عزيزي السيد أوباما، لقد قام الأميركيون بانتخابك على أمل أن يكون بإمكانك إطفاء حرائق بوش. وهم يعتقدون أن بإمكانك تنظيف هذه الفوضى المدهشة.
عن طريق اختيار رجل إفريقي أميركي له أب مسلم واسم يمكن خلطه مع اسم أسامة ونشأ في هاواي وإندونيسيا، قام الأميركيون بكل تأكيد باختيار تاريخي.
من خلال انتخابك قاموا وبضربة واحدة بتغيير الرؤى العالمية عن أميركا، وأعادوا إيمان العالم وثقته بأرض الأحرار والحرية.
لأننا، قلبا وقالبا، أميركيون ونحب أميركا وما تمثله، أو مثّلته في يوم من الأيام. يثبت انتخابك، كما دَرجْت على القول في خطابات حملتك الانتخابية، وفي خطابك المثير ليلة انتخابك في شيكاغو، بأن كل شيء ممكن في أميركا.
ولكن إذا كان بإمكان أحد أن يحقق هذه التحديات المضنية التي تواجه أميركا والعالم على اتساعه فهو أنت. قصة حياتك غير العادية هي احتفال بجرأة الأمل. فأنت في نهاية المطاف «المبارك»، كما يُرى اسمك، وأنا متأكد أنك تعرف ذلك. لذلك قد يكون هناك مخطط وهدف لاختيارك لهذه المهمة الأصعب. نحن متأكدون أنك تستطيع، بل وستعبر ببلدك بنجاح حقل ألغام الأوقات الصعبة المقبلة.
إلا أن مسئوليتك لا تنتهي مع أميركا. هناك رسالة لك في خضم التملّق المسعور لك، والاحتفالات في أرجاء العالم بنصرك. العالم يراك قائدا له ويتوقع منك أن تقوده.
ولهذا فهو أمر مشجّع أن نراك تتحرك برشاقة مثيرة للإعجاب لوضع أميركا مرة أخرى على المسار الصحيح. ومع أنه مازال عليك تسلّم الزمام من الرئيس بوش بشكل رسمي، فإن فريقك قد أصبح جاهزا وبدأت باتخاذ الخطوات لعكس السياسات الخلافية والأكثر كارثية في الإدارة الحالية.
لقد سبق وفرح العالم بقرارك إغلاق معتقل خليج غوانتانامو في كوبا وإما تحرير المعتقلين أو محاكمتهم في المحاكم الأميركية، وهذا أمر يوافق عليه أبطالكم مثل أبراهام لنكولن ورالف والدو إمرسون ومارتن لوثر كنج. ولكن وبكل صدق، فقد عانى معظم هؤلاء الرجال في خليج غوانتانامو ما يكفي لجرائم لم يرتكبوها.
أعتقل أحدهم، وهو عمر خضر في أفغانستان أثناء الغزو الأميركي العام 2001 عندما كان يبلغ من العمر 15 عاما فقط. لقد قضى ست سنوات في حفرة، وجريمته أنه ابن لأبوين كانا يعملان في أفغانستان. هناك المئات من أمثال عمر خضر هناك، وجميعهم يستحقون العدالة. الآخرون الذين يستحقون العدالة واهتمامكم هم الفلسطينيون.
هم أيضا، ما زالوا يدفعون الكثير منذ سبعين سنة، أو الأصح أنهم يدفعون ثمن جرائم غيرهم. وهم يحاربون اليوم من أجل البقاء وهم سجناء في أراضيهم ومعسكرات اعتقالهم الكبيرة.
لقد تكلمت عبر حملتك الإنتخابية عن الأمل والتغيير وقد آمنت أميركا بك. لقد اعتنقتك أميركا لأنها تعلم أنها بحاجة إلى شخص مثلك ليأتي إليها بالتغيير الذي تحتاجه وبشدة.
السيد أوباما، نحن في الشرق الأوسط نؤمن بك أيضا. هناك البعض ممن بدأوا يشعرون بالقلق لاختيارك رئيس فريقك، ولكننا نفضل النظر إلى الصورة الكبيرة. لا يعني اختيار رئيس فريق يهودي بالضرورة أنك عدو العرب أو عدو المسلمين. ما يهم هو اتجاهك العام ونتائج سياساتك.
مازلنا نؤمن أنه إذا أمكن لأحد أن يأتي بالأمل والتغيير في أكثر مناطق العالم عرضة للاشتعال فهو أنت. بخلفيتك غير المعهودة التي تمثل كل من المسيحية والإسلام والبيض والسود والشرق والغرب، أنت في وضع فريد لتأتي بالأمل والتغيير إلى المنطقة التي طالما كانت مهد الحضارات والأديان الثلاثة العظيمة. يتوجب عليك أن تبدأ هذه المهمة فورا قبل أن تعتاد على السلطة، وإلا فإن السلطة وما يتبعها من استحقاقات ستتغلب عليك.
الشرق الأوسط، وبشكل خاص القضية الفلسطينية، هو مفتاح السلام العالمي. كل شيء، من الحرب في العراق إلى التشدد المسلّح في أفغانستان وباكستان، جميعها مرتبطة بفلسطين. إذا تمكنت من تحقيق السلام في الشرق الأوسط فسيجد العالم السلام. إذا قمت بتغيير الشرق الأوسط فستنجح بتغيير العالم.
*محرر رأي في الخليج تايمز، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»
إقرأ أيضا لـ "Common Ground"العدد 2316 - الأربعاء 07 يناير 2009م الموافق 10 محرم 1430هـ