القصيدة الحسينية الموكبية قصيدة ممتدة ولها تاريخها الخاص، الذي بنظرة صانعيها يمتد من قصيدة الرثاء وقصيدة المدح العقيدي وقصيدة الثورة والحماسة، ولعل هذه الأغراض الشعرية القديمة تمثل امتداد القصيدة الحسينية في أغراضها وفي أصالتها وجذورها التاريخية حين يتعالق النص بالتاريخ وبالحدث في شخوصه وينسحب تاريخه مع تاريخهم فيما يشبه سردية شعرية ممتدة في التاريخ منطلقة للحاضر، ولها أن تتحول في شكلها بحسب الموقع الذي تلقى فيه من إنشاد بين يدي الإمام إلى إنشاد منبري بلحون ترديدية ناحبة شجية، إلى إنشاد بلحون إيقاعية مع لطم على الصدر يمثل إيقاعا آخر تنتظم فيه القصيدة في مواكب انطلقت من حالة رثائية إلى حالة ثورية إلى حالة احتفائية أشبه بمسرح احتفالي مفتوح.
قصيدة انتظمت في مصراعين وانتقلت من الشكل العمودي إلى شكل الموشحات إلى شكل المقطعات ومازالت تبحث عن شكلها، وتحول مضمونها بحسب مضمون إنسانها من أفكار ورؤى وتحولات وكان للوسط أن تلتقي بأربعة فرسان من شعرائها وتحاورهم حول شكلها الفني الذي تنتظم فيه، وحول محتواها الفكري ونصيبها من اللغة والصورة وأهم انشغالاتها، وانشغالات شعرائها ، فكان هذا الحوار.
ما أهم الأشكال الفنية التي تنتظم فيها القصيدة الحسينية.، وما أهم الأوزان المعتمدة ، وما أثر هذه الأوزان عليها، ما أثر تقديمها بالألحان على شكلها الفني، ولماذا هي مقلة في الشكل التفعيلي، وهل من نماذج ناجحة في ذلك، وماذا وراء الأوزان المعتمدة وما تأويلاتها؟
التتان: القصيدة الحسينية شكل فني خاص
- في البداية تحدث الشاعر نادر التتان وهو أحد شعراء القصيدة الحسينية وأحد أعمدة مشروع الشيخ حسين الأكراف في إصداراته العزائية الشهيرة، فأشار إلى أنه رغم تعدد الأوزان إلا أن القصيدة الحسينية لها شكلها الفني الخاص بها، ولسهولة بعض البحور في التلحين فإن القصيدة الحسينية تركز عليها مثل بحر الرمل والرجز، ومن أكثر البحور التي تعتمدها الأطوار العزائية في البحرين بحر الهزج والمتقارب والمجزوءات، والبحور المضاف إليها بعض التفعيلات وذلك لسهولة التلحين وسهولة الترنم بها.
العلوي: كثرة الأوزان يضعف القصيدة
أما الشاعر سيد ناصر العلوي وهو أحد فرسان قصيدة التسعينيات، والذي صنع مع أبناء سهوان نجاحا ملحوظا في قصائد الموكب ومع رواديد آخرين، وقد أشار إلى أن القصيدة الحسينية منذ السبعينيات وحتى الآن أخذت ثلاثة أشكال منها الشكل العمودي ذات الوزن الواحد والذي استمر فترة طويلة وفي نهاية الثمانينيات دخلت قصيدة التفعيلة، وفي التسعينيات أضيفت القصيدة متعددة الأوزان، وعن أهم الأوزان أضيف بحر الرجز مع البحور السابقة التي ذكرها الأخ نادر، أما عن سبب كثرة الكتابة عليها في الموكب فلأنها أوزان راقصة وسهلة التفعيلة، وأما عن الأوزان فإن القصيدة المتعددة الأوزان كانت نقلة، وغيرت نمط الموكب، وأصبح الناس من خلالها يسمعون أكثر من لحن، ووصلت إلى ثلاثة أوزان وأربعة وإلى عشرة وإيجابيا شعر الناس بالتغير والرادود كذلك، أما سلبيات هذا التعدد على نتاج النص فهي كثيرة منها أنها أضافت أوزان مبتكرة لم يتعود عليها الشعراء فأضعفت كتابتهم، وكذلك الطول المفرط، والقصيدة إذا طالت تنتهي الفكرة ويكثر الحشو، والانتقال من وزن إلى وزن يؤدي إلى التشتت الذهني أثناء الاستماع، وقد عزف بعض الشعراء عن هذه التجربة، فقد كانت هناك أوزان مبتكرة ولا تنتمي للشعر، وبعد أن طالت القصيدة ضعف دور المستهل أيضا.
