العدد 2603 - الأربعاء 21 أكتوبر 2009م الموافق 03 ذي القعدة 1430هـ

عندما يتحوَّل الحق إلى حاجة

رملة عبد الحميد comments [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

هناك فرق بين الحق والحاجة، ولكن هناك نقطة تلاقٍ بينهما؛ إذ إن الحق دائما يبني على الحاجة، وإن مجتمعا حُرم من حقوقه كثرَ محتاجوه. الحاجة أمر طبيعي وفطري خلق مع الإنسان وتلازم مع وجوده، والحاجة قد تختلف باختلاف الناس ومستوياتهم، وفي أحيان كثيرة نجد حاجات متفقا عليها بين بني البشر، لكن الغريب والمقلق للغاية ليس في وجود الحاجة بقدر ما هو تحول الحق وهو المصلحة القانونية والشرعية إلى حاجة، فالحق حق لا ينبغي المساس به وتحقيقه واجب على الأسرة والدولة والمجتمع معا، ومن الغبن حقا أن يتحول أصحاب الحق إلى محتاجين وأهل مطالب.

عرفت الحاجة بأنها الرغبة والتعبير عن الطلب الناتج عن ضرورة ملحة للإنسان، والحاجة متنوعة ولها أنواع وتصنيفات قائمة على أساس حاجات أساسية وأخرى ثانوية، وهناك حاجات فردية وأخرى جماعية تتطلبها الجماعات للتعبير عن ذاتها واستمراريتها في المجتمع، كما توجد حاجات حاضرة ملحة وأخرى مستقبلية، وللحاجات درجات يرتبها عالم النفس «ماسلو» بحسب درجة الاحتياج، وقد صنفها في هرم عرف بهرم ماسلو للحاجات وهي: حاجة فيزيولوجية - طبيعية، حاجة الأمان، حاجة الانتماء، حاجة التقدير وحاجة تحقيق الذات.

أما الحق فهو الشيء الثابت وهو ما منحه الشرع والقانون للناس كافة على السواء، وقد اختلفت المذاهب القانونية في تعريف الحق فيرى المذهب الشخصي وهو أقدم المذاهب القانونية، بأن الحق هو: «سلطة وقدرة إرادية يعترف بها القانون للشخص في نطاق معلوم» أما المذهب الموضوعي فيذهب إلى أن الحق هو مصلحة يحميها القانون، وللحق أركان متمثلة في صاحب الحق وهو من ثبت له الحق، ومصدر الحق وهو الشرع والقانون، ومن عليه الحق وهو المكلف، ومحل الحق وهو ما يشير إليه المنشغلون بالقانون بأنها المصلحة الثابتة.

أصبح واقع الإنسان البحريني مريرا، إذ يجد نفسه في أحيان كثيرة مشدودا بين عدة أمور حياتية كربان السفينة الذي تعتريه الأمواج يمنة ويسرى، غايته في ذلك كله أن يصل بتلك السفينة نحو شاطئ الأمان، وهو في مشقته هذه لا يجد نفسه إلا والعمر قد فات منه الكثير، ولم يعد يتحمل المزيد، ولم يحقق من دنياه ما يريد. فإلى متى ينشغل البحريني في هموم معيشته اليومية، ويبعد به الحال عن الراحة في العبادة، والشعور بالسعادة في بيت يمرح فيه أبناؤه، وتطوير ذاته وبناء تفكيره، والنهوض بحاضره ومستقبله؟ في مجتمعنا الناس جزء منا، هم أهلنا وذوونا، ما يهمهم يقلق بالنا، وما يؤلمهم يحزننا، يريدون أن يعيشوا، أن يجدوا مسكنا لأولادهم، هم ليسوا بطارقي أبواب، ولا ينبغي أن يكونوا كذلك، ولا نرضى أن يريق ماء وجههم من أجل لقمة عيش لا تغني ولا تسمن من جوع، أو سكن ينتظرونه الدهر كله، فالسكن والعيش حق، ولا ينبغي أن يتحول إلى حاجة.

إقرأ أيضا لـ "رملة عبد الحميد"

العدد 2603 - الأربعاء 21 أكتوبر 2009م الموافق 03 ذي القعدة 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • بنت العز | 11:26 م

      طالبتك المفضلة (مدرسة جدحفص الثانوية للبنات)

      ما شاء الله عليج دائما انت بارعه في الكاتبه والله يوفيقج ياربي من كل قلبي ،،
      واتمني ان اكون وحدة من كتاب الجريده ياربي ،،
      اني اكتب شعر بس أخاف انشره في الجريده
      ابنتك

اقرأ ايضاً