العدد 2597 - الخميس 15 أكتوبر 2009م الموافق 26 شوال 1430هـ

المرضى يحملون الأطباء جميع أخطاء وزارة الصحة

في منتدى مشاكل الأطباء وسمعة الطبيب البحريني (2 - 2)

أكد عدد من الأطباء وجود علاقة متوترة بينهم وبين المرضى المواطنين نتيجة غياب الثقة بين الطرفين وقالوا: «لم تكن العلاقة في الماضي متوترة بين الطرفين ولكن في الفترة الأخيرة بدأت تظهر مشكلة في هذه العلاقة».

وشددوا على أن المواطن البحريني يحمل الطبيب جميع الأخطاء والنواقص في وزارة الصحة فهو يحمل الطبيب مشكلة نقص الأسرة والنقص في الكادر التمريضي والنقص في الكوادر الفنية.

وقالوا:«عادة ما يكون الطبيب في وجه المدفع فهو من تكون له علاقة مباشرة مع المريض والذي بدوره يحمل الطبيب جميع هذه النواقص».

وذكروا خلال الجزء الثاني من منتدى «الوسط» حول «مشاكل الأطباء وسمعة الطبيب البحريني» أن عدد الأطباء في البحرين غير كاف بتاتا وأن البحرين تحتاج إلى المزيد من الأطباء وخصوصا في المستشفيات والمراكز الصحية الحكومية، وقالوا: «نحن بحاجة إلى ما يقارب من عشرة آلاف طبيب في حين أن المتوفر الآن هو 2200 طبيب فقط».

وأكدوا الحاجة لنشر الوعي فيما يتصل بالخدمات الطبية لدى المواطن البحريني، وقالوا: «إن هذا الوعي متدنٍ تماما مقارنة بالمجتمعات الغربية».

وقد شارك في المنتدى كل من رئيس جمعية الأطباء البحرينية احمد جمال ونائب رئيس الجمعية علي القيم بالإضافة إلى الأستاذ المشارك بجامعة الخليج العربي علي العرادي واستشاري الأنف والأذن والحنجرة عبد الرحمن الغريب.

وفيما يأتي نص الجزء الثاني من المنتدى:

إن كانت رئيسة جامعة الخليج العربي -وهي أهم مؤسسة تعليمية طبية في البحرين- تتهم الطبيب البحريني بالسعي وراء المادة فقط ولا يهتم بالبحث العلمي، ألن يؤثر هذا الكلام على المواطن البحريني وضعف ثقته بالأطباء في البحرين؟

- علي القيم: إن ما ذكرته رئيسة الجامعة السابقة قد خلق بالطبع نوعا من البلبلة لدى الناس، وخصوصا أن هناك بعض المشكلات بين المرضى والأطباء البحرينيين، إن هذا الكلام قد أعطى دفعة إضافية لموضوع فقدان الثقة بين الطرفين ويمكن القول إن الدكتورة رفيعة قد صبت الزيت على النار وساهمت في إثارة المجتمع ضد الطبيب البحريني.

ولكن ألم تكن هذه العلاقة واقصد العلاقة بين الطبيب والمريض في البحرين متوترة بشكل عام، لقد سمعنا وقرأنا الكثير من القضايا التي يتم فيها الاعتداء على الأطباء من قبل المرضى؟

- القيم: لم تكن العلاقة في الماضي متوترة بين الطرفين ولكن في الفترة الأخيرة بدأت تظهر مشكلة في هذه العلاقة، هناك نقاط حساسة في هذه العلاقة.

هل هناك أسباب معينة لتوتر هذه العلاقة؟

- القيم: هناك أسباب كثيرة لذلك، والإخوة أكثر خبرة مني، بصراحة إنني لا اعرف أين يوجد الخلل بالضبط ولكن أعتقد أن الصحافة لها دور كبير في هذا الموضوع.

