العدد 2602 - الثلثاء 20 أكتوبر 2009م الموافق 02 ذي القعدة 1430هـ

معا ضد تدمير الآثار

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

عندما تقود وزيرة الثقافة والإعلام بنفسها حملة يوم الجمعة احتجاجا على انتهاك إحدى قنوات الري القديمة في مدينة حمد، فذلك يعني أن الأمور بلغت درجة الخطر.

هذه الحركة سبقها قبل أسبوعين، إعلان الوزيرة في ختام مسابقة الحاج حسن العالي، عن تسجيل عددٍ من المواقع الأثرية ضمن سلسلة التراث العالمي، وفي مقدمتها تلال عالي، وهي أكبر مقبرة أثرية في العالم، كانت تحتوي على أكثر من مئة ألف، فتقلصّ العدد بفعل التعدي عليها إلى خمسة آلاف!

هذا البلد يواجه استهتارا لا مثيل له في حماية تراثه، رغم وجود مؤسسات رسمية من صلب مهماتها حماية الآثار، ولكنها عجزت أمام تدمير هذا التراث. وإذا كانت الوزيرة في مقالها الغاضب الذي نشرته أغلب الصحف تتكلّم عن «هزال تعامل البعض منا مع هوية البحرين وثقافتها ومقومات عراقتها في التاريخ»، فإن الواقع يؤكد تهمة الهزال على الكثيرين، وخصوصا من تولّوا في فترة من الزمن مهمة حفظ الآثار.

الوزيرة تحذّر من امتداد التهور والجهل إلى قلعة البحرين أو سلاسل التلال الأثرية... وتطالب بالشروع في حماية حقوق الأجيال المقبلة في الرصيد الأثري لهذه الأرض. وهي دعوةٌ نؤيّد الوزيرة فيها، رغم أنها جاءت متأخرة. لكن أن تبدأ متأخرا خيرٌ من أن لا تبدأ أبدا وتجلس تندب حظك والتلال والأطلال.

لست خبيرا في الآثار، ولكن يهمني كمواطنٍ ضرورة حفظ تراث هذا البلد، وما أعرفه أن القناة التي «اكتُشفت» يوم الجمعة الماضي، ما هي إلاّ جزءٌ بسيطٌ من نظام ريٍّ طبيعي قديم، كان يغذّي رقعة واسعة من البساتين والحقول.

يوم الاثنين الماضي، قام الزميل هاني الفردان بعمليةٍ لتنشيط الذاكرة، حين عرض قضية الأفلاج الأربعين الممتدة على طول الساحل الشمالي من البحرين، من قرية المرخ انتهاء ببحر الجنبية. وهو موضوع سبق أن طرحه في تحقيق صحافي قبل أربعة أعوام، وكنت مرافقا له في مغامرته الجميلة تلك. يومها قابلنا عددا من الأهالي، وتسللنا مع المصوّر إلى عددٍ من البساتين والحقول و»الأملاك الخاصة»، وشاهدنا بأعيننا ما تبقّى من شواهد على ذلك النظام الهندسي البديع في الريّ، مما لم نتعلمه من مناهجنا الدراسية ولا وسائلنا الإعلامية.

حينها خامرني شعورٌ طاغٍ بالإحباط في مواجهة هذا «العبث والخفة والرعونة والمسعى المشبوه وغير المسئول»، إن سمحت لي الوزيرة باستخدام تعبيراتها. مع ذلك كتبت أكثر من مقالٍ داعيا لصيانة الآثار وحفظ هوية البلد الحضارية.

لقد أحسنت الوزيرة صنعا بتهديدها باتخاذ «إجراءات صارمة» ضد العابثين بتراث البلد، وتضييع هويتها وآثارها. وهي آثارٌ لا تقتصر على القلاع التاريخية، وإنما تمتد إلى تلال عالي والشاخورة والحَجَر ومعبد باربار وعين أم السجور... في سلسلةٍ طويلةٍ من الواجبات التي يُفترض على الوزيرة القيام بها. ويجب ألا ننسى المهن القديمة الآيلة للانقراض، وفي مقدمتها السلال في كرباباد، والنسيج في بني جمرة، التي نشرتُ عنها تحقيقا قبل سنوات، حذّرت فيه من اختفاء هذه الصنعة القديمة، برحيل الجيل الأخير لا سمح الله.