عبدالشهيد: القصيدة أولا أم اللحن
أما الشاعر عبدالشهيد الثور وهو رائد كتب القصيدة الحسينية بمختلف أنواعها وبقي اسمه في كل مراحلها وتحولاتها، وساهم بتوثيقها من خلال دواوينه السبعة الدموع الجارية وقد أشار إلى أن قصيدة الموكب باعتبارها متفرعة من قصيدة المنبر فإنها كانت تعتمد على الأوزان الخليلية والشكل العمودي غالبا، وأضيف إلى ما سبق أن ذكره الإخوان بحر البسيط الذي تركزت عليه بعض القصائد، وفي الفترة اللاحقة دخلت الأوزان المستحدثة والتي فيها إبداع من ابتكارات الرواديد، ولكنها تحتاج إلى ضبط وتقويم وخصوصا حين لا يكون للرادود خبرة بالأوزان والتفعيلات، ثم دخلت لاحقا قصيدة التفعيلة وإن كانت قليلة، ولأنه في الغالب التلحين يسبق النص في الموكب فإن النص يكتب على لحن معين بحسب رغبة الرادود، ولأن القصيدة تؤسس بناء على لحن ولو كانت القصيدة سابقة على اللحن لكان وضعها مختلفا.
القرمزي القصيدة الحسينية جديرة بالدراسة
أما الشاعر عبدالله القرمزي وهو كذلك أحد شعراء القصيدة الحسينية وأحد أعمدة مشروع الشيخ حسين والذي شاركه نجاحاته منذ البداية في إصداراته العزائية، وقد أشار إلى أن القصيدة الحسينية لها شكلها الخاص الجديد، وهي جديرة بالدراسة، ففي كل الحركات الأدبية في العالم حينما يحدث تغيّر في أي جنس أدبي، ويصبح له مقومات، عادة يتم الاهتمام به كشكل جديد، والموشحات الأندلسية في زمنها تجديد، ولكنها كانت خروجا عن الأصالة، وقد خسر الشعر العربي ديوان أكبر وشاح أندلسي بسبب هذه النظرة للجديد، والقصيدة الحسينية تتخذ لها شكلا جديدا ومتميزا له مقوماته الخاصة، بغض النظر عن المؤاخذات، وهي جديرة بالاهتمام والدراسة ويمكن رصد قراءات نقدية فيها، وهناك تأويل للأوزان وهذا يأتي فيما بعد فالوزن القصير يعطي مجالا للحركة والحماس والأوزان الطويلة تعطي مجالا للتأمل والحزن بسبب المساحة التي تعطيها الأوزان للشاعر.
ما أهم القيم التي تبرزها القصيدة الحسينية، وما أهم الأفكار والمضامين التي تدور حولها ، وما أهم موضوعاتها، وما أهم الحوادث التاريخية التي تنسج من خلالها باعتبارها قصيدة تقدم عبر مناسبة معينة؟، وما ملاحظاتكم على مضامين القصيدة الحسينية في هذه اللحظة الراهنة، وما النقد الذي يوجهه متلقوها، وما تطلعاتكم لمحتواها، ومتى تكون القصيدة الحسينية ناجحة؟.
