تساهم دار الحضانة إلى جانب الأسرة في مهمة تربية الطفل وتثقيفه في المرحلة الممتدة من السنة الثالثة إلى نهاية السنة الخامسة من حياة الطفل كما يتولى الوسيطان عملية تشكيله اجتماعيا طبقا للثقافة السائدة في المجتمع الذي ينشأ فيه.
فعندما يولد الطفل لا تعدو أن يكون مجرد كائن بيولوجي يكتسب عادات خاصة بالاستجابة للمثيرات المختلفة طبقا لطريقة الحياة التي يدرب عليها.
وتبعا لنوعية المحيط البيئي الذي يعيش فيه فهناك كثير من أنواع السلوك كنا نظن أنها صفات فطرية في الإنسان ثم اتضح بعد ذلك أنها صفات مكتسبة نتيجة للتعليم في محيط جماعة إنسانية. فعن طريق عملية التشكل الاجتماعي يتم النمو الاجتماعي للطفل ويتحول من فرد بيولوجي إلى شخص اجتماعي وتبدأ الذات الاجتماعية في الظهور وذلك عن طريق تقبله التدريجي لطرق السلوك السائدة في المجتمع الذي يعيش فيه، أو عن طريق التعلم من الكبار في ظل علاقات اجتماعية في محيط إنساني يتمثل في العائلة أو في محيط أي بديل آخر مثل دار الحضانة.
ففي مثل هذا المحيط يتعلم الطفل أنواع السلوك المقبولة من أبناء المجتمع وعن طريق أحكام الكبار يتوصل إلى معرفة المعايير الخاصة بالحكم على الأشياء، ما هو صواب وما هو خطأ، ما هو فضيلة وما هو رذيلة، ما هو حسن وما هو رديء، ما هو جميل وما هو قبيح، ما ينبغي وما لا ينبغي أن يكون.
هناك كثير من الآباء ممن يرسلون أطفالهم إلى دور الحضانة إلا أنه ربما كان هناك عدد أكبر ممن لا يهتمون بإلحاق أطفالهم بهذه الدور، إذ إن من الملاحظ أن الدافع وراء إرسال الطفل إلى دار الحضانة يرجع إلى انشغال المرأة ودخولها إلى ميدان العمل إلى جانب الرجل أكثر.
مما يرجع إلى وعي الوالدين بالأثر التربوي لهذا الدور، ومما يؤكد ذلك ما نسمع عنه باستمرار من المطالبة بانشاء دور حضانة ملحقة بالأماكن التي تعمل بها المرأة بشكل يدل على أن هذا المطلب يهدف إلى خدمة المرأة العاملة أكثر مما يهدف إلى خدمة الصغير وتربيته.
وقد أثبتت الدراسات التي أجريت في هذا المجال أن زيادة الفرص التعليمية أمام الطفل من الممكن أن تؤدي إلى رفع درجة ذكائه بشكل ملحوظ فعلى رغم أن نتائج بعض الدراسات تشير إلى أن الذكاء قد يورث الآن إلا أن تأثير البيئة أيضا يعتبر ذا أثر فعال في تحديد الذكاء.
ومما يؤكد أثر البيئة مرة أخرى ما كشفت عنه بعض الدراسات من أن برامج التدريب الخاصة التي توفر بيئات غنية كانت ذات أثر ملحوظ في رفع درجة ذكاء من استفادوا من مثل هذه البرامج ومن أمثلة تلك الدراسات التي طبقت على أولاد كان متوسط ذكاء كل منهم هو 66 درجة قبل أن يحصلوا على التدريب المكثف الذي بدلت فيه محاولات لتشجيعهم على معالجة المواقف الاجتماعية والمشكلات المعنوبة، ارتفع متوسط ذكاء المجموعة المدربة إلى 76 درجة.
بناء على هذا يمكننا أن نستنتج أن دور الحضانة التي يدخلها طفل ما قبل المرحلة الابتدائية تساعد على تغيير درجة ذكائه وقد توجد فعلا في عدد من الدراسات أن متوسط التقدم في درجة الذكاء بين أطفال دور الحضانة قد ارتفع مقدار ست أو خمس درجات غير أن هذا لا يعني أن مجرد دخول الطفل دار الحضانة سيساعد حتما على رفع درجة ذكائه لأن الأمر يعتمد أولا وأخيرا على نوعية البيئة التي توفرها هذه الدور لأطفالها وما تحويه من فرص تعليمية ومدى غناها بالخبرات ووسائل التثقيف المختلفة.