هناك أخطاء كثيرة ونقص كبير في الخدمات الطبية، فهناك أخطاء إدارية وفنية ونقص في بعض الأدوية والأسرة وخصوصا في مستشفى السلمانية الطبي، في حين يكون الطبيب في وجه المدفع فهو من تكون علاقته مباشرة مع المريض والذي بدوره يحمل الطبيب جميع هذه النواقص؟

- القيم: ما تذكره صحيح تماما فالطبيب يتحمل جميع المشكلات والأخطاء الموجودة في الوزارة، إن الطبيب هو من يقدم الخدمة في حين أن هذه الخدمات لا تعتمد فقط على الطبيب فهي تعتمد على المؤسسات الطبية والكادر الإداري وأمور تتعلق بميزانية وزارة الصحة وأعتقد أن المواطن البحريني ليس على اطلاع كاف بجميع هذه الأمور فهو دائما ما يحمل الطبيب المسئولية الكاملة. هناك أمر آخر فالطبيب المعالج أو الجراح -حينما تحتاج الحالة إلى عملية جراحية- يكون هو المسئول الأول والوحيد أمام المريض في حين أن إجراء العملية يحتاج إلى الكثير من الكوادر الطبية كطبيب التخدير وطبيب القلب وكادر تمريضي وأدوية من الصيدلية، وعندما تحدث أي مشكلة فإن الطبيب يكون في الواجهة ويتحمل تقصير جميع هؤلاء - إن كان هنالك تقصير. إن المواطن البحريني لديه هذه الثقافة فهو يحمل الطبيب مشكلة نقص الأسرة والنقص في الكادر التمريضي والنقص في الكوادر الفنية. هناك حاجة لنشر الوعي فيما يتصل بالخدمات الطبية لدى المواطن البحريني فهذا الوعي من وجهة نظري متدنٍ تماما مقارنة بالمجتمعات الغربية.

الأمر الآخر متصل بالميزانية المخصصة لوزارة الصحة فهناك نقص في الكثير من الأمور كالنقص في الأسرة أو في أدوية معينة وكل ذلك يحمل للطبيب نفسه. طبعا هناك أمور متصلة بالأطباء أنفسهم، فبصراحة نحن الأطباء لا يوجد لدينا ما يسمى بالتسويق للخدمات التي نقدمها، فنحن نعمل بصمت، نحن نبذل الكثير من الجهد ونقوم بإجراء الكثير من العمليات الصعبة ولكن كل ذلك يتم دون أن يعرف أحد به، الإعلام لدينا في وزارة الصحة لا يقوم بدوره بالشكل المطلوب ففي أي مؤسسة يجب أن تكون هناك إدارة للعلاقات العامة تطلع بنشر أهداف وجهود هذه المؤسسة وتوصلها للمجتمع، ومن جانب آخر فإن أي خطأ أو تقصير تقوم الصحافة بإبرازه، إن ما يصل إلى المجتمع هو الأخطاء وليست الانجازات، هناك أكثر من 25 ألف عملية تجرى سنويا وأكثر من 100 ألف مريض يتلقى العلاج كل ذلك لا يذكر ولكن إن حدثت مشكلة واحدة فقط فإنها تضخم وتظهر على الصفحات الأولى في الصحف.


دور جمعية الأطباء

خلال السنة الماضية وفي شهر واحد كانت هناك ثمانية اعتداءات من قبل المرضى على الأطباء، هل يمكن أن يكون الطبيب دائما على صواب والمريض على خطأ؟ ثم ما هو دور جمعية الأطباء البحرينية في نشر الوعي في المجتمع والانفتاح على الصحافة ومؤسسات المجتمع المدني الأخرى؟