الثور: القصيدة خرجت من الطور الرثائي
- أشار الشاعر عبد الشهيد الثور إلى أنه مع انتهاء السبعينيات وبداية الثمانينيات استطاعت القصيدة أن تستوعب الكثير من المواضيع وخرجت من الطور الرثائي المتداول واستطاعت أن تقتحم الجانب السياسي والجانب الاجتماعي الجانب الأخلاقي والتربوي، وأن تدخل هذه الميادين بقوة، ومن القيم التي تناولتها الأخلاق، الإخلاص الحب في الله، وقد تناولت في المجال الاجتماعي تربية الأبناء، ودور الخطابة وإصلاح المنابر، وفي المجال السياسي تحدثت عن إسرائيل وأميركا وكل القضايا التي كان يمر بها العالم الإسلامي كموضوع الوحدة الإسلامية وغيرها الكثير.
العلوي: القصيدة واكبت الأحداث المتلاحقة
أما الشاعر سيد ناصر فقد قال: «في دراسة لي رصدت فيها تطور موضوعات القصيدة من 1975م إلى 2000م في السنابس وهي إحدى المناطق التي لا تنفصل موضوعاتها عن الدراز وسترة أو البلاد القديم وغيرها، وكان المضمون الحسيني ثابت ومركز ومن 81- 1989م ظهرت الموضوعات السياسية حيث تزامنت مع الثورة الإسلامية في إيران ومقتل الصدر، وتحشيد الأساطيل الأميركية في الخليج، ففي وفاة الرسول كانت هناك قصيدة «سورة التوحيد تحرير العقول، ثورة إنسانية فجرها الرسول» سنة 1980م، وفي وفاة الإمام الحسن بن علي قصيدة «هل أتاك الحديث عن طغاة الزمان»، و وبعد هذه الفترة وبسبب الضغط السياسي انتقلت القصيدة في 82 إلى مناحٍ أخرى اجتماعية أو تربوية وكان من روادها الشاعر عبدالشهيد الثور، ولكنها ما خلت من السياسة لكن بأسلوب غير مباشر، مثل قصيدة « تربية من كريم، يصبح ابنه عظيم» و في سنة 1985م قصيدة «ما تخاف اتقوم ثاير، مطلبك تحيي الشعائر» وفي الثمانينيات تحدثت القصيدة عن انتفاضة الأقصى الأولى، وكذلك الحرب العراقية الإيرانية، وفي المجال الاجتماعي ظاهرة المخدرات، وعلى المستوى العقائدي قضية السفارة، هذه القضايا كلها انعكست على الموكب» ومن أهم ما تناولته أيضا ما يعيشه الشعوب من هم وتجويع فهناك « قصيدة صرخة المستكبرين» وقصيدة « في أراضي كربلاء» وقصيدة «من نهضة المختار نأخذ هذي الأفكار» والتي تحدثت عن الوحدة الإسلامية، وكان الطرح فيها جريء جدا ومن 1989م إلى 1994م قصيدة «يبن ازياد استبداد، نبدي الرفض ما نقبله والوعد ساحة كربلة» وقصيدة « الراية الحمراء والكفن الدامي» للشاعر الشيخ عبدالهادي المخوضر ثم جاءت الأحداث واتخذت القصيدة الطابع الرمزي، وبعد المبادرة اتسمت القصيدة بالواضح وأما الآن فالطرح متنوع.
