يشكل الأمن الغذائي الأسس التي تقوم عليها الحياة الكريمة، والتعليم السليم، بل والتي يقوم عليها في واقع الأمر تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية.
وعلى مدى العامين الماضيين، أدى تصاعد أسعار الأغذية، ونشوء الأزمة الاقتصادية، وتغير المناخ، ونشوب النزاعات إلى حدوث تزايد هائل وغير مقبول في أعداد البشر الذين لا يمكنهم ضمان الحصول على ما يحتاجون إليه من أغذية من أجل العيش والعمل والازدهار. ولأول مرة في تاريخ البشرية، هناك الآن ما يربو على مليار شخص يعانون من ربقة الجوع.
ولا تزال أسعار الأغذية ترتفع بلا هوادة في مختلف أرجاء العالم النامي.
ولزام علينا أن نستجيب لاحتياجات الجوعى: وهذا يتأتَّي، أولا، من خلال ضمان توفير الدعم الكافي، سياسيا وماليا، للمساعدة الغذائية في حالات الطوارئ.
إن «تحقيق الأمن الغذائي في أوقات الأزمات» هو موضوع الاحتفال بيوم الأغذية العالمي لهذا العام، وهو أيضا موضوع حملة تليفود (TeleFood) التي تضطلع بها منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة.
ويشدد هذا الموضوع على ضرورة بذل أقصى الجهود من أجل احترام كرامة جميع المتأثرين بآلام الفقر والجوع، ومن أجل دعم النساء والرجال الذين ألزموا أنفسهم بتحقيق هذا الهدف والذين كثيرا ما يخاطرون بحياتهم سعيا إلى تقديم المساعدة.
ثانيا، لا بد لنا من الاستثمار في إنتاج الأغذية وتوزيعها.
وفي العام الماضي، أنشأتُ فرقة العمل المعنية بأزمة الأمن الغذائي العالمية. ويحدد إطار العمل الشامل لفرقة العمل استراتيجية لتوفير شبكات الأمان والمساعدة للمزارعين من ذوي الحيازات الصغيرة، ولتوفير الدعم في مجالات زيادة الإنتاجية الزراعية وتحقيق القدرة على التكيف في الأجل الطويل، وإنشاء مشاريع الحماية الاجتماعية، وتوفير فرص الوصول إلى الأسواق، وتحقيق الإنصاف في مجال التجارة.
إن الأمم تعبّئ قواها من أجل العمل. وفي 26 يوليو/ تموز، اتفقت 14 منظمة متعددة الأطراف على العمل يدا واحدة في ظل مبادرة لاكويلا بشأن الأمن الغذائي. وسيكون مؤتمر القمة العالمي المعني بالأمن الغذائي، الذي سيعقد في روما في الشهر المقبل، فرصة أخرى للتركيز على الاستراتيجيات الوطنية والإقليمية، وعلى الشراكات القُطْرية، وزيادة مستويات المساعدة.
إن تحديات الأمن الغذائي تتطلب التزامات متعددة الأطراف، كما تتطلب مواجهتها بروح من الابتكار والقيادة.
وفي وقت الأزمة الراهنة التي نواجهها، فإنني أهيب بجميع الأمم أن تأخذ بالاستراتيجيات المنسقة والشاملة من أجل تحقيق التنمية الزراعية والحماية الاجتماعية الفعالة حتى يمكن للضعفاء، وبخاصة النساء والأطفال، أن يحصلوا على ما يحتاجون إليه من أغذية ولكي يحققوا لأنفسهم الأمن التغذوي والرفاه بوجه عام.
إقرأ أيضا لـ "بان كي مون"العدد 2598 - الجمعة 16 أكتوبر 2009م الموافق 27 شوال 1430هـ