العدد 2603 - الأربعاء 21 أكتوبر 2009م الموافق 03 ذي القعدة 1430هـ

البحرين والكويت محطات نضالية

مقتطفات من كتاب «الشملان - سيرة مناضل وتاريخ وطن» (1)

صدر مؤخرا في بيروت عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر كتاب يتناول سيرة المناضل البحريني أحمد الشملان بعنوان «أحمد الشملان - سيرة مناضل وتاريخ وطن» من تأليف زوجة المناضل الشملان فوزية مطر. صدر الكتاب في 1024 صفحة من القطع الكبير، ويضم أحد عشر فصلا متبوعة بملحقي صور ووثائق.


أولا: لبنات التأسيس النضالي البحرين (1954-1956)

وضعت المدرسة الابتدائية في البحرين العتبة الأولى في التأسيس السياسي والنضالي لأحمد الشملان، فمنذ سنوات الدراسة في المدرسة الابتدائية بدأت ملامح انشغاله بالهم السياسي والوطني. تأثر أحمد بالحركة السياسية التي قادتها هيئة الاتحاد الوطني وكان يتسقط أخبارها ويتابع أنشطتها وقد أسهمت قرابته من أحد قادتها (الزعيم عبدالعزيز بن سعد الشملان) في إثارة حماسه الوطني. يقول أحمد: «كنت أفتخر كثيرا بقرابتي من ابن خالي الزعيم عبدالعزيز بن سعد الشملان، وكنت أتسلق مع أصدقائي جدار بيت خالي سعد بن عبدالله الشملان، ونطل على مشهد اجتماعات يعقدها ابن الخال عبدالعزيز الشملان مع رفاقه في الباحة الداخلية الواقعة أمام مبنى البيت». لكن أحمد لم يبق في البحرين حين تصاعدت حركة الهيئة ثم اعتقل قادتها أواخر العام 1956 فقد سافر -برغبة من والدته وشقيقه الأكبر - لإكمال دراسته المتوسطة والثانوية بالكويت قبل ذلك بعدد من الأشهر.

من جانب آخر تفاعل أحمد الشملان - خلال الدراسة الابتدائية - مع المد الناصري العارم الذي عم البحرين، كما تأثر بالطروحات الناصرية وأحب جمال عبدالناصر حبّا كبيرا. كان متحمسا لعبدالناصر متابعا لحدث الثورة المصرية التي قامت مع بلوغه العاشرة من العمر. يذكر أحمد أنه في العام 1955 طلب من والدته نقودا وركب الدراجة من أم الحصم الى سوق المنامة فاشترى صورة عبدالناصر باللباس العسكري وأحضرها للبيت وعلقها على جدار الغرفة.

ويقول د. علي السندي صديق أحمد الشملان وزميل دراسته الابتدائية: «خلال دراستي مع الأخ أحمد في الصف الثالث الابتدائي عايشنا أحداثا وطنية، وكنا نتوجه من المدرسة إلى منطقة بقرب بيت التاجر محاذية لمسجد «مؤمن» حيث تجرى التجمعات التي تنظمها هيئة الاتحاد الوطني وتقع المنطقة بين المدرسة الغربية والسوق».


الكويت (1957-1963):

في مطلع العام 1956 سافر أحمد الشملان الى دولة الكويت ليواصل دراسته بالمدارس الكويتية المتوسطة والثانوية، وقد شكّل سفر أحمد للكويت ودراسته هناك نقطة تحول جذرية وحاسمة في حياته وضعت قدمه مباشرة على طريق السياسة والنضال السياسي.

سفر أحمد الشملان للكويت كان له عدة أسباب أحدها خوف الوالدة على ابنها أحمد من السياسة والنشاط السياسي خاصة وقد عايشت ما جرى لأخيها الشيخ سعد بن عبدالله الشملان، وكانت قلقة مما ينتظر ابن أخيها الزعيم عبدالعزيز بن سعد الشملان الذي سطع نجمه حينها. كانت أحداث حركة هيئة الاتحاد الوطني في تصاعد، وكانت الأم تلاحظ اهتمام أحمد بما يجري وتعاطفه مع الأحداث. لتلك الأسباب قرر يوسف الشملان إحضار شقيقه أحمد ليكمل دراسته بالكويت، وقد أرسل يوسف أكثر من رسالة لأحمد يمتدح فيها الكويت والحياة الطلابية.