التتان: الفقرات مدروسة ومخطط لها
أما الشاعر نادر التتان فقد رأى أنه بالنسبة للمضامين والموضوعات توجد ثلاث فترات القصيدة العمودية في هذه الفترة كانت القصيدة موضوعية تمثل فيها عبدالشهيد قصائد القيم أما في فترة التسعينيات وأوزانها فهناك تشتت في المواضيع لأن الأبيات ليست كثيرة داخل الفقرة الواحدة ، والفقرات قصيرة مثل «قد رسمنا الدرب من دم علي» وفيها تعدد أوزان هذه القصائد كانت تعتمد على الشاعر وانسياب قلمه من غير تخطيط أما الآن فأربع فقرات مخطط مهندس لها وأنا أتحدث هنا عن مشروعنا مع القرمزي ومع الرواديد «شيخ حسين وصالح وجعفر»إذ يوجد فقرة افتتاحية وفقرة عن السيرة، وفقرة ربط القضية بالمناسبة وفقرة عن المصيبة، ويوجد بالروايات استعانة بكتب ومتابعة بالجديد، والقصيدة الآن مخطط لها أكثر، وسابقا أكثر من عشر فقرات وتلقى المواضيع ثلاثة فقط ولائية والقوافي تختلف كل فقرة فيها نفي الموضوعات في التسعينيات لم يكن هناك تخطيط فنحن نتحدث عن قصائد المناطق المركزية، أما القيم فالمناسبة هي التي تحدد القيم الأبرز ففي استشهاد الإمام الكاظم يتم التركيز على الثبات التّحمل الصمود العبادة رغم أي ظرف أما في استشهاد الإمام السجاد تكون القيم التوجه للدعاء للعبادة الروحانية و كل أهل البيت تكامل قيم وكل مناسبة قيم أخرى.
القرمزي: نحن محاسبون على تقديم الجديد
وأضاف الشاعر عبدالله القرمزي قائلا أشارك التتان بأن الفترة الآن توجد هناك اهتمام بهندسة للأفكار القصيدة الآن مشروع وليت متروكة للشاعر أينما يسرح الآن لا نزعم أننا متخصصون في الروايات والسيرة ونحن نتواصل مع الخطباء في البحث عن الرواية والفكرة والرؤية ومداخل استدرار الدمعة، ونستعين بخطب العلماء الذين يوجهون وينشدون، وبعد الانتهاء من أمر اللحن، توجد دراسة واطلاع وتباحث في الفكرة ينضيف إلينا أفكارا جديدة وللمستمع، وبفضل ذلك أصبحت لدينا قصائد ناجحة نالت اهتمام المستمعين وشجعونا عليها فصرنا لا نستطيع أن نكتب إلا بهذا المستوى، وصرنا محاسبون على تقديم الجديد بغض النظر عن الموضوع سياسي أو اجتماعي، والمهم كيف يطرح المضمون وكيف تتناول الفكرة بطريقة جديدة، أما الحوادث التاريخية فتكون متعلقة بصاحب المناسبة فإذا كنا في عاشوراء كربلاء لا تخرج عن الحوادث العاشورائية إلا بما يناسبها والتاريخ الإسلامي غني ونحن نحتاج إلى ضوابط تنظم الطرح عقائديا أو سياسيا وهناك ورشة أدبية أقامتها رابطة الشعراء والرواديد وكان هناك عدة نقاط وضوابط منها أن لا أتطرق للحوادث التاريخية المشكوك فيها أو غير الثابتة فيها وحتى المواضيع الراهنة فلا أتطرق للأمور التي تثير فتنة وتسب مشكلة، وأن يكون الطرح وحدويا وأن يكون هناك مرجعية لهذا الطرح، والابتعاد عن المسائل الخلافية وكانت هناك عدة ضوابط قيمة جدا ستنشر في القريب العاجل وهي أحرى أن تكون في عين الاعتبار بالنسبة للمبدعين من شعراء القصيدة الحسينية.
الثور: تناول التاريخ فن قائم بذاته
وأضاف الشاعر عبدالشهيد الثور قائلا: أعتبر أن الحوادث التاريخية في القصيدة الحسينية فن قائم بذاته ويحتاج إلى اطلاع خاص وليس الكل يجيده ، شخصيا أستمتع بإدراج الحوادث التاريخية في النص الشعري، مع أهمية الربط والحوادث كثيرة والتاريخ يعيد نفسه، فقط عليك أن تبحث عن الشبه بين الواقع والتاريخ فمثلا «جاؤوا في ظلام الليل ماذا يا ترى يبغون» مقارنة بالهجوم على الإمام الكاظم والاعتقالات، الجميل في القصيدة أن تتكلم عن التاريخ ويفهم الناس أنك تعكس الوجه الآخر.
العلوي: حسن التقديم نص الدائرة
أضاف الشاعر السيد ناصر معقبا على محور المضامين في أن القصيدة مرت بمراحل كل مرحلة لها ملاحظات القصيدة العمودية ذات الوزن الواحد، في ما قبل التسعينيات لها ملاحظات ولما دخل الشكل الجديد والأوزان المتعددة تغيرت الملاحظات، أما عن الشكل والمضمون فأعتقد أن القصيدة هي دائرة والموضوع هو النصف الأول منها أما طريقة التعبير والسبك اللغوي فهي النصف الثاني، ومن الجميل أن أختار مواضيع متميزة لم يتطرق لها أحد، ولكن حين لا أحسن تقديمها للآخرين تفشل القصيدة فمهما كان الموضوع جميلا ومفاجئا ويصدم المتلقي، إلا أنه محكوم عليه بالفشل إلا إذا شاء اللحن وكان أداء الرادود مساعدا، فأحيانا ينجحه أداء الرادود المعروف الناجح، ولحنه الصارخ وهتافه، فالكلام عن تربية الأولاد موضوع تربوي غير ساخن الموضوع التربوي يراد له سبك لغوي ينجحه فصياغة النص مكملة للفكرة، وطريقة تناول المواضيع لابد أن تبتعد عن الشخصنة ولابد حين الكلام عن الجانب الأخلاقي أو السياسي من مرجعية فكرية وليس المرجعية الشخصية للكاتب فقط، ولابد من مراعاة الجمهور، وأعتقد أن الأسلوب الأدبي الموجود في هذه الفترة أضعف من المضامين، نعم توجد مضامين قيمة ولكن تنقصها الأساليب الأدبية المعبرة الراقية، فالشاعر أحيانا لا يحسن تقديم المضامين، أما المتلقون فهم مختلفون فبعض الشباب يبحثون عن الحماس، وبعضهم مثقفون يبحثون القصيدة المتزنة التي تعطي جانب المناسبة حقها والجوانب الأخرى حقها أيضا، أما عن كبار السن فهم يركزون على الجانب الحسيني فقط أما العلماء فيكزون على الجوانب الفكرية والعقائدية التي تربي.
التتان: لا أقر بضعف المضمون
وحول تطلعات القصيدة الحسينية أشار الشاعر نادر التتان إلى أن التطلعات للمضمون بالنسبة للمجموعة التي أعمل معها نحن في طور محاولات تكثيف القوة في المضمون وإن كنا كلنا مع إخواننا الشعراء مجموعة واحدة ونحن في محاولات لتطوير المضمون، ولا أتفق مع العلوي في أن السبك اللغوي الآن ضعيف، بل أرى أن أقوى من التسعينيات كثيرا، وأتمنى أن يأخذ الشاعر القصيدة على كتفيه كمشروع وكفن، وللأسف «الكثير من شعرائنا يأخذ القصيدة الحسينية بركة، مثل من يصب الماء ليأخذ الثواب» بينما هذا المشروع لا يؤخذ بهذه الطريقة، هذا المشروع فن يحتاج إلى مواكبة التطور في كل النواحي، والتي من ضمنها اختيار المضمون، فأنت إذا لم تواكب وتتابع ولا تدري ما يقول الناس ولا الأطياف الأخرى، ولم تستمع استماعا جيدا، ولم تقرأ قراءة جيدة، فأنت لا تستطيع أن تطور، وأضيف المضمون تطّور ولكن ليس في كل القصائد وأكثر القصائد المركزية فيها المضمون متطور، ومن ناحية السيرة فهي تؤخذ من نوافذ أخرى بطريقة غير مباشرة، والقصيدة الحسينية الناجحة تحتاج شاعرا عاملا أكثر منه منتقدا، إلى شاعر يأخذ القصيدة كمشروع، الآن الكثير من الشعراء عندنا ليس في طور العمل وأنت ربما تكون لديك صور وابتكارات لوظفتها في القصيدة لكان أفضل من توظيفها في مهاجمة القصيدة، وكثيرا ما نقرأ في المنتديات مدحا وثناء ولا نستطيع تجاهل هذه الألوف ولا أحد غيري يستطيع تجاهل هذه الألوف المعجبة بقصائد اليوم التي تشغل حتى غير البحرينيين، اليوم انفتح العالم على بعضه واستطعنا نقرأ أذواق الناس والقصيدة الحسينية البحرينية تخترق وتجتاح مساحة واسعة، وهذا لا أستطيع تجاهله. وفي المقابل توجد أصوات تكرس لنقد يتضح منه أنه قراءة غير دقيقة وعموما نحن نفتقد النقد الصحيح النقد الحقيقي.
التتان: أتطلع إلى نقد موضوعي بناء
وفي مجال النقد أضاف التتان إلى ما سبق أن هناك نقطة مهمة يجب الالتفات إليها، نحن وقعنا في مشكلة وهي الخلط بين أشياء أخرى والحكم على القصيدة، كثيرا ما نسمع هذه العبارة التي سئمنا منها. « وين قصائد أول» وأنا واثق بأن من سيأتون في 2020م سيقولون أين قصائد 2004- 2008م وهذه العبارة تنتج من ماذا من شخص متعلق بقصائد التسعينيات قصائد التسعينيات تتعلق بذكريات في حياته كانت حلوة هذه الفترة أشبه بخلفية للقصيدة حين كان يسمعها وحين انتقل للألفين فلا إراديا ستسأل «وين قائد أول» إي قراءة هذه يجب الفصل بين التعلق بالذكريات والحكم على القصيدة، وقصيدة اليوم تحتاج إلى عشر سنين تنسحب مع الذكريات.
الثور: قصيدة الثمانينيات ليست أفضل
أما عبدالشهيد الثور فقد قال في مجال نقد القصيدة الحسينية في الموكب أضم صوتي لصوت الأخ نادر، قصيدة الثمانينيات ليست أفضل، القصيدة تطورت في النص والأداء وعلى مستوى البروز. القصيدة أصبحت أفضل ولكن هذا لا يعني أن لا ننتقد القصيدة الحالية ونعيد النظر فيها، فقد خرجت من الطور السلبي السابق ودخلت في طور إيجابي، ثم في طور سلبي، وأنت بحاجة دائمة إلى متابعتها وتصليحها، وأختلف مع الأخ نادر في مسألة الإعجاب الذي نراه في المنتديات ففيها أنت لا تدري من يكتب، فإذا جاءني القرمزي وقال لي أنا معجب بالقصيدة فأنا أعرف من عبدالله فهو شاعر وله مكانته وأعرف ذوقه، ولكن حين يأتيني شخص ما في المنتدى ويقول أنا معجب بالقصيدة فأنا لا أستطيع أن أبني على إعجابه أو تشخيصه، أشخص بناء على الشخصية الأدبية فهذا أديب يشخص النص، القضايا الأدبية يشخصها أهل الأدب على رغم نجاحها شعبيا، القصيدة الحسينية معقدة جدا يصعب تصنيفها، وتحتاج إلى فرز قبل الحكم عليها فلدينا النبطي والفصحى، وداخل هذين النمطين يوجد سياسي واجتماعي ورثائي، فهناك تعدد داخل هذه المدارس، وفي هذا التعدد تعدد عند الشعراء أنفسهم، وكل شاعر يكتب بأسلوب، فلذلك تجد الكلام عن القصيدة الحسينية في الموكب واسعا فالمضمون الرثائي مثلما ذكر الأخ نادر تطور فقد يتكلم الشاعر عن المصيبة بطريقة تلقائية ويضع كاميرته أمام الحدث كما كانت كاميرات الشعراء السابقين، بينما على الشاعر أن يبحث عن جهة ثانية للحدث، أما النقد الذي يوجه للقصيدة من قبل الجمهور فهو تعدد الأوزان واللغة الرمزية التي لا يفهمها الناس والتي هي لغة نخبة أو الإفراط في الطرح السياسي، غير المربوط بالمناسبة، وكأن القصيدة جريدة أخبار، والقصيدة تكون ناجحة بعوامل منها نجاح اللحن والتوصيل فأحيانا تكون محصورة بين الحضور وحين تصل إلى آخرين تكون ناجحة.
العلوي: شهرة الرادود تنجح النص
وأضاف السيد ناصر إن الأخ نادر التتان حين يتكلم عن مشروع فهذا حقه وهو صاحب التجربة، ولكن لكي نكون موضوعيين ونحن نعمل في جهة واحدة، وقبل الحكم على أي مشروع بنجاحه أو فشله لا بد أن تكون هناك دراسة علمية لا بد أن يكون هناك مقيمون مستقلون ويحكمون في القصيدة كنص ويجردونها من الرادود المشهور، لأن «الرادود المشهور حتى النص الضعيف بأدائه يجعله قويا»، وكذلك يجردونها من اللحن الجميل، بعد ذلك نعضها على بساط البحث فنقول هي قوية أو ضعيفة. لا نستطيع أن نحكم بدون دراسة علمية، فإذا كانت هناك منتديات تشيد كما ذكر الأخ نادر فهناك منتديات عكس ذلك تماما هل أحكم عليها من أناس لا أعرفهم. لذلك نحتاج إلى دراسة علمية صحيحة، كانت هناك قصائد قوية وأخر ضعيفة في كلتا التجربتين قديما وحديثا،
القرمزي: أوافق العلوي في الدعوة لنقد متخصص
أما القرمزي فقد أضاف: أعجبني كلام السيد ناصر حول أهمية أن يكون النقد متخصصا وأنا أوافق العلوي في هذه النقطة نظريا ولكن ما يحدث في الواقع ليس هذا، ما يحدث في الواقع ليس نقدا نتيجة دراسة ولا نتيجة نقاد متخصصين درسوا القصيدة فرجحوا قصيدة التسعينيات أو الثمانينيات ما زلنا في ظل نقد ذوقي، نحن نبحث عما يقوله سيد ناصر عمليا، وإن كانت هناك دراسات نقدية في القصيدة فهي أندر من الكبريت الأحمر.
العلوي: النقد يحتاج لتفعيل
أما سيد ناصر فأشار إلى أن «هناك بعض الدراسات والتي قدمت في ورشة عقدتها رابطة الشعراء والرواديد مثل دراسة القصيدة الحسينية سياقاتها واستعمالاتها للأستاذ علي مرهون، ودراسة القصيدة الحسينية في الإصدارات العزائية للأستاذ علي فرحان ودراسة أخرى لحبيب حيدر، وكان تقديم هذه الدراسات الثلاث والاحتفاء بها بادرة جيدة، وكان من المفترض على الرابطة أن تأخذها وتدرسها، فهي من جماعة مختصة وتفهم في الموكب نحن ندعو إلى تفعيل ومأسسة هذا النقد ليتسع صدرنا للنقد لكي نستطيع التغيير، أنا أقدر تعب الشاعر في القصيدة، ولكني أدعو لأن نؤسس لحالة النقد بورش عمل تنقد القصائد ونريد من الشعراء والرواديد أن يتحملوا النقد.
العدد 2316 - الأربعاء 07 يناير 2009م الموافق 10 محرم 1430هـ