العدد 2596 - الأربعاء 14 أكتوبر 2009م الموافق 25 شوال 1430هـ

«العصا البيضاء» في يومها العالمي

فاضل حبيب comments [at] alwasatnews.com

.

سُئِلَ أرسطو عن تعريف الجمال فقال: دعوا هذه المسألة للعميان!

يحتفل العالم في مثل هذا اليوم (الخامس عشر من أكتوبر/ تشرين الأول) من كل عام بيوم العصا البيضاء، وهو يوم ننفتح من خلاله على المعاقين بصريا، ليفكِّر كل منا ماذا سيقدِّم لهذه الفئة من ذوي الإعاقة البصرية؟

إن قانون العصا البيضاء يمنح المكفوفين الحق في ارتياد الأماكن العامة مثل المبصرين، وهذا يعني أن لهم الحق في أن يحملوا معهم العصي البيضاء داخل المكاتب والمطاعم وأماكن الترفيه والعمل واستخدام وسائل المواصلات وجميع الأماكن العامة، فهذا القانون يمنح المكفوفين الحقوق نفسها التي في الغالب تُمنح لأي شخص آخر، فالعصا البيضاء رمز، بينما المُحتَفى به هو في الحقيقة الكفيف، صاحب تلك العصا.

هذا مع الأخذ بعين الاعتبار أن فكرة الاحتفال بهذه الفئة قد انبثقت في اجتماع للأعضاء الفخريين بالمجلس الأعلى لرعاية المكفوفين في العاصمة الفرنسية باريس العام 1980، ليُعلن بعدها قيام الاتحاد للمكفوفين بدلا من المجلس العالمي في العام 1984.

هذا اليوم يعد تذكيرا بالمكفوفين وضرورة تنمية الوعي بهم في المجتمع، ليس فقط من خلال رجال المرور وسائقي المركبات، وإنما لدمجهم في المجتمع بشكل يضمن لهم حقوقهم في التعليم وإيجاد فرص العمل المناسبة والمشاركة في الحياة العامة أسوة بالأسوياء.

لا بُدَّ أن لا ننظر -كما هو حال الكثيرين- إلى المعاقين بصريا من ناحية إنسانية، بل من ناحية حقوق الإنسان، فطبقا لتجربة البحرين فإن الأرقام التي ذكرتها وزيرة التنمية الاجتماعية فاطمة البلوشي في كلمة لها بمناسبة اليوم العالمي للعصا البيضاء في العام الماضي 2008م تشير إلى أنه «يوجد في مملكة البحرين نحو 300 معوق بصريا من بين نحو 5000 معوق استطاع العديد منهم الحصول على فرصته في التعليم والتدريب والالتحاق بالعمل المناسب «وكالة أنباء البحرين - بنا» لندرك أن المعاقين لهم حقوق تماما كالأسوياء، ولكن ألا تتفقون بأننا بحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى إبداء الشجاعة للاعتذار لهذه الفئة عن تخلي كثير من الجهات الرسمية والأهلية عن مسئوليتها المجتمعية تجاههم، اعتذارا صادقا وتصالحا مع النفس من أجل تحمل مسئولية الأخطاء والتقصير على طريقة الكاتب (كين بلانشارد) صاحب كتاب «اعتذار الدقيقة الواحدة»؟!

من المهم أن يدرك المسئولون سواء في السلطتين التشريعية أو التنفيذية، بل وحتى المنظمات الأهلية المتخصصة أن الرغبة والسعي في إشراك المعاقين بصريا من خلال دمجهم مع الأسوياء في الفعاليات والبرامج هو السبيل للارتقاء بهؤلاء على مستوى التعليم والتدريب والتأهيل والصحة والعمل اللائق، وذلك لا يتأتى إلا من خلال التسليم بالخطأ والتقصير وعدم المكابرة.

إن مسئولية «اللجنة العليا للإعاقة» كبيرة، فقد باشرت عملها في 2008 ووضعت الاستراتيجية الوطنية للمعاقين، ووجدت طريقها إلى التنفيذ والتفعيل في هذا العام 2009 حسب تصريحات مسئولي وزارة التنمية الاجتماعية، ونحن الآن في الثلث الأخير من السنة ونحتاج إلى المزيد من الشفافية والوضوح للوقوف على أبرز إنجازات تلك اللجنة.

إننا عندما نسلِّم بوجود خطأ أو تقصير في حق المعاقين بصريا فإننا نبرهن على مصداقيتنا، فلا داعي لإطلاق العبارات الإنشائية والحلول الترقيعية، لأننا وبساطة لا نعاني من نقص في التشريعات أو القوانين الخاصة بفئة المعاقين عموما والمعاقين بصريا خصوصا، وإنما لتفعيلها من خلال الدور والمراكز الاجتماعية لتدريبهم وتأهيلهم وتقديم الرعاية الكافية لهم، وإيجاد مناخات صحية ومناسبة لهم، فقد وقَّعت البحرين على الاتفاقية الدولية لحماية حقوق المعاقين، وهناك التزام من قِبَل حكومة البحرين بتنفيذ ما نصَّت عليه من حقوق ومتطلبات، وتبعها صدور المرسوم بقانون في العام 2006 الخاص برعاية وتأهيل وتشغيل المعاقين، والذي أكَّد على مسئوليات كافة الجهات في مجالات الرعاية والتأهيل والتشغيل، كما صدر قرار من مجلس الوزراء بتشكيل اللجنة العليا لشئون المعاقين (المشار إليها سابقا) برئاسة وزير التنمية الاجتماعية وعضوية عدد من ممثلي القطاعات الحكومية والأهلية والجهات ذات العلاقة.

كما صدرت المكرمة الملكية بتكليف وزارة التنمية الاجتماعية صرف مكافأة شهرية لجميع المعاقين وبصورة منتظمة، وإنشاء «مركز خدمات المعاقين» والذي أطلقت عليه مسمى (لستَ وحدك) للتعبير عن دعم الجميع لفئة المعاقين.

إن إنشاء المجمع الشامل للإعاقة - والذي سيضم مجموعة من المراكز في محيط واحد من المؤمل أن يشتمل على مراكز للتشخيص والعلاج الطبيعي والعلاج النفسي والإعاقة الذهنية ومصادر التعلم والتدريب وغيرها ـ لهو خطوة في الاتجاه الصحيح، وبالرغم من كل أوجه القصور، إلا أن الكثيرين من المعاقين تفوقوا في شتى المجالات الرياضية والعلمية والفنية، وحصلوا على شهادات عالية ومتميزة، وحققوا إنجازات يعجز عنها الأسوياء!

إن أكثر ما يزعج المعاق عموما هو كلمة «مسكين» وإظهار العطف والشفقة الزائدة، أو عزلهم واعتبارهم عبئا على المجتمع، فكما نسمع بين الفينة والأخرى عن برامج تمكين المرأة، فلِمَ لا نسمع عن برامج لتمكين المعاقين؟

إقرأ أيضا لـ "فاضل حبيب"

العدد 2596 - الأربعاء 14 أكتوبر 2009م الموافق 25 شوال 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 1:13 ص

      حقوق المعاق

      الاخ العزيز فاضل
      للأسف الشديد حقوق المعاق في بلدنا ضائعة من قبل المجتمع والدليل عندما تذهب الي اي مجمع تجاري او سينما او مطعم او مستشفى فترى بأن المواقف الخاصة للمعاقين محجوزة دائما من قبل الغير معاقين ضاربين حق المعاق في الحائط.
      اخوكم
      بوحمد

اقرأ ايضاً