جعفر عبدالكريم الخابوري
قلتها في كل حين
حاملا ذكرى سنيني
إنني أهواه ديني
وسيبقى في يقيني
ساكنا وسط عيوني
إنه عشقي جنوني
إنه خير قرين
ونجاتي وسفين
من لظى النار يقيني
جنة الخلد يريني
في خيال يعتريني
كلما زاد حنيني
وبفكر يرتويني
في شعور يحتويني
وبه تُجلى شجوني
وحيه سورة تين
وبقرآن مبين
في عطاء مستبين
لا تضاهيه لحوني
وبترتيل مكين
عبدالله جمعة عبدالله
يهدف القانون الجنائي البحريني إلى حماية الناس ومن ضمنهم القاصرون وقد حدد عقوبة الحبس التي قد تصل إلى 3 سنوات على من يقوم بالاحتيال على قاصر وسلب ماله وذلك في المادة 392 في قانون العقوبات البحريني والذي نص على أن (يعاقب بالحبس من انتهز حاجة قاصر أو محجور عليه أو من حكم باستمرار الوصاية أو الولاية عليه، أو استغل هواه أو عدم خبرته وحصل منه إضرار بمصلحته أو بمصلحة غيره على مال أو على إلغاء سند أو تعديله، فإذا وقعت الجريمة من وليِّه أو وصيِّه أو قيّم عليه أو من ذي سلطة عليه عدّ ذلك ظرفا مشددا، ويفترض علم الجاني بقصر المجني عليه أو استمرار الولاية أو الوصاية عليه، ما لم يثبت من جانبه أنه لم يكن مقدوره بحال الوقوف على الحقيقة).
وهذا التجريم حماية للقاصر من الاستغلال المادي من قبل الذين ينتهزون عدم خبرة وصغر سن القاصر فيحملونه على تصرفات ضارة به ويحصلون منه على مزايا مادية أو نقدية لا تتناسب مع ما تم تقديمه من خدمات وما كان يتاح لهم الحصول عليها لو كان تعاملهم مع شخص بالغ وقد لاحظ المشرع البحريني أن البطلان الذي يقرره القانون المدني لهذه التصرفات غير كافٍ لذلك أوجد هذه المادة الجنائية.
تقوم هذه الجريمة على أركان ثلاث (حالة المجني عليه إذ يتعين أن يكون قاصرا، والركن المادي الذي يفترض العناصر التالية الفعل الذي يتمثل في انتهاز فرصة احتياج أو ضعف أو هوى في نفس المجني عليه (القاصر) والنتيجة التي تتمثل في حصول المتهم على كتابة أو ختم سندات تمسك أو مخالصة متعلقة بمبلغ من النقود أو شيء من المنقولات أو على تنازل عن أوراق تجارية أو غيرها من السندات المالية أو إلغاء السند أو تعديله المهم هو الإضرار بمصلحة القاصر المادية، والركن المادي يفترض الإضرار بالمجني عليه في صورة القصد الجنائي.
يمثل هذا العنصر الفعل الذي تقوم به الجريمة ويعني انتهاز الاحتياج أو الضعف الاحتيال والنصب لاستغلال أموال القاصر، والاستغلال هو الاستفادة على نحو غير عادل من ظروف القاصر الخاصة، فالمتهم المحتال ينتهز معاناة المجني عليه احتياجا أو ضعفا أو هوى ليستنزف ثروته ويجني بذلك ربحا لا يستحقه، وأهم دليل في الواقع العملي على ذلك هو انتفاء التناسب بين ما يقدمه المتهم وما يحصل عليه، ثم كون ربحه لم يكن متاحا لو تعامل مع شخص بالغ، والاحتياج يعني ظروفا اقتصادية سيئة جعلت المجني عليه لا يستطيع بالوسائل العادية إشباع متطلبات حياته المشروعة كالطعام أو السكن أو التعليم، والضعف تعبير متسع يشمل جميع صور العجز عن الوقوف موقف التعادل إزاء المتعاقد الآخر، فلكونه صغير سن (قاصر) يجعله في صورة الضعف وعدم الخبرة ونقص في المعلومات وقصور المقدرة عن التبصر بالنتائج المحتملة للتصرفات القانونية ومن ضمنها المادية.
أما هوى النفس فيراد به النزوات والرغبات الطاغية التي قد تسيطر على المراهق أو المراهقة في هذه السن الصغيرة فيسعى إلى إشباعها مهما كلفه ذلك من مال كعشقه لصديقته أو حبيبته ورغبته في الإنفاق عليها إرضاء لها، ومثال آخر عندما يقوم القاصر بالإدمان على الخمر أو المخدرات وينفق من دون حساب أو أن يكون لدى القاصر شهوة اقتناء الجديد من سيارات السباق.
وقد ألحق المُشرِّع البحريني هذه الجريمة بجرائم الاحتيال والنصب لأن مسلك المتهم في هذه الحالة ينطوي على الغش والتدليس والكذب وانتهاز ظروف صغر سن المجني عليه واستغلالها لحمله على تصرف ضار بمصلحة القاصر حتى يحقق المتهم لنفسه نفعا ماليا غير مشروع، وعلى هذا النحو، فإن ما يقرب بين هذه الجريمة والنصب أن فعل المتهم هو صورة من الاحتيال على المجني عليه والاستغلال السيئ لظروفه، ولكن يفرق بينهما أن ما تفترضه هذه الجريمة من احتيال لم يَرْقَ إلى مرتبة الطرق الاحتيالية، وبالإضافة إلى ذلك، فإن هذه الجريمة لا تفترض وقوع المجني عليه في غلط، فقد يكون على بيّنة من الضرر الذي سوف يصيبه بالعمل الذي يحمل عليه، ولكنه لا يستطيع تفاديه لخضوعه لضغط الاحتياج أو الضعف أو الهوى.
ويشدد القانون في العقوبة إذا وقعت هذه الجريمة من ولي القاصر أو القيم عليه أو من ذي سلطة عليه، وبذلك يكون قانون العقوبات البحريني تنبه إلى ضرورة حماية حقوق القاصر وحقوق صغير السن، ونحن في عمود “ثقافة أمنية” نذكر الجميع بأهمية حماية القصّر من الوقوع في براثن المحتالين والنصابين ونحذر من أن له عقوبة جنائية.
وزارة الداخلية
الثقة، هي الإحساس الداخلي الذي يشعر به الشخص بقيمة نفسه بين الناس من حوله، عندها يتصرف الإنسان بشكل طبيعي جدا دون أي قلق أو خوف وتصرفاته يحكمها هو وليس غيره. فهذه التصرفات تنبع من ذاته دون تدخل أي من الأشخاص بعكس انعدام الثقة التي تجعل الشخص يتصرف بخوف وبقلق شديدين، وكأنه مراقب ممن حوله فتصبح تحركاته وتصرفاته وآراؤه أيضاُ مخالفة لطبيعته.
والثقة بالنفس لا تتولد مع الشخص بل ينشئها هو من بيئته.
وكثيرا ما نسمع الكثير شكاوى من المراهقين أو الشباب عن انعدام الثقة بالنفس ويرددون هذه العبارة حتى أخذت نصيبها منهم.
ولعلاج انعدام الثقة بالنفس يجب أن نتعرف على أهم أسبابها حتى نستطيع كيف نعالج هذا الداء في مجتمعنا.
وهناك أسباب كثيرة منها:
1. تهويل الأمور والمواقف بحيث تشعر بأن الأشخاص يركزون على نقاط ضعفك ويشهدون كل حركة غير طبيعية تقوم بها.
2. القلق من أن تتصرف تصرفا مخالفا للعادة خوفا أن يواجهك الآخرون باللوم والاحتقار.
3. شعورك بالضعف وبأنك لا تستطيع تقديم شيء أمام الأشخاص الآخرين وبأن تشعر بأنك غير مميز، وإذا استمر التفكير في مخيلتك على هذا النحو وترى نفسك ضعيفا وحقيرا سوف تستحكم هذه الأفكار عقلك وتصبح حقيقة.
والنقطة الثالثة هي أخطر وأهم الأسباب التي تدمر شخصيتك وتدمر كل الطاقات والإبداعات التي لديك لذل عليك التوقف فورا عن مناداة نفسك كـ(أنا فاشل) أو (أنا غبي)، (لا أستحق ذلك) فهذه الكلمات كفيلة بتشكيل الخطر على النفس وتحطيمها من غير أن يشعر الشخص بذلك.
فعليك أن تعلم أن هذه الكلمات إلا كالمعاول تهدم ثقتك بها فحاول أن تتوقف عن استخدامها لأنها تحطمك من الداخل وتشل قدراتك وتستحكم على تفكيرك... ولا تنسى أيضا تحديد مصدر إحساسك بالنقص.
وهناك أسباب كثيرة تستطيع تحديد مصدر هذا النقص تمهيدا لمعالجة انعدام ثقتك بنفسك:
1. قد يكون الإحساس بالنقص هو بسبب الفشل بالدراسة أو العمل بحيث تسمع من الجميع حولك ينتقدونك بشكل مؤذٍِ وجارح والتقليل من قيمتك.
2. والتعرض عند الصغر لتوبيخ وإحراج شديدين أمام الآخرين والمقارنة بينك وبين أقرانك والتهوين بقدراتك ومواهبك.
3. نظرة الأهل والأصدقاء لك على أنك ضعيف الذات ولا يمكن الاعتماد عليك في الأمور المهمة وعدم إعطائك أية فرصة لإثبات ذلك.
وباختصار هذه هي أهم أسباب عدم الثقة بالنفس التي نواجهها حاليا في مجتمعنا وعليك بالمبادرة بتحديد ما يخصك بينها ومصارحة نفسك وعدم إغضاء الطرف وتجاهل المشكلة وتوهم نفسك على أنك لا تعاني من مشكلة.
ولا تتهرب من حل مشكلتك لأنها نفسك وهي ذاتك محاسب عليها أمام الله عز وجل فلا تهملها.
«وإذا كانت لديك مشكلة فإنها لن تحل إذا أنكرت وجودها»
ولمعالجة انعدام الثقة بالنفس ولتكن حرا وقويا افعل الآتي:
- كن دوما شخصا نافعا ومهما لتستحق احترام الآخرين من حولك، وثق بقدراتك دائما.
- اطرح أفكارك بكل سهولة ولا تتردد وتأكد من أن الآخرين يحترمون وجهة نظرك.
- اعلم بقدراتك ونواقصك وثق بقراراتك التي تتخذها على ضوء ما لديك من معلومات.
- كن متفائلا بأن طموحك وأحلامك جميعها ستحققها وانهض مجددا ولا تيأس من إذا ما فشلت، وواصل في محاولتك في النجاح واجعل فشلك بداية جديدة لنجاحك.
ولا تندم أبدا عما فعلته في الماضي وتعلم من تجاربك بالحياة وكن متفائلا بشأن مخططاتك للمستقبل والناس اللذين لا يخطئون هم اللذين لا يتعلمون أبدا من الحياة.
وحينما تكون مع الآخرين تقبل انتقادهم بروح رياضية وشارك فرحتك بالنجاح لمن ساعدك فيه. كن واثقا من نفسك ولا تقلل من شأنك وأنك ذا شخصية مميزة وذات قيمة.
وكل ما تفعله أنت مسئول عنه لأنك تستطيع تحمل مسئولياتك بنفسك.
ولا تحط من قدرك مهما سمعت من الآخرين واعرف أن لكل شخص وجهة نظره، وكل ما تواجهه في الحياة يعلمك كيف تتعامل مع الصعاب وتكون صبورا، وأن مشاكلك جميعها ستحل.
وفكر دائما بإيجابية وكن متفائلا لتصبح إنسانا حرا وقويا.
ليلى علي حبيب الخباز
السُكرُ والملحُ مثال صريح في اختلاف الأمزجة والأذواق، ليس لأن متذوقيه يعتمدون الكمية المثالية، إنما خضوعهم لحكم ذوق شخصي ليس إلا.
فمن يميل إلى الزيادة في السُكر بحسب ذوقه، وقد يعتبر من ينتقص من مقدار كميته المعتاد عليها بأنه لا ذوق له، وإن كان غيره يميل إلى الزيادة في الملحِ وهو لا، فغيره طبعا يحسبِهِ شاذا عن الذوق السليم.
أذواقنا هي التي تجعل الأشياء لها طعم، وإن كانت أكثرها مجرد شعور وإحساس نحن صنعنّاه، وما نميل إليه من أهواء يجعلنا نحكم من خلاله على أذواق الآخرين، فإن كانوا يختلفون معنا في المعايير حكمنا عليهم بقلة الذوق، وقد نشُذّ أحيانا في التقييم من خلال أمزجتنا برميّهم بالجهل والتخلف، وعدم الاختيار الصحيح والأمثل لأنه فقط لا يتناسب مع مقاييسنا.
الذوق والمزاج والمحبة والكراهية أشياء نحن من نصنعها، إن لم تكن خاضعة لمعايير الصحة والسلامة، والأخلاق والدين، والعقل والمنطق، ففي كثير من الحالات تكون أحكامنا خاضعة جزافا، إما نتيجة إرث ورثناه، أو معلومة خاطئة نتعاطي معها بدون دليل، أو نكون واقعين تحت تأثير أهوائنا, فأكثرها التي تخضع لرغباتنا هي المعيار الذي نحدد بها ما نحب ونكره، إلا من كان محكوما بميزان الحقِ والعقلِ والعدلِ، بحيث يكون هواه حقا، وذوقه خاضع للنفع والضرر، ويتذوق الأشياء ويقيسها بمقدار ما يصلح له ولا يضره.
الوعي ليس كالغفلة، والعلم نقيض الجهل، والاستقامة لا تساوي الانحراف، والحكم بالظن إن لم يستند إلى شواهد تثبته فهو إثم، مجموعة هذه المفاهيم تكفي لتغيير كثير من معتقداتنا الخاطئة، والإرادة لاتباع تلك المفاهيم ضمانة من الأحكام الجائرة، ما يعني أننا لابد من مراجعة، وتكون على أساس فهم الأمور على واقعها ومن ثم الحكم على الآخر، ولا يكون ذلك إلا بثبوت الشواهد والقوانين، وعبر موازين تعطي الأشياء مسميّاتها الصحيحة.
لاشك أن الوعي جزء أساسي من الإدراك الإنساني وفهمه السليم، ومن يخالف الواقع فهو في فهم معوج، وأحكامه لن تخرج عن الأهواء والرغبات، وإذا كان ذوقنا الشخصي يُمثّل أدنى درجات الاختلاف مع الغير، وهو حق لنا إن لم يصطدم بحريّات الآخرين، إذ إن بعض الأذواق والرغبات قد تشكل ضررا على أصحابها، ولكن على كل حال يكون ضررها عليها ما لم تشرك الآخرين معها.
وما لا يمكن قبوله أن تكون هذه الفئة هي المقياس في كل شيء، نزولا عند أبسط الأمور كالذوق فهم فئة يرون أنهم المقياس للآخرين، ويرون أن كل مذهب مخالف لمذهبهم لا يصح الأخذ به، وما إن يعرض أمر إلا وكان مذهبهم هو المعيار للحق، ولا أمر أو نهي جاء به دين غير دينهم إلا ورّموه بالكفر، وكأن الله سبحانه وتعالى لم يبعث أو يرسل نبيا إلا نبيهم، بل لا يقف الأمر عند المذهب والدين، فما إن تعرض أي شاردة أو واردة إلا وكان رأيهم فيها على شيء وسواهم لا شيء.
ليس هكذا سيؤاخذ الله سبحانه وتعالى على الناس حسابهم، فكل عمل يُحسب بتبعاته، فإن كان خيرا فهو صالح من أين كان، وإن كان شرا فالجزاء من جنس العمل، هذا هو المعيار والحكم الذي يقاس عليه، فيختبر كل فعل بمدى صلاحه وفساده، ولا تقاس الأفعال بما قالته الرجال، بل تُمتحن الرجال بصدقها وعدالتها قولا وفعلا، ومدى صلاحها وفسادها، ولا تزكى أعمالها إلا إذا زكتها أفعالها الصالحة، إذ لا يمكن أن يكون أمرا فيه خير ولا يكون فيه رضا الله، ولا شر إلا وفيه سخط الله جل وعلا.
كثيرا من الأسباب تكفي ليس لتقليل استخدام السكر الأبيض فقط، بل والتفكير الجدي في الامتناع عنه، والبحث عن بدائل تغنينا عن مضارّه، مثل تسببه في حموضة الفم ما يؤدي إلى نخر الأسنان وأمراض اللثة، ويسبب البدانة ومرض السكر، وسرعة امتصاصه تؤدي إلى زيادة الطلب على الطعام، ويؤدي إلى حدوث هشاشة العظام، ويساهم في حدوث أمراض القلب والتهاب الشرايين، كذلك يؤدي إلى الصداع خاصة صداع الشقيقة، وهذه العيّنة هي فيض من غيث، ويمكن لمن يهمه أمر صحته أن يبحث في مضار الزيادة في السكر.
أما الملح فهو لا يقل خطره عن السكر، ويحسب البعض أن الملح ليس به ضرر، أما علميا فالأمر مختلف تماما، فمادة الصوديوم المتوفرة في ملح الطعام لها تبعات خطيرة، فهي مرتبطة بزيادة ملحوظة بحدوث النوبات القلبية والسكتة الدماغية، والصوديوم قد يقلّل من قدرة الأوعية الدموية على الانبساط والانقباض وقد يصلّب خلايا القلب، وثبت أن زيادة الملح في جسم الإنسان قد يزيد من السمنة.
والآن ما هو موقف أذواقنا من كل ذلك، حينما نرمي الآخرين بقلة الذوق أبعلم أحرزناه، أم فقط هي أهواؤنا، حتى وإن كان ذوقنا سيؤدى إلى عواقب لا نتحمل نتائجها، فقط لأننا نرى أننا على صواب والآخرين على خطأ، وكأن كل ما عدانا لا شيء ونحن كل شيء، سواء كان على اعتقادنا، أو قولنا أو إيماننا، فهل يكفي ذلك المعيار أن يؤخذ به، فأين نضع أذواقنا من السكر والملح في حياتنا مع كل النصائح والإرشادات الطبية؟
طاهر عبدالكريم
الدول التي تلاقي صعوبات في بناء اقتصادها الوطني عليها الانضمام إلى اتحادات إقليمية وتكتلات اقتصادية أخرى للخروج من أزمتها.
إن الانعزال هو أخطر مرض سياسي يؤدي إلى الشلل الاقتصادي الذي يوصل الشعوب إلى الفقر المدقع، وهذا ما اكتشفته أوروبا أثناء الحرب العالمية، والولايات المتحدة الأميركية بعد الانهيار المالي أثناء الحرب العالمية الأولى، وأيضا ما اكتشفه حديثا الشرق الأقصى بعد الانهيارات المتتالية التي أصابت العملات في إندونيسيا وماليزيا وهونغ كونغ وغيرها من البلدان. فعلى هذا الأساس؛ على الدول الخليجية التكتل لحماية اقتصاداتها التي بدأت العولمة تمتصها ويمكن أن يلحق بها أذى.
إن الاقتصادية التي تمارسها كل دولة على حدة ليست مبنية على أسس التعاون والتنسيق فيما بينها ولكن على أساس تنافسي على مختلف الأصعدة سواء أكانت اقتصادية أو صناعية، وستجد انه إذا بنى أحد البلدان الجارة مصنعا لبتروكيماويات تجد البلد الآخر يشيّد مصنعا مثله في بلده من أجل منافسته ولا تنسيق بينهما، فقد مضى أكثر من 25 سنة على قيام التعاون الخليجي ولم يستطع هذا الكيان أن يحقق أهدافه في الوحدة الاقتصادية ولا في توحيد عملته الخليجية، ولا في ربط دول الاتحاد بسكة حديد تربط هذه الدول بعضها ببعض أسوة بدول الاتحاد الأوروبي التي حسمت أمرها وأقامت اتحادها ووحّدت عملتها واقتصادها.
بإمكان المواطن الأوروبي أن ينتقل من بلد إلى آخر بدون جواز سفر إلا بالهوية، وتم ربط كل الاتحاد الأوروبي بقطار سريع يربط دول الاتحاد مما يسهل انتقال المواطن إلى أي بلد يشاء، فأين دول الخليج من هذه التطورات في العالم؟
إن دول الخليج ليس لها استراتيجية اقتصادية وسياسية بعيدة المدى لبناء بلدانها بالرغم من الثروات الهائلة التي لديها، إذ تصرف ثلاثة أرباع الميزانية على الدفاع وشراء الأسلحة والباقي على البنية التحتية للبلد، وهذا الربع الباقي من الموازنة لا يكفي لتنفيذ المشروعات الإسكانية وحل مشكلة البطالة وترميم البيوت الآيلة للسقوط وتحسين مستوى الدخل للجماهير الكادحة. إن المشروعات التي تقام الآن تكمن في التنافس الشديد على بناء المنتجعات السياحية وبناء ناطحات السحاب ومطارات ضخمة، كلها استثمارية لا يستفيد منها سوى طبقة «الكمبرادور» والرأسمالية المحلية والأجنبية، ولا يستفيد منها المواطن الخليجي، فعلى الدول الخليجية أن تتبع سياسة اقتصادية واجتماعية تخدم شعوبها.
موسى داوود
كثير منا يكونون آخر من يعلم بما يحصل حوله, وذلك بسبب نمط الحياة الذي يمارسونه وبالتالي فإن كثيرا من متعة المواقف تفوتهم.
وهنا سوف نسلط الضوء على بعض الأمور والمواقف التي مرت على الكثير منا، محاولة منا لأن نغير من واقعنا هذا من أجل حياة ملؤها التشوق والواقعية ومن أجل أن نبعد أنفسنا عن المواقف المحرجة.
من هنا أعزائي، مَنْ منكم يريد أن يستمر في أن يكون تحت خانة «آخر من يعلم»؟ أنا جدا واثق أنه لا يوجد فرد في الكون يريد أن يكون آخر من يعلم؛ وبالتالي سأضع بعض المواقف التي حصلت للكثير منا لنعرف حجم الإحراج الذي أصاب البعض منا.
أحد الإخوة أخبرني بأنه كان في زيارة لبيت أخته وإذا بالأخت تبارك لابنه الصغير جائزته الذي حصل عليها نتيجة تفوقه في مادة الرياضيات والأخ وهو والد الطفل، تفاجأ كيف أنه آخر من علم بالأمر؟ يقول صاحبي: نتيجة ضعف الراتب اضطررت إلى أن أعمل بنظام جزئي بعد دوامي وبالتالي انشغلت عن متابعة أمور البيت وتركت الأمر إلى زوجتي ولم أعرف أن أبنائي تفوقوا، وتأسفت على ذلك لأن حلاوة الشيء في وقته.
وهناك موقف حصل لإحدى الأخوات وذلك لأنهم كانوا في زيارة عائلية والزوج كان معها حيث تم طرح قضية اجتماعية للمناقشة وإذا بالزوجة تطرح رأيا في غاية الروعة وانبهر الزوج من هذا الطرح، وهم في الطريق سأل زوجته من أين لك هذه الثقافة, قالت له إنها تشغل وقت فراغها بالمطالعة والمشاهدة ودخول المواقع المفيدة المنتشرة على شبكة «العنكبوت»... والزوج مع الأسف كان آخر من يعلم بأن زوجته كانت تملك هذه الثقافة!
وموقف أخير وهو لأحد الآباء عندما وقف ينصح بعض شباب الحي بأن التدخين مضر للصحة, وهم يضحكون على كلامه وغير مبالين, وعندما سألهم قالوا له عليك أولا أن تنصح أبناءك ومن ثم نحن, الأب صمت من هول المفاجأة وكأن أحدهم قد ألقمه حجرا, وتعجّب من نفسه كيف أنه آخر من يعلم بسلوك أبنائه وما هي الأسباب التي دعته وجعلته يقف هذا الموقف... نعم، كثير من المواقف تصيبنا سواء على محيط العائلة أو العمل أو المجتمع لأننا أصبحنا نعيش عالمنا الخاص بنا وتركنا واقعنا.
مجدي النشيط
العدد 2598 - الجمعة 16 أكتوبر 2009م الموافق 27 شوال 1430هـ