الوزيرة لا تتحمّل شخصيا مسئولية من اعتدوا على الآثار قبل وزارتها، أو استولوا على مساحات واسعة في سار أو الجنبية أو تلال عالي، ومحاسبة المتنفّذين فوق طاقتها وطاقة وزارتها، ولكن لتبدأ بإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وخصوصا أنه لم يبق من ذلك إلاّ القليل.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2602 - الثلثاء 20 أكتوبر 2009م الموافق 02 ذي القعدة 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 2:07 م

      تضييع هوية البحرين لا يقتصر على هدم تضييع الآثار

      تضييع هوية البحرين مسؤول عنها من باعها الى الأجنبي ، هذا التجنيس العشوائي ماهو الا هدم و تدمير للهوية و قتل من يحمل حب هذا الوطن بصدق و اعطاء الهوية لمن لا هم له الا جمع المال ليني بلده الذي جاء منه ، ابدأوا بالانسان أعيدوا الهوية الحقة للمواطن الأصيل اجتثوا المجنسين و الذين جنسوهم ثم التفتوا الى الآثار و غيرها تفلحوا !!!

    • زائر 4 | 12:50 م

      نعم للمحافظة على الآثار ولا للهدم والتخريب والتدمير 3-ام محمود

      مخالفات أو تعديات أحدثت أضرارا جسيمة بالتراث وعمل التحقيقات لكشف الانتهاكات والأمور الغامضة ومطلوب أيضاً عمل الصيانة للمواقع الأثرية التي حدثت بها التصدعات والتي تعاني من الاهمال مثل موقع سار الذي تعرض لانهيار أحد الأعمدة وتوفير الحماية والحراسة الأمنية منعا من دخول اللصوص أو أصحاب المشاريع الكبيرة لا نريد أن نندم بعد فوات الأوان وأختم بما قالته سعادة وزيرة الاعلام "لا شيء مثل تخريب الآثار بحجم ما حدث .. يكشف هزال تعامل البعض منا مع هوية البحرين وثقافتها ومقومات عراقتها في التاريخ.

    • زائر 3 | 12:18 م

      نعم للمحافظة على الآثار ولا للهدم والتخريب والتدمير 2

      الأثرية من معبد باربار التاريخي والأزمة التي حدثت في ذلك الوقت والتحذيرات التي أطلقها الخبراء والمسئولين من الخطر والأهمال المحدق بالآثار والكنوز البحرينية التي ترجع للحضارات العريقة الدلمونية والتايلوسية وكانت تسمى البحرين قديما بالجنة لانتشار المناطق الخضراء بشكل واسع عندما كانت المنطقة عندنا تمثل مركزا تجاريا مهما والفضل يعود لقنوات الري الاسلامية التي تسمى بالمثاقيب والتي كانت تحفر بالأيدي ويعتمد عليها في توصيل مياه الآبار السطحية الى مئات الأميال عبر هذه القنوات نطالب الآن بلجنة لرصد أي

    • زائر 2 | 12:03 م

      نعم للمحافظة على الأثار ولا للهدم والتخريب والتدمير 1

      سيقف الزمن والأيام يوما ليشهدا على الجرائم التي ارتكبها انسان هذا العصر في الحاق الضرر بخيرات الوطن وما فعلته الجرافات والشاحنات التي لا تهدأ ولا تتوقف عن العمل فمن ردم لمعظم السواحل وما نراه من صخور كبيرة عملاقة تحمل في الشوارع لأكبر دليل على هذه التجارة فهي تستخرج من قاع البحر ومن المناطق الصحراوية وتباع بالآلاف والى تجريف التلال الأثرية وفي تصريح لأحد النواب المهتمين فانه قال بان تم تدمير 170 ألف تل أثري وبقي 5 آلاف فقط .. وامتدت الأيدي الى الآثار ورأينا قبل سنوات حادثة سرقة أحد القطع

    • زائر 1 | 7:45 ص

      مواطن حريص على الاتار

      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
      ياسيد انت من بلاد القديم ويقولون هناك عين يسمونها قصاري وهي اكبر عيون البحرين ويقولون ان الحديقة الموجودة حاليا هي بمساحة العين سابقا مادري لو تتكلم عنها جان الحكومة ترد تحفرها وتعيدها كما كانت ومو لازم يصير فيها سمج متل الاول على الاقل يطلعونها يسبحون فيها العيال وحسب تقديري بتستوعب المئات لان شكلها كبيرة واجد ادا على قول كبار السن بانها في حدود الحديقة .
      الله ينتقم من كل ظالم سعى الى طمس هذه الاتار وحرمنا منها

اقرأ ايضاً