف عن المعنى السابق... فمعناها: ذيل البلاد.

نعود مرة أخرى للحديث عن موقع قرية دمستان، فكما هو معروف، فإنها إحدى قرى المحافظة الشمالية وتقع في المنطقة الغربية، وتطل على بحر الخليج من جهة الغرب ومدينة حمد من جهة الشرق وكرزكان من جهة الجنوب وبوري والهملة من جهة الشمال، وهي من أكبر القرى في البحرين، وتشتهر بمسجد أبو رمانة ومأتم الفقيه العالم الشيخ حسن الدمستاني.


احتياجات في انتظار التنفيذ

نتجول بالأحاديث مع بعض أهالي القرية، فيبدأ المواطن محمد الراشد بالإشارة إلى أن المجمع رقم 1019 بالقرب من مسجد أبو رمانة، وهو يضم منطقة سكنية جديدة، لكنها في حاجة إلى التعجيل في تنفيذ مشروع المجاري.

وكما ترى، فإن طرقات القرية الداخلية ليست مبلطة وتعاني من الفوضى وتسبب إرهاقا للأهالي، وبعض الطرقات (تم ترقيعها) بالأسفلت، أو تم تبليطها بالرمل البحري الذي يسبب الكثير من الازعاج للسكان بسبب تطاير الأتربة وسحب الغبار في كثير من الأحيان.

حتى بالنسبة لحديقة دمستان، يواصل الراشد، فقد تم افتتاحها في العام 2005، لكن هل تصدق أن الحديقة لا تحوي إلا مصباحا واحدا فقط؟! وللعلم، فإن الكثافة السكانية تتزايد في القرية مع تدشين مشروع الإسكان، ويتوافد أطفال وأهالي القرية على هذه الحديقة، لكنها تحتاج إلى كثير من التطوير.

وتتميز قرية دمستان، في بعض طرقاتها، بوجود ديوانيات صغيرة يجلس فيها الشباب في أوقات الفراغ وخصوصا في المساء، ومنها ديوانية الشجرة، لكن على العموم، فالديوانيات أو المجالس في القرية، كما هو الحال في الكثير من مناطق البحرين، هي المكان الذي يلتقي فيه الأهالي ويعد أحد أهم السمات الاجتماعية.

نعود إلى حديقة دمستان، فقد بلغت كلفتها الإجمالية نحو 160 ألف دينار، وتبلغ مساحتها الكلية 7482 مترا مربعا، واستغرق العمل في إنشائها نحو عام كامل، حيث بدأ العمل في 19 أكتوبر/ تشرين الأول من العام 2004، وتم الانتهاء منها في 4 نوفمبر/ تشرين الثاني من العام 2005. وتضم الحديقة الكثير من المرافق كمبنى خدمات يشتمل على كشك وحمامات للجنسين، وبلازا رئيسية للجلوس، ومظلة خشبية رئيسية ذات طابع محلي للجلوس، وملعب كرة سلة مسور بشبك حديدي، ومنطقة ألعاب أطفال، وثلاث مناطق لمزاولة التمارين الرياضية، وممشى رياضي خارج سور الحديقة، وسور اسمنتي ذو طابع محلي يحيط بالحديقة بالإضافة إلى حجرة مضخات وخزان مياه للري».


ساحل قرية دمستان

يشتهر هذا الساحل بين أهالي القرية باسم «أبو الخير» أو «أبو الجميع»، وللأهالي علاقة وثيقة بالبحر والزراعة، فهذا الحاج «إبراهيم» يتذكر كيف كان هذا الساحل عامرا بالخير قبل ثلاثة عقود مضت، وكيف كان ذلك الشاطئ الرائع يزيل هم كل من توجه لقضاء وقت جميل بين ربوعه مستذكرا عظمة الخالق، لكن الردم والتقسيم قبل الردم تسبب في ضياع المتنفس البحرين الوحيد لأهالي القرية.


من المطاف إلى البدع وأم برقة

وكان للصيادين من أهالي القرية حضرات صيد معروفة، منها «حضرة القلف» و»حضرة علي» وهناك أخريات منهن: «المطاف - البدع - اليابسة - اربيعات - الجسر - أم برقة»، لكن، والكلام للحاج إبراهيم، كما ضاع البحر، ضاعت حضور الصيد، ولا أدري، هل لنا أن نتمسك بأمل إعادة ساحلنا ولو ما تيسر منه أم لا؟.

ويصف موقع قرية «دمستان» على شبكة الإنترنت الساحل وصفا جميلا نصه: «لقد كان ساحل القرية هذه يمتد سابقا من قرية الهملة إلى قرية كرزكان... البحر يبكي في كل ليلة وهو يسأل عن أهل القرية لماذا جفوه؟ فمازال يسأل عن أضحياتهم في العيد، عندما تغفو الجفون وتنام العيون يأتي البحر وحده يطرق الأبواب بابا بابا يسأل عن السمار وعن رفقائه في عتمة الصيد وزحمة القدر، وبين كل ذلك يصرخ الصياد حزينا ليرتل أغنية الحزن لإيليا أبوماضي وهو يخاطب البحر:

أنت مثلي أيها الجبار لا تملك أمرك

أشبهت حالك حالي وحكى عذري عذرك

فمتى أنجو من الأسر وتنجو؟ لست أدري؟.


الشيخ حسن الدمستاني... علم من أعلام البحرين

من نافلة القول إن عظماء الأمة هم فخرها وسراجها الوهاج وسر امتداد حياة الحضارة والازدهار والتقدم، والمعين الذي لا ينضب... من نافلة القول ان يزخر تراث مجتمع بأفذاذ من العلماء والأدباء البارعين المهرة الذين لا تزال بصمات آثارهم حاضرة في زوايا الأقوال والأحاديث ويصدح بها الخطباء على المنابر، من أمثال أولئك هو العلامة الشيخ حسن الدمستاني الذي احتضنته مملكة البحرين في قرية دمستان قبل ما يقارب القرنين من الزمان، فكان لها شرف انتماء فقيه مجتهد وأديب ساحر في البيان إلى تربتها وبين أهلها، ومن لا يعرف تلك القصيدة الخالدة الشهيرة (أحرم الحجاج)؟.

هو الشيخ حسن بن محمد بن علي بن خلف بن إبراهيم بن ضيف الله الدمستاني البحراني، أصله من بلدة (عالي حويص) وهي احدى توابع قرية عالي، وفيها قبر أبيه (الشيخ محمد)، وقد اشتهر الدمستاني عند عوام الناس في البحرين - بل العلماء- بشعره المميز في الرثاء الحسيني، وأكثر أهل البحرين - حتى أطفالهم- يحفظون مقاطع من قصيدته المشهورة (أحرم الحجاج) والمسماة عند أهل الأدب بـ (المربعة الدمستانية)، وهي ملحمة أو شبه ملحمة تحكي ثورة الحسين (ع) من بداية نهضته في المدينة إلى استشهاده (ع) وسبي الهاشميات إلى الكوفة والشام.

للعلامة الدمستاني مكانة علمية كبيرة، فكثير من أبناء البحرين ومنطقة الخليج يتصورون الشيخ الدمستاني ذلك الشاعر العملاق الذي تهز قوافيه الأفئدة، يعرفونه محققا قلما يوجد مثله في العلم والتقوى، فقد كان فقيها مجتهدا، يلتزم منهج الإخباريين في طريق فتواه، وفي علم الرجال يقول عنه العلامة الأمين العاملي: «كان - يعني الدمستاني- رجاليا ماهرا في علمي الحديث والرجال» وربما أفاد العاملي - وكذلك مؤرخو الدمستاني الآخرون- من كتاب الدمستاني في علم الرجال، المعنون بـ (انتخاب الجيد من تنبيهات السيد) وهو ملخص كتاب (تنبيهات الأديب في رجال التهذيب) - أي تهذيب الأحكام للشيخ الطوسي- تأليف العلامة السيد هاشم التوبلاني البحراني، فقد كان - كما يظهر من تعريفهم له - كتابا قيما من الناحية العلمية.

كان الدمستاني، على ما هو عليه من الفضل والفقاهة، يعمل بيده في الزراعة لكسب قوته، وتروي مصادر ترجمته قصة طريفة بهذا الصدد خلاصتها أن وفدا من علماء (اصفهان) قدم البحرين لاستفتاء علمائها بشأن مسائل فقهية محددة، وقد أرشدوا إلى (المجتهد الكبير) في ذلك الوقت، وهو (الشيخ حسن الدمستاني) فقصدوا (دمستان) دار سكناه، فوجدوه بزي الفلاح الفقير منهمكا في السقي، فأنكروه وأهانوا من أرشدهم إليه ظنا منهم أنه يهزأ بهم، وحينما تأكد لهم أنه المجتهد المشهور اعتذروا ومضوا في طرح مسائلهم، وتحرير إجابة الشيخ الدمستاني تحقيقا للمهمة التي قدموا من أجلها.

توفي العلامة الدمستاني في دار هجرته (القطيف) في العام 1767 على الأصح، ومن آثاره العلمية: كتاب (الانتخاب الجيد لتنبيهات السيد) في علم الرجال، وهو منتخب من كتاب (تنبيه الأريب في إيضاح رجال التهذيب) تأليف السيد هاشم التوبلاني البحراني المتوفى سنة 1107هـ (وكتاب التهذيب) هو (تهذيب الأحكام) للشيخ الطوسي، وأرجوزة ( تحفة الباحثين في أصول الدين)، ومنظومة في (نفي الجبر والتفويض)، وأرجوزة في (إثبات الإمامة والوصية)، وأرجوزة في (التوحيد) تزيد على مئة بيت، ورسالة في (الجهر والإخفات)، بالإضافة إلى رسالة في (التوحيد)، وكتاب (أوراد الأبرار في مأتم الكرار) ويسمى في البحرين ومنطقة الخليج بـ(الأسفار)، وله ديوانه الشعري المسمى (نيل الأماني) وهو يضم بالإضافة إلى شعر الدمستاني الكبير مجموعة من شعر ابنه الشيخ أحمد الدمستاني.


الموقع

تقع شمال غرب مدينة حمد وجنوب الهملة، على شارع زيد بن عميرة.

مجمعاتها: تتألف من أربعة مجمعات هي: 1017 - 1019 - 1020 - 1022.


مساحتها وعدد السكان

تشكل مساحتها 4,54 كيلومترات مربعة، ويقطنها نحو 13 ألف نسمة تقريبا (حسب تعداد احصائية الجهاز المركزي للمعلومات 2006).


مرافقها

في القرية 6 مساجد، و14 مأتما، ومدرسة ابتدائية للبنات، ومركز إطفاء، وصندوق خيري، ومركز شبابي، كما يلي:

مركز إطفاء دمستان - بلدية المنطقة الغربية، وهو يقع جنوب القرية ويخدم جميع قرى المنطقة الغربية «الهملة - دمستان - كرزكان - المالكية - صدد - شهركان - دار كليب - الزلاق» مجمع تجاري: حيث تم هدم مجمع المنطقه الغربية القديم، وإعادة بنائه من جديد ويقع جنوب شرق قرية دمستان ويخدم جميع قرى المنطقة الغربية - مدرسة بلقيس الابتدائية للبنين - سوق «السبت» الحراج: يقع سوق السبت الذي ينظمة الاهالي يوم الخميس سابقا والآن يوم السبت جنوب قرية دمستان، وكان يقام بجانب بلدية المنطقة الغربية، ولكن بعد هدم سوق المنطقة الغربية انتقل إلى خلف البلدية - حديقة دمستان - صندوق دمستان الخيري - مركز دمستان الثقافي والرياضي.


من مرافقها الإسكانية

في العام 1983، تم إنشاء إسكان «دمستان» في مرحلته الأولى، وفي العام 2001، تم إنشاء إسكان «دمستان» في مرحلته الثانية، ومن المقرر أن يتم تنفيذ إسكان جديد شرق بيوت الإسكان الجديدة في المرحلة الثانية والأخيرة.


أشهر مساجدها

مسجد الشيخ محمد أبو رمانة وهو معلم من معالم قرية دمستان التي اشتهرت بهذا الشخ الجليل ويقع غرب القرية بالقرب من البساتين والبحر - مسجد الإمام الرضا (ع) شمال القرية «حي الرضا» - مسجد الروضة - مسجد الإمام المنتظر - مسجد الشيخ إبراهيم «الوسطي» - مسجد الإمام الحسين (ع) المعروف بمسجد العالم - مسجد إسكان دمستان - مسجد الوقع جنوب مدرسة بلقيس.


مآتمها

مأتم الشيخ حسن الدمستاني - مأتم الإام الحسن (ع) - مأتم شباب دمستان - مأتم إسكان دمستان، أما المآتم النسائية فهي مأتم بنت حسن - مأتم أم البنين - مأتم أم موسى - مأتم البتول - مأتم أم محمد جميل - مأتم بيت الحاج سليم.

العدد 2604 - الخميس 22 أكتوبر 2009م الموافق 04 ذي القعدة 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 1:31 م

      ولد دمستان

      شكران

    • زائر 3 | 4:47 ص

      بنت دمستان

      شكرا

    • زائر 2 | 9:02 ص

      كلنا خير

      يا زائر واحد الطيبة ودماثة الخلق والايتسامة المرحبة معروفين بها اهل البحرين اكثر من اي دولة خليجية وهذا صح مئة بالمئة ، بس مو كل اصابعك سوا .. واهل دمستان فيهم الزين وفيهم الشين مثلهم مثل غيرهم ، والقرى المجاورة مو اقل منهم ومو اكثر .. اذا كانت لك معارف شخصية ما تعطيك انطباع الطيبة فمو كل الناس نفس الشي . وسلامتكم .

    • زائر 1 | 2:56 ص

      صباح الخير جريدة الوسط

      مايميز اهالي دمستان الطيبة ودماثة الخلق والإبتسامة المرحبة مما جعلها موئلا وسكنا لعدد كبير من اهالي مناطق البحرين عكس بعض القرى المجاورة لها والتي لا تقبل ولا ترحب بأن يسكن احد من خارج قريتها بسبب قومياتها التي يدعون بها صباح مساء .كذلك وددت ان اصحح أن مدرسة بلقيس هي مدرسة ابتدائية للبنات وليس للأولاد كما ذكرتم وعساكم على القوة

اقرأ ايضاً