- أحمد جمال: لقد قامت الجمعية ومنذ إنشائها في العام 1973 بأدوار كبيرة في موضوع التثقيف الصحي وذلك خلال عهود مختلف رؤساء الجمعية. قد نظمت الجمعية الكثير من الأنشطة في هذا المجال ولكن عندما تقوم بأي نشاط في المجتمع فإنك تحتاج إلى المزيد، في بريطانيا مثلا عندما تذهب إلى المستوصف الطبي فهناك لائحة توضح للمرضى الذين بحاجة إلى إجازة مرضية أن لهم الحق في إعطاء أنفسهم إجازة مرضية لمدة أسبوع كامل وليس لأحد الحق في أن يسألهم عن الإجازة الموقعة من الطبيب فيكفي أن تتصل بالمسئول لديك في العمل وتخبره بأنك مريض ولن تتمكن من الحضور للعمل لمدة أسبوع. في البحرين صدر قرار بأن من حق الموظف أن يعطى نفسه إجازة لمدة يوم واحد، ومع ذلك هناك من يحضر إلى الطبيب ويطالب بإعطائه إجازة لمدة يوم لأن المسئولين لديه يطالبونه بورقة معتمدة من الطبيب وحتى أن بعض المسئولين في المؤسسات الخاصة لا يقبلون بالإجازات المرضية التي تعطى من قبل العيادات الخاصة المعتمدة من الدولة إن مثل هذه الإدارات متخلفة. إن قضية الإجازات المرضية تثير الكثير من المشاكل بين الأطباء والمرضى.

فيما يخص ثقة المرضى بالأطباء هناك أكثر من نقطة يمكن تثار، على سبيل المثال الموضوع المرتبط بالمواعيد ففي بعض الأحيان تكون هناك مواعيد متراكمة أو متأخرة لدى الطبيب أو هناك نقص في الكادر الطبي أو أن يكون لدى الطبيب أعمال إدارية وعندما يتأخر الموعد تحدث مشكلة بين الطبيب والمريض.

وهناك أيضا مسألة الأخطاء الطبية، في بعض الأحيان تحدث بعض المضاعفات للمرضى وهي ليست أخطاء طبية ولكن الناس تعتبرها خطأ ارتكب من الطبيب، هناك طبعا أخطاء طبية تحدث لدينا وتحدث في جميع أنحاء العالم ولكن لا يجب تضخيم هذه الأخطاء، هناك نسبة معينة معتمدة في جميع أنحاء العالم التي قد تحدث فيها مضاعفات أو حتى أخطاء أو تقصير ولكن ذلك لا يجب أن يؤخذ وكأنه الغالب أو المنتشر في العملية الطبية، إن مثل هذه الأمور تحدث ولكن بنسبة بسيطة جدا.

كما قد يحدث تقصير من قبل الأطباء نتيجة تململهم من النقص في الكادر الطبي أو التمريضي أو حتى من وضعهم الوظيفي، فلدينا مثلا تململ لدى الأطباء المقيمين فهم لم يحصلوا على أي ترقية منذ ثمان أو سبع سنوات، ولذلك فإن لدينا في جمعية الأطباء البحرينية مطالبات بتعديل الكادر، الأطباء المقيمون يعتقدون أن هناك ظلما قد وقع عليهم وخصوصا فيما يخص الترقيات، إن كان هناك تململ لدى الأطباء فإنهم لن يقدموا كل ما لديهم من عطاء مما سيؤثر على كفاءتهم في العمل.


نقص الأطباء

هل عدد الأطباء كافٍ بالنسبة لعدد السكان؟

- جمال: إن عدد الأطباء لدينا غير كاف مطلقا والبحرين تحتاج إلى المزيد من الأطباء وخصوصا في المستشفيات والمراكز الصحية الحكومية، نحن بحاجة إلى ما يقارب من عشرة آلاف طبيب في حين أن المتوفر الآن هو 2200 طبيب في حين أن عدد السكان في ازدياد ما يعني أن هناك نقصا كبيرا في عدد الأطباء، يمكن تنمية الكادر الطبي في المستقبل ولكن ذلك يتطلب تنمية موازنة وزارة الصحة، هناك أيضا نمو كبير في العيادات الخاصة والسياحة العلاجية ونرى انه على الحكومة أن تدعم السياحة العلاجية والمستشفيات الخاصة وخصوصا المستشفيات البحرينية ذات الكفاءة العالية، إذ إن هناك مستشفيات تنشأ من قبل مستشفيات خارجية غير ذات مستوى عال في الكفاءة، ولذلك يجب على وزارة الصحة وجمعية الأطباء أن ينبهوا الناس بأن هناك مستشفيات ذات كفاءة منخفضة ويجب وضع شروط ومعايير لعمل المستشفيات الخاصة في البحرين.

