لا أزال أتذكّر ذلك اليوم، عندما التقيت بالوالد تقي بن محمد البحارنة، في صالة جمعية المهندسين البحرينية، إذ لفت انتباهي ذلك الرجل بوقاره وبأسلوب حديثه وعلمه الغزير عن أمور الدنيا والحياة والمجتمع البحريني بشكل خاص.
إن تقي البحارنة غني عن التعريف وعلمه وآدابه عبرت البحار، وتخلّلت فترة حياته الكثير من أروع وأجمل الأحداث البحرينية وأشدّها إيلاما، وآثاره الأدبية تجوب البحرين وخارجها مؤثّرة فيمن يقرأها ومعرفة لمحيطه وأهله وناسه.
هل يحتاج تقي البحارنة إلى أن نعرّفه أكثر؟
بالطبع لا، وهو الذي أرسى بعض المعارف على أهل البحرين، وخاطب نخبة المثقّفين والأحرار، وكان ذلك التاجر الهادئ الناجح، الذي ورث عن أبيه أصول العلم والتجارة.
وقد كُرِّم في أكثر من مناسبة، وتغنّى بالشعر في أكثر من حدث، ولكن عندما يتكلّم عنه الناس، فإنّك تشعر بعمق الحب الذي يكنّونه لهذا الشاعر البحريني الأديب، الذي مازال إلى الآن يُستدعى في محافل الشعر، ويتصدّر قائمة المتميزين عندما يبدأ في إلقاء الشعر، وهذا ليس بجديد على رجل عاصر الرعيل الأوّل من العلماء والأدباء والفقهاء.
كنا نتمنى من الحكومة إهداء إحدى الجوائز المخضرمة باسم الوالد تقي البحارنة، ويا ليتنا نحيا لنرَ الدولة تكرّمه على فيض العلم الذي انهال به على دولته، وإن كنا نعلم بأنّه لا يحتاج إلى تسمية جائزة باسمه لتخليده، إذ إنّ التاريخ خلّده منذ أن بدأت يده تخط الشعر والأدب وغيرهما.
لقد أقام مركز إبراهيم العريض للشعر أمسية منذ فترة للوالد البحارنة، ولكننا لم نجد الدولة تولي اهتماما به على رغم مستوى غزارة وفحوى الكلمات التي يناشد بها الناس.
لقد تجرّأ البحارنة وتكلّم عن حقبات تاريخية وسياسية في حياة البحرينيين كما ذكرنا آنفا، ووعّى الناس من خلال شعره وأدبه إلى الكثير من الأمور، التي تطلب منهم الالتحام، والتوغّل في الوحدة الوطنية، والبعد عن التعصّب، وغازل البحرين بكلمات اخترقت قلوبنا وأصابتنا في معاقل عقولنا.
ولم يتوقّف عند هذا الحد، بل عبر البحار، يناشد البلدان في شعره إلى رؤية البحرين كما يراها هو، ذلك المعشوق المتعطّش لحبيبته، والذي يشتاق لها دوما وهو في حجرها.
تقي البحارنة... إن جائزتك لم تأتِ من الحكومة بعد، ووسام حبّك لبلدك لم يخرج بـ «نيشان» تعلّقه على صدرك، ولكن جائزتك هذه المرّة جاءت من ناسك وأهلك وبحرينك، يقولون لك بأنّهم يفتخرون بك ولن ينسوك أو ينسوا شعرك الفذ ما حييت.
ويكفينا شرفا بأنّك ابن البحرين المخلص الغيور، الذي لا ترضى لها إلا الخير والوحدة والوئام، كما يكفينا فخرا بأنك ممن يتكلّمون عن هذه الأمور فتسبقهم أفعالهم قبل أن ينطقوها من أفواههم.
فالشكر كل الشكر على العطاء الذي تقدّمه، وإننا كشعب نؤمن بما تكتبه وما تخطّه من فلذات قلبك، فأنت ابن البحرين الغر، الذي بصم حبّه بدون مقابل أو رياء أو تملّق، والذي لم يطلب إلا الخير لوطنه.
إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"العدد 2595 - الثلثاء 13 أكتوبر 2009م الموافق 24 شوال 1430هـ
تشكرين على هالمقال
اشد على يديك اخية على هدا المقال الرائع يا بنت البحرين الاصيله
اعجاب بحبك لبلدك البحرين يا استاذه مريم
قرأت لكى المقال السابق عن المعلمين واعجبنى أخلاقك وتمسكك بالعادات والتقاليد التى تشبه العادات والآخلاق المصرية حيث أننى معلم مصرى وأتى المقال الاخير عن هذه الشخصية البحرينية ليزيد اعجابى بشخصيتك شكرا لكى وواصلى كتاباتك على نفس المنوال بارك الله فيكى
عين عذاري تسقي البعيد وتخلي الجريب
لو كان تقي الحارنه اجنبي لكان قدر او كان في دوله مجاوره سيتغنا به