كانت الكويت في تلك المرحلة التاريخية أخصب تربة سياسية يمكن أن يتبرعم فيها صبي لديه الاستعداد لتشرب السياسة والحس الوطني والشعور القومي، وللتعلم كيف يقدم نفسه للنضال ويضحي بحياته في سبيل القضية الوطنية.

كانت الكويت - خلال سنوات ضيافتها للطالب أحمد الشملان - تمر بفترة من أزهى عصورها السياسية في عهد الشيخ عبدالله السالم الصباح الذي يعتبر أبو التطور السياسي الحديث في الكويت. وفي تلك الأجواء انفتحت الكويت على العالم العربي والعالمي وغدت وجهة للعرب من كل حدب وصوب وموئلا للحركات الوطنية العربية، وامتلأت مدارس الكويت بالطلاب العرب من كافة الجنسيات. احتك أحمد الشملان مع الطلبة من مختلف الجنسيات العربية وتفاعل مع القضايا العربية الساخنة التي كانوا يتحاورون حولها من ثورة يوليو الى ثورة الجزائر الى الوحدة بين مصر وسورية الى الثورة في اليمن الى كفاح الثوار على جبال ردفان الى ثورة عمان.

بدأ اهتمام أحمد الشملان بالسياسة ومارس النشاط السياسي منذ المرحلة المتوسطة، فقد شارك في المظاهرات التي جرت بالكويت العام 1958 تأييدا للوحدة بين مصر وسورية وكان في السادسة عشرة من عمره طالبا بالصف الرابع المتوسط. ثم اتسع نشاطه الطلابي والسياسي في المرحلة الثانوية فقد أظهر حماسا وتفاعلا كبيرا وشارك في المناقشات واللقاءات السياسية المنوعة التي كانت تجرى بين الطلبة في المدرسة أو في السكن الداخلي وبرز اسمه كناشط طلابي. كما شارك في الحشود التي استقبلت المناضلة الجزائرية جميلة بوحيرد خلال زيارتها لدولة الكويت العام 1959.

ونشط أحمد مدرسيا بالمشاركة في المهرجانات والاجتماعات المدرسية ذات الطابع الوطني، الى جانب حماسه في خوض الكثير من المناقشات السياسية واتجاهه لتوسيع قراءاته المتنوعة. في العام 1961 شارك في مظاهرات الطلبة بالمدرسة ضد إعلان الانفصال بين مصر وسورية، كما شارك في مظاهرات التأييد لكفاح الشعب الجزائري وفي مظاهرات الاحتفاء بقيام ثورة اليمن بقيادة عبدالله السلال في العام 1961.

وحالما انضم أحمد الشملان لحركة القوميين العرب في الفترة ذاتها بدأت تبرز لديه بعض السمات القيادية فكسب ثقة مسئوليه الذين أوكلوا له مهمات منوعة. يقول د. عدنان الأسدي(فلسطيني مقيم حاليا بالولايات المتحدة الأميركية ويحمل جنسيتها/ كان صديق الشملان وزميل دراسته بالمرحلة الثانوية بالكويت): «أحمد الشملان شجعني على دخول المعترك السياسي، وانضممت لحركة القوميين العرب عن طريقه، هو عرض عليَّ الانضمام ولم أكن أعرف شيئا عن حركة القوميين العرب، لكن لأنني أعزه وأثق به فقد انضممت للحركة». ويقول الأستاذ أحمد البريكي (ظفاري): «كنت في الكويت طالبا بالمرحلة المتوسطة وأصبح أحمد الشملان الذي كان في المرحلة الثانوية مسئولي التنظيمي في حركة القوميين العرب».