إن قضية ثقة المريض بالطبيب قضية لا تختص بها البحرين فقط وإنما هي قضية عالمية أي أنها موجودة في جميع أنحاء العالم وإن كانت بمستويات مختلفة، إن تطور المجتمع والنظام الطبي تسمح بازدياد حالة الثقة وبالتالي فإننا في الجمعية نسعى إلى تنمية الجانب الإداري وتنمية الثقافة الصحية سواء في المجتمع أو لدى الطبيب، فمن المهم أن يفهم الطبيب كيفية التعامل مع المريض، هناك حالات من التعامل من قبل الأطباء قد لا تكون مرضية بالنسبة للمرضى ولذلك فنحن نبحث إمكانية تطوير هذا الجانب من أجل تطوير الثقة.

كما قلت سابقا فإن الجانب الوظيفي للطبيب مهم جدا، فالطبيب يبحث عن ظروف وظيفية معينة ومستويات معينة، فقد نجد احد الأطباء الاستشاريين يقفز خلال سنتين أو ثلاث إلى الدرجة التخصصية السادسة في حين أن زميلا له لا يتعدى الدرجة الإدارية السادسة في نفس الفترة، هذا عدم توازن، وعلى الرغم من أن الممرضين يطالبون بتعديل الكادر إلا أن هناك من الممرضين من يصلون إلى الدرجات الإدارية بحيث يكونون أعلى من الأطباء رغم أن الأطباء يتعبون في تقديم الامتحانات إلا أنهم لا يصلون إلى الدرجات التي قد يصل إليها زملاؤهم الإداريون. هناك خلل في التصنيف الوظيفي في وزارة الصحة، ولذلك فإن الكثير من الأطباء يتركون وزارة الصحة ويعملون في المستشفيات الخاصة أو يفتحون عيادات خاصة بهم.

وعلى رغم مطالباتنا المتكررة لتعديل الكادر الوظيفي للأطباء إلا أن الاستجابة الحكومية بطيئة جدا في تجاوبها مع هذه المطالب.


الطبيب مأكول ومذموم

- عبدالرحمن الغريب: أعتقد أن الطبيب البحريني وكما يقال (مأكول ومذموم) ولكي نغير قناعات الناس الخاطئة يجب أن نبدأ أولا من الأطباء أنفسهم، فإن لم نستطع نحن كأطباء أن نقيم وننصف أنفسنا ونتحد مع بعضنا البعض من خلال الالتفاف حول جمعية الأطباء البحرينية التي تحاول مراعاة الحقوق والواجبات للطبيب والمجتمع، فالمسألة ليست انحيازا لجانب على حساب الطرف الآخر، هناك واجبات وضمانات على الجميع أن يتقيد بها.

هناك الكثير من الأمور التي من الممكن إصلاحها، وللأسف هناك بعض الأمور الصحيحة حول ما يقال عن الأطباء وعن مستشفى السلمانية الطبي، أين الخلل؟ ذلك ما يجب على المسئولين التوصل إليه ومعالجته.

هناك عدد من النقاط التي أحب أن اطرحها في موضوع غياب الثقة في الطبيب البحريني، أولى هذه النقاط هي عدم وجود فكر استراتيجي صحي لدى الدولة فنحن لم نشهد خطة أو برنامجا استراتيجيا لدى المسئولين في الوزارة، هناك مقومات وأساسيات للعملية الصحية ولذلك يجب إيجاد خطة استراتيجية صحية واضحة يتم إقرارها، وباعتبار أن الصحة قضية مهمة فإن التذمر حولها يزداد يوما بعد يوم.

النقطة الأخرى هي عدم وجود استمرارية في البرامج ففي كل مرة يأتي وزير فإنه يأتي بفكرة جديدة ويحاول تحقيقها لكي يثبت للقيادة السياسية بأنه نفذ أمرا متميزا وجديدا، من حق أي وزير أن يسعى لذلك ولكن يجب أن يكون ذلك منسجما مع الخطة الاستراتيجية للدولة، الإخوة الأطباء يذكرون عدد الخطط التي تم وضعها في الوزارة فكل وزير يأتي ببرامج وأولويات ولا يشعر بأنه يجب أن يستمر بما تم البدء به في السابق وكأنما ما هو مطلوب منه أن ينسف ما تم فعلا وان يبدأ من جديد وذلك للأسف خطأ في عقلية المسئولين لدينا، وذلك ينسحب أيضا حتى على مستوى رؤساء الأقسام، فكل رئيس قسم يأتي يريد أن يقدم شيئا جديدا. إن ذلك نهج ليس صحيحا أبدا ويخلق التنافس بين الأطباء بعيدا عن البرنامج الموحد الذي يجب اتباعه من قبل الجميع وهذا السلوك يجب أن يصحح. ولن يصحح إلا من خلال وجود آلية ثابتة وبرنامج استراتيجي من قبل الدولة.

النقطة الثالثة هي إمكانيات الدولة فهناك حدود لا يمكن لأي دولة أن تقدم أكثر من طاقتها، فإلى متى يمكن لمستشفى السلمانية أن يستوعب جميع سكان البحرين. هناك خدمات طبية حكومية وهناك المستشفيات الخاصة وهناك التأمين الصحي، إن الدولة تريد تقديم خدمات صحية ذات طابع اشتراكي في حين أن النظام فيها نظام رأسمالي وهذا تناقض كبير ولا يجب أن يستمر هذا التناقض، ولذلك نرى أن الدولة تقوم الآن باستيراد أدوية ليست من المستوى الأول وتقوم بعمل تسويات معينة لا تجوز في الحقل الصحي، أعتقد أن على الدولة أن تعترف بحدود إمكانياتها في تأمين الخدمات الصحية مثلما تعمل جميع الدول.

النقطة الرابعة، توجد ثلاث مستويات من خدمات الرعاية الصحية وهي الرعاية الصحية الأولية، والرعاية الصحية الثانوية والرعاية الثالوثية. الرعاية الصحية الأولية تتمثل في المراكز الصحية ولدينا برنامج راقي ومتقدم في هذا المجال يغطي جميع احتياجات الدولة، وعلى رغم وجود بعض المشكلات فإنه يمكن تصحيحها. فيما يخص مستشفى السلمانية فإنه يقدم خدمات راقية في الكثير من المجالات ولكنها تصل في بعض الأحيان إلى مستوى الخدمات الثالوثية، الرعاية الصحية الثانوية غير موجودة بشكل صحيح في البحرين حتى أنها لم تصنف في البحرين، بحيث أن المشكلات اليومية الصغيرة لا تحل، مثلا من يريد رعاية صحية أولية يذهب إلى المراكز الصحية ومن يريد عملية قسطرة للقلب يذهب إلى المستشفى العسكري، ولكن هناك مشكلات في النصف، يجب خلق آلية معينة للتعامل معها. النقطة الأخيرة متعلقة بالطبيب الذي كما قلت سابقا بأنه (مأكول ومذموم) فالمواطن عندما يذهب للعلاج فانه دائما ما ينظر إلى الطبيب بصفته المسئول عنه، ولكن يجب أن نعرف بأن هذه المسألة متعلقة بعدة أطراف، فالخدمة الطبية التي تقدم تحتوي على عدة أطراف، الطرف الأول وهو الطبيب وله دور مهم جدا في هذه المعادلة وهناك الطاقم التمريضي وله دور مهم أيضا ويكمل دور الطبيب وهناك الطاقم الإداري. فإن كان الطبيب في وادٍ والكادر التمريضي في وادٍ آخر وللأسف فإن الواقع هو كذلك لدرجة أن الوضع أصبح محزنا جدا، هناك مشكلة في العلاقة بين الكادر الطبي والتمريضي، وللأسف فإن مخرجات الكادر التمريضي ليست بالكفاءة المطلوبة وذلك لا يعني الحط من قدرهم أو الذم فيهم بالقدر الذي نريد فيه إصلاح العملية الصحية في البحرين، فيما يخص الكادر الإداري فهناك معوقات إدارية كبيرة جدا تواجهنا، وللأسف فإن لدينا قطاعا كبيرا من الأطباء وجد أن الإدارة تشكل شيئا جميلا ومريحا بالنسبة له ولذلك تحول إلى إداري، اعتقد انه يجب فتح نقاش جدي في هذا الموضوع بشكل منظم لكي نصلح من العملية الصحية في البحرين.


ثقافة اتهام الطبيب

- علي العرادي: فيما يخص مسألة الثقة بين الطبيب والمواطن، أرى انه يمكن تلخيصها في عدد من المحاور، أولا أن الطبيب يقدم العناية الطبية والغاية من ذلك شفاء المريض، فالطبيب يقوم بتقديم عناية خاصة في معانية المريض وعلاجه، فإن حدث خطأ ما بدراية من الطبيب، مثلا عندما تحدث مضاعفات نتيجة عدم دراية الطبيب بعمله فإن ذلك يعتبر خطأ طبيا، ولكن إن قدم الطبيب جميع ما يستطيع وحدثت المضاعفات دون أي تقصير من الطبيب فإن ذلك يكون قضاء وقدرا.

في تخصصي مثلا أقوم بإجراء عمليات لتبديل الحوض ونحن كأطباء نعرف أن هناك نسبة معينة من هذه العمليات تصاحبها حدوث جلطات في الرجل وقد تؤدي إلى وفاة المريض فإن قام الطبيب بجميع واجباته بحيث احتاط لعدم حدوث الجلطة من خلال إعطاء الدواء المناسب وقام باتخاذ جميع الإجراءات التي تمنع ذلك ومع كل ذلك حصلت الجلطة، فإن ذلك لا يعتبر خطأ طبيا حتى وان مات المريض.

لقد أصبح اتهام الطبيب بالتقصير في البحرين ثقافة، صحيح ان ليس جميع الأطباء سواسية وصحيح انه يوجد أطباء قصروا في بعض الحالات ولكنهم أقليه ولو كان مثل هؤلاء الأطباء أكثرية لما ذهب الناس لتلقي العلاج في مستشفى السلمانية وأن الذهاب إلى المستشفى يعني أن الناس تثق في الأطباء. السبب في هذه الثقافة هو أن توقعات المرضى قد ارتفعت أي أن توقعات المرضى في الحصول على النجاح في العملية أو النجاح في العلاج قد ارتفعت نتيجة التقدم العلمي وسهولة الحصول على المعلومات، الآن المريض يعرف عن مرضه الشيء الكثير جدا وذلك لم يكن موجودا في السابق.

الجانب الآخر الذي يجعل المواطنين يهاجمون الأطباء هو عدم وجود حماية كافية من قبل الجهاز الإداري في الدولة. فكم من الأطباء تم الاعتداء عليهم ولم يكن موقف وزارة الصحة بالمستوى المطلوب.

كما أن ما ذكره الأخ عبدالرحمن الغريب من عدم وجود استراتيجية صحية، صحيح تماما. لا يمكن لأي وزير أن يأتي ويبدأ من الصفر، هناك الخبرة التراكمية والعمل التراكمي، يجب تطوير الأمور الايجابية التي قام بها الوزير السابق وليس إلغاؤها.

الأمر الآخر الذي أشاع ثقافة الانتقاد وعدم الثقة في الأطباء في البحرين هو دور الصحافة السلبي، فالصحافة يجب أن تلعب دورا ايجابيا في رفع المستوى الثقافي الصحي لدى المواطنين، فليس من مصلحة المواطن الضعيف ماديا وجود شكوك على المستوى الصحي في المؤسسة الحكومية بسبب أن هذا المواطن إن رأى خللا في الجسم الصحي الحكومي سيذهب في نهاية المطاف إلى الطب الخاص وهناك سيصرف مبالغ كبيرة مما سيضيف أعباء كبيرة على ميزانيته، إن دور الصحافة يجب أن يكون موضوعيا.

مثلا قضية مرضى السكلر في البحرين، إنهم يمثلون واحدا في المئة من المجتمع وذلك لا يعني مطالبة الدولة بعدم الاهتمام بـ99 في المئة من المواطنين والاهتمام فقط بالواحد في المئة، ومع الأسف فإن المسئولين في وزارة الصحة يتعاملون بردود الأفعال في هذه القضية، إن حل مشكلة السكلر في البحرين بسيط جدا متى ما وجدت استراتيجية صحيحة ووضع بروتوكول معين لعلاج هذا المرضى ووضع الكادر المناسب.

العدد 2597 - الخميس 15 أكتوبر 2009م الموافق 26 شوال 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 5:33 ص

      مسكلر و لي تعليق

      بصراحة أكثر من اقدرهم في وزارة الصحة هم أطباء و ممرضات و ممرضي الطوارىء فرغم الإهانات التي يتعرضون لها يوميا لكنهم صامدون . رأيت العديد من الإعتداءات على الدكاترة و الممرضين طوال السنوات الماضية ، مواقف يندى لها الجبين ، أقف وقفة إجلال لكل من يعمل في هذا القسم بصراحة ، أما الأجنحة فحدث و لا حرج و العياييرة زايدين سواء من اطباء او طاقم تمريضي ، لم أرقد مرة او مرتين لكي احكم عليهم لكني رقدت عشرات المرات.

    • زائر 3 | 2:35 ص

      النقص في................

      أنا لا أتهم جميع الأطباء هذا أولا... ولكن من خلال مراجعاتي للمركز الصحي ومستشفى السلمانية أحسست بالنقص الشديد في تفهم المرضى ومؤازرتهم نفسيا من قِبل الأطباء فبعض وأركز على كلمة بعض الأطباء يستهزؤون بالمرضى ويستهينون بآلامهم وهذا هو السبب الأول الذي تنشأ منه هذه العلاقة المتوترة.

    • زائر 2 | 1:35 ص

      حقائق لاتقبل الجدل

      أولا :زيادة السكان ناتجة من زيادة التجنيس وبالتالي تهالك الخدمات الصحية ثانيا : الناس تذهب للسلمانية ياعرادي لانهامجبرة وليست مختارة ولوتمكنت لماذهبت لمعلوماتك ثالثا للدكتور غريب : المادة اعمت عيونكم الا ماندر ولذلك ضعفت الثقة وحتى المعاملة والخدمات تجدها مختلفة والمشكلات والغيرة واللوبيات انتم اللذين خلقتموها فأصبح الكل يتكلم باسم جماعته لاباسم الطبيب البحريني ولم يعد للمريض اهمية , ورابعا واخيرا هل يعقل ان يمارس طبيب متدرب دوره على مريض ؟؟ من سيتحمل النتائج ؟؟ اليست هذه من المشاكل

    • زائر 1 | 11:20 م

      يعطيكم الف عافيه

      نحن لاننكر الجهد الكبير الذي يبذل من قبل الاطباء ولاكن توجد فئه بسيطه ترتكب بعض الاخطاء وهذا الشيء يحسب باسم الجميع فنتمنى ان تكون هناك لجنة محاسبه حتى لا يظلم احد سنرااااااااااوي

اقرأ ايضاً