كنت قد أشرت في مقال سابق عن أهمية التشجير والخَضار في شوارعنا ومناطقنا البحرينية التي تمثل جزءا لا يتجزأ من هويتنا ولعل النخلة واحدة من هذه الرموز التي أصبحت تنتشر على طول شوارعنا في ظل حملة لإعادة الحياة لها وتشجير الشوارع.
ورغم هذه الجهود إلا أن هذا الرمز مازال غائبا حاله حال الكثير من الأشياء التي اختفت من بيئتنا وطبيعتنا البحرينية وحلت محلها الجدران الأسمنتية والمدن الاستثمارية في البحر لتقضي على مصائد السمك والروبيان وتقطع رزق الصياد كما قطعت رزق الفلاح والنخلاوي وغيرها من المهن التي بدأت تختفي عن أنظارنا.
ويكفي أن ننقل حادثة تصرُّف أدباء البحرين مع الشاعر المصري أحمد شوقي حينما تم تتويجه أميرا للشعراء فقدموا له نخلة من الذهب وثمارها من لؤلؤ البحرين كهدية وكرمز من البحرين.
هذا الكلام قرأته في سطور كتاب «أيام زمان» للزميل خالد البسام بحثا عن صور قديمة للبحرين.
وهو ما دفعني إلى الكتابة وأيضا إلى معاودة الكتابة عن حال تركة الآثار وكنوزها المبعثرة والمخربة هنا وهناك في جزيرتنا الصغيرة.
ولو عقدنا مقارنة بين ما كان أهل البحرين يتباهون به في الماضي من نخيل باسقة إلى بحر غني بالثروات وبين ما هو موجود اليوم من قسائم وجدران أسمنتية مبعثرة وزحف عمراني غير مدروس إلى السعي المتواصل للقضاء على ملامح الريف البحريني وأشكاله وكأن من المفترض أن يلغى من الوجود لتصبح البحرين بذلك مدينة في كل أجزائها لا مدنا وقرى تجمعها... وهو طبعا مفهوم خاطئ فأغلب البلدان في العالم تجمع بين المدن والقرى بشكل طبيعي.
اليوم الحزام الأصفر أصبح يتخلل مناطقنا بدلا من الحزام الأخضر حتى تعززت صورة الأراضي القاحلة الجرداء ليتباهى البعض بها كونها صحراء حقيقية وخصوصا عندما يعرّفها على من لا يعرف صورة البحرين في الماضي من السواح والأجانب!
المضحك المبكي في الأمر أن الجميع ملام في هذا الشأن بدءا من المسئول إلى المواطن، فالوعي بالمحافظة على نخيلنا ومساحتنا الخضراء... ثقافة للأسف معدومة رغم وجود قوانين تمنع اجتثاث النخيل على سيبل المثال.
فأصحاب الأملاك والمتنفذين يتركون هذه النخيل مهملة دون أن تسقى بالماء, يتعمدون ذلك من أجل تجفيفها لا من أجل تجميلها؛ سعيا لعرضها قسائم للبيع والاستثمار فيما بعد.
للأسف هذه عقلية متفشية تماما كما هي قلة الوعي بالحفاظ على آثارنا وهو إن دلَّ على شيء إنما يدلُّ على مدى التخلف الحضاري الذي يعشش في عقول فئة ليست بقليلة.
إن الجشع وغياب تفعيل القوانين جعلا بيئتنا تحتضر بل وتموت كل يوم ولن يبقى لنا بعد ذلك ما نتباهى به كبحرينيين وخصوصا من بعد أن أصبحنا نستورد النخيل على غرار الروبيان ونخرب آثارنا بأيدينا.
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 2603 - الأربعاء 21 أكتوبر 2009م الموافق 03 ذي القعدة 1430هـ
ام المليون نخلة
نشكر الاخت الغالية ريم بس الحين حالنا صار بدل ام المليون نخلة يضرب بنا مثل ام المليون مجنس وطارت لطيور برزاقها وين ايام اول راحت بسبب المتنفذين خربوا كل شي حتى النخل ما سلموا بسببهم والشعب الى حافة الهاوية تحياتي لج يابحرينية اصيلة ياريم