ومنذ تأسيس مجلة «الطليعة» شبه الناطقة باسم حركة القوميين العرب بالكويت العام 1962 كان أحمد الشملان يتواجد في مقر المجلة ويلتقي بالشخصيات الكويتية القيادية في الحركة، يقول الشملان: «اهتم الأستاذ المرحوم سامي المنيس القيادي بحركة القوميين العرب ورئيس تحرير «الطليعة» بي وناقش معي الأوضاع السياسية العربية عددا من المرات، ثم استفسر مني عن وضع الحركة في البحرين فأجبته بأني لا أعرف. ويبدو أن الأستاذ سامي المنيس كان يُعدّني لمهمة سفر حيث طلب مني السفر للبحرين في عطلة الربيع مارس/ آذار 1962 وأوصاني بمقابلة عبدالرحمن كمال».

كان أحمد الشملان حينها طالبا في الصف الثالث الثانوي، وعمره 18 عاما، وصل البحرين في 13 مارس 1962 وهناك مر طالب الثانوية بتجربة لقاء تنظيمي مع واحد من أهم قيادات حركة القوميين العرب ليس في البحرين فحسب بل على مستوى القيادة المركزية للحركة هو عبدالرحمن كمال. أوضح عبدالرحمن كمال لأحمد أن وضع الحركة في البحرين صعب جدا ومقيد بسبب تركيز رقابة وملاحقة البوليس السياسي، مما أثر على الوضع الداخلي للحركة مسببا انقطاع العلاقة بين القيادة والقواعد. بقي الشملان في البحرين أسبوعا ثم أقفل راجعا للكويت. يقول أحمد عن تلك المهمة: «شعرت بالفرح والفخر أن أكلف بمسئولية تنظيمية هي السفر لمقابلة أحد القياديين الكبار في الحركة وأنا لم أزل طالبا في المدرسة، ولم يمضِ على انضمامي للحركة أكثر من عامين».

في العام الدراسي 1962 - 1963 كان أحمد في الصف الرابع الثانوي «التوجيهي»، وخلال تلك الفترة واصل نشاطه السياسي عضوا في حركة القوميين العرب وأخذ يتبلور دوره القيادي على مستوى المدرسة وفي صفوف الطلبة، يتذكر د. عدنان الأسدي بقوله: «في السنة الرابعة الثانوية جرى في العراق فبراير/ شباط 1963 انقلاب عبدالسلام عارف ضد عبدالكريم قاسم، وتم اغتيال عبدالكريم قاسم فيما سمي بثورة الثامن من رمضان، وقد أقام الطلبة مهرجانا خطابيا في المدرسة كان أحمد الشملان هو المنظم للمهرجان وقد طلب مني أن ألقي كلمة باسم شباب فلسطين، ولم أكن متعودا على مواجهة الجمهور وإلقاء الكلمات، لكنني وافقت على طلب أحمد وكتبت الكلمة بسرعة وحينما واجهت الجمهور كنت انتفض وقرأت الكلمة وأنا مرتبك ولا أعرف ماذا قلت».


المؤلفة فوزية حسين مطر

* زوجة أحمد الشملان منذ العام 1976 وأم ولديه خالد وسبيكة.

* المؤهلات:

- ليسانس آداب/ فلسفة وعلم نفس (جامعة بيروت العربية) العام 1974.

- ماجستير تاريخ (جامعة الصداقة/موسكو) العام 1981.

- تخصص فرعي/ أدب عربي ودراسات إسلامية (كلية البحرين الجامعية) العام 1984.

- دبلوم تربوي في مصادر التعلم والمعلومات (جامعة البحرين) العام 1994.

* الخبرات:

- 25 عاما في حقل التربية والتعليم.

- 35 عاماٍ في العمل النسائي الأهلي.

- خبرة نضالية في صفوف الحركة الوطنية والديمقراطية البحرينية.

* الاهتمامات:

- عضو مؤسس ومستمر بجمعية أوال النسائية (تأسست العام 1970 - البحرين).

- مارست الكتابة الصحافية في الصحافة المحلية بمقال أسبوعي في الفترة ما بين فبراير/ شباط 2001 وأكتوبر/ تشرين الأول 2007، وتركزت كتاباتها حول قضايا الشأن العام وقضايا المرأة على وجه الخصوص.

- مهتمة بقضايا الشأن العام وقضايا المرأة وبالبحث في تاريخ الحركة الوطنية البحرينية.

العدد 2603 - الأربعاء 21 أكتوبر 2009م الموافق 03 ذي القعدة 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً