العدد 2596 - الأربعاء 14 أكتوبر 2009م الموافق 25 شوال 1430هـ

يوسف بن علوي

محمد عبدالله محمد Mohd.Abdulla [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

أجرت صحيفة «الحياة» اللندنية في الأول من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري حوارا مهما (ومُطوّلا) مع الوزير المسئول عن الشئون الخارجية بسلطة عمُان يوسف بن علوي بن عبدالله حول العلاقات العربية الإيرانية، وعن ملف طهران النووي.

ولكي أسير بالقارئ نحو النتيجة المُبتغاة أسرد جزءا يسيرا مما قاله الوزير العُماني. قال الرجل: «دول الخليج لا تحتاج إلى وساطة مع إيران، لأنهم جيران وبينهم علاقات تجارية واتصالات مباشرة، فلا داعي للوساطة. بمنتهى الصراحة، ليس للعرب مصلحة في العداء مع إيران».

بن علوي أكّد ذلك مستشهدا بـ «الدراسة التي أجراها المعهد الدبلوماسي السعودي ومجلس الدراسات في أبوظبي عن مستقبل العلاقات بين إيران ودول مجلس التعاون. هذه الدراسة التي أجريت نيابة عن مجلس التعاون ووافقت عليها جميع الدول تقول ما نقوله نحن الآن».

جزء مما قاله بن علوي عن البرنامج النووي الإيراني «إنه إذا تُرك الأمر في إطاره الطبيعي، وهو وكالة الطاقة الذرية، يمكن التوصل إلى تصور معين ضمن إجراءات معينة. لكن إذا استمر التفكير السابق، فسيصعب الوصول إلى اتفاق».

على أيّة حال. ما قاله الوزير العُماني ما هو إلاّ منطق العقلاء. هو يُدرك جيدا أن إطلالة الجغرافيا تفرض واقعا سياسيا يجب التعامل معه بيقظة لا العكس. فالتحالفات السياسية قد تُطيح بأنظمة ضمن بقع جغرافية معينة لكنها لا تُطيح حتما بما تنضح به تلك الجغرافيا من تاريخ وعُمق استراتيجي ومصالح ممتدة.

وربما عَكَسَ كلام بن علوي سياسات السلطنة الخارجية التي كانت ومازالت تتّصف بالهدوء ورفض سياسات القوّة المادية (الصرفة) والعمل لصالح مجتمع إقليمي بحلول جماعية. هذا بالضبط ما تتطلّبه السياسات الناجحة.

في الجانب الآخر فإن إيران تُدرك ذلك جيدا. وهي تحرص أن لا تُحوّل الضفة المقابلة لها إلى (منصّة أو محطة) يستخدمها آخرون ضدها في ظل تصريحات صهيونية شبه يومية بضربة عسكرية لأراضيها تستهدف منشآتها النووية.

خلال ولاية رئاسته الأولى (2005 - 2009) أتمّ أحمدي نجاد زياراته للدول الخليجية الست وعَرَضَ تزويدها بالغاز والماء. قبل ذلك كان قد دَخَلَ مع بعض الدول في اتفاقات أمنية، وأخرى شبة دفاعية. كان ذلك جزءا من التحوّط الإيراني ضمن المحيط القريب.

في ظروف دولية مُعقّدة وغير مفهومة تُصبح الاصطفافات الحادّة مُكلِفة جدا. في السّابق كانت الإدارة الأميركية تُبدِي تصرّفات فجّة تجاه الليبيين، لكنها اليوم لا ترى غضاضة في وصف ليبيا بالبلد المهم في شمال القارة السّمراء.

وطيلة خمسة أعوام كانت العصا الأميركية مُوجّهة لعقاب السوريين، وجرى إعداد خطط لخلخلة بُنيَة السلطة هناك بهدف تغيير الحُكم، لكن الظروف والمتغيرات حتّمت على الأميركيين والبريطانيين والأسبان اليوم لأن يُبدُوا موقفا مغايرا.

اليوم تبدأ الجردة مرة أخرى. فمن رَبَطُوا أنفسهم (دولا وأحزاب) بتلك السياسات دفعوا ثمن مواقفهم. بعض تلك الأثمان تجاوز حدّ النقض التام، مُتطلبا القيام بحملة علاقات عامة مضادة لإقناع الشعوب بما تمّ تغييره، وإعادة بناء السياسات الخارجية على أهداف ومصالح جديدة.

ليس ذلك المهم، بل الأكثر هو ما تتطلّبه تلك التحوّلات وما تقرّره تلك البُلدَان (التي كانت مُستهدفة وأصبحت حليفة اليوم لخصوم الأمس) من سياسات تجاه من أبدَوا مواقف معادية.

ربما كان في نتائج محادثات جنيف مؤشّر جيد بشأن ذلك. فحين تلتئم الدول الكبرى على صيغة جديدة مع إيران ستتبدّل السياسات تجاه طهران. وعندما تتبدّل السياسات تُبنى رؤية جديدة للمصالح. وهو مؤشّر صالح للاستخدام أكثر من مرّة حتّى يترسّخ الموضوع بمصداقه.

إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"

العدد 2596 - الأربعاء 14 أكتوبر 2009م الموافق 25 شوال 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 12:27 ص

      السياسات

      السياسات العمانية والقطرية والكويتية هي من أفضل السياسات العربية في هذه المرحلة

اقرأ ايضاً