العدد 2316 - الأربعاء 07 يناير 2009م الموافق 10 محرم 1430هـ

رئيس الوزراء يفتتح معرض البحرين السنوي للفنون التشكيلية

افتتح معرض البحرين السنوي للفنون التشكيلية صباح يوم 31 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بحضور ورعاية صاحب السمو رئيس الوزراء الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة بمتحف البحرين الوطني، إذ أكد سموه على اعتزازه بالمعرض السنوي ومشاركات الفنان البحريني في الفعاليات الفنية والثقافية المختلفة على المستوى المحلي والإقليمي والدولي.

وأكد سموه في تصريح لـ «الوسط» أنه يفتخر ويعتز بما يشهده من تقدم وتطور في الحركة التشكيلية، مؤكدا أمله في أن يواصل «فنانينا على التطور والوصول إلى الأفضل لتقديمه للمواطنين والعالم».

وشدد سمو رئيس الوزراء على أهمية المعرض السنوي واعتزازه به، إذ يعد واحدا من أقدم المعارض الفنية عربيا وأكثرها استمرارية، حيث يمتد تاريخه إلى 35 عاما مما يدل على استمرارية الحراك الفني والثقافي في المملكة بنفس الزخم ويعكس الدعم الذي تحظى به الحركة الفنية والثقافية من الحكومة، وهو ما وصفه سموه بأنه « يدل على استمراريتنا في النمو والتطور في الرؤية».

كما وذكر سموه أن الفن رسالة متحررة من القيود الجيوسياسية وهي اللغة الوحيدة التي أجاد فهمها العالم كله بمختلف خلفياته الثقافية والفكرية، وإن الفنان البحريني بإبداعاته وملكاته الفكرية والثقافية قد نجح في استغلال هذه الرسالة ليصل بمنجزات بلاده إلى العالمية.

ووجه سموه الشكر للفنانين والمنظمين للمعرض على جهدهم وعطائهم الذي «يعكس ما للبحريني من قدرة على العمل وعلى تحمل المسئولية».

الصياغة تحدد قيمة العمل

وكانت نتائج لجنة التحكيم قد تسربت قبل يومٍ من المعرض بعد أن ساد الوسط الفني كثير من اللغط حول آلية اختيار الأعمال المعروضة، وهو ما ألمح إليه بعض الفنانين أنه أمر «خاضع لأهواء خاصة»، و«لعبت المزاجية دورا كبيرا في تهميش كثير من الأعمال المتميزة».

وقد حاز الفنان البحريني القدير عبدالجبار الغضبان على جائزة الدانة، التي تعد أهم جائزة في مجال الفنون التشكيلية على مستوى البحرين، وتقدم سنويا خلال المعرض، إلى جانب عدد من الجوائز التقديرية التي يحصل عليها بعض المشاركين كتقدير لنتاجهم الفني الذي يشتركون به.

وكانت الجوائز التقديرية قد وزعت بين الفنانين عمر الراشد، مهدي البناي، فائقة الحسن ومحمد المقهوي.

وفي حديث مع الفنان عبدالجبار الغضبان، توجه بالشكر لكل من هنئه على فوزه بالجائزة، مقدرا ما وصفه بـ «الاهتمام بإبداعات الفنانين».

وذكر الغضبان أن مشاركته في المعرض كانت «عبارة عن ثلاث لوحات تمثل موضوعاتي السابقة التي كنت اشتغل عليها، وهي عبارة عن رسم واقعي وتعبيري للمرأة».

ويعد الغضبان أحد الرواد في مجال الرسم والنحت، وله في ممارسة هذه المهنة أكثر من ثلاثين عاما، إلا أن هذا الفوز هو الأول له رغم كثرة عطائه في هذا المجال ومشاركاته، إذ علق حول هذا التساؤل بالقول «فوزي هذه السنة، لا أعرف إن كنت استطيع القول أنه متأخر أم لا، لكن العملية تخضع لاختيار لجنة التحكيم بشكل أساسي، ونظرتها للعمل الفني، وأنا أقدر دور اللجنة لأنها اختارت عملي كعمل يستحق الجائزة الأولى».

ووجد الغضبان أن الأمر لم يخل من بعض التميز من اختيار عمله ذو الطابع الواقعي، إذ قال «بالنسبة لي فأنا أنظر للموضوع نظرة أخرى لأن عملي ذو الطابع الواقعي هو الذي نال الجائزة الأولى، وذلك يعبر عن شيء أساسي وهو أن اللجنة تمتلك نظرة ثاقبة وجلية في فهم العمل الفني، سواء كان واقعيا أم تجريديا، فالأسلوب ليس المنطلق الأساسي وإنما القدرة على صياغة العمل الفني وإخراجه بالمستوى اللائق، وهو ما يحدد قيمة العمل الأساسي».

«الأمكنة» بحث عن الراحة والتأمل

الفنانة فائقة الحسن الحاصلة على إحدى الجوائز التقديرية الأربع التي تم توزيعها في المعرض وجدت أن المشاركة بالنسبة لها تمثل احتفالا سنويا للفنانين، ومن خلاله يحدث التجمع وتبادل الآراء للفنانين، مؤكدة اعتزازها بهذه المناسبة وترقبها لها كل عام.

وتشارك الحسن، هذا العام، بثلاث أعمال، تم اختيار اثنين منهما واستبعاد الثالث من العرض، إذ أكد بعض من اطلع على تجربتها أن العمل الثالث «لم يكن يقل قوة عن الآخرين الذين تم عرضهما»، فيما علقت الحسن بالقول «كنت أتمنى أن يقبلوا العمل الثالث، ولكنني أحترم اختيار اللجنة اللي تنسق المعرض».

وعن طبيعة أعمالها قالت إنها قدمت اعمالا «بالأبيض والأسود، اللونين الذين أحبهما وأميل لهما، ولكن ذلك لم يمنع استخدامي للألوان في أعمالي، كما اني استخدم مواد مختلفة مثل الإكريليك والفحم والحبر الصيني».

وقدمت الحسن أعمال بأحجام أكبر، قياسها 160×130 سم، وهي عبارة عن «أمكنة، وهي تسمية أطلقتها على الأعمال بيني وبين نفسي لأنها دائما تميزت بأنها أمكنة وفيها الكثير من الناس، الناس الذين حولك في العالم كله وليس في البحرين، وانتشارهم وبحثهم عن المكان، إذ قد يكون المكان القلب، قد يكون الحب، قد يكون شيء يبحث عنه الإنسان ليجد فيه الراحة والمتعة والتأمل»، مضيفة «هذا ما استطعت أن أقدمه وأتمنى التوفيق لجميع الفنانين المشاركين معنا في المعرض».

من البيئة والتراث

الفنان البحريني مهدي البناي قدم لهذا العام أعمالا من مادة البرونز، تحتوي على نماذج من الموروث الشعبي، الذي وجده البناي أمرا «يبتعد عنه بعض الفنانين، لكننا نستطيع توظيفه بطريقة أو بأخرى، ولا يجب أن يكون العمل بعيدا عن المجتمع بل العكس، ويجب على الفنان أن يملك الرغبة الداخلية للتفاعل مع مفردات المجتمع، فهي التي توظف الفنان وهي التي تأتي مما هو حوله».

ويضيف البناي «أتت هذه الأعمال صياغة لمخزون ثقافي ومخزون حياة، فحينما كنت صغيرا عاصرت هذه الموتيفات الموجودة في هذا المعرض، فأصبحت العملية اندماجا بين ما تراكم في الذاكرة وما هو موجود أمامكم في المعرض».

واختار البناي ثلاثة نماذج ليقدمها، وهي للساقي، السماك وصاحب العربة، إذ علق على هذا الاختيار «كلها لمسناها ونحن صغار، حينما ينقل الماء من العين للبيت، وينقل الحمال الأغراض من السوق للبيوت أو من المحل لمحل آخر، وحتى بائع السمك الذي قد يكون لايزال حاضرا في يومنا، لكن العملين الآخرين اختفوا من الساحة بوجود الآلات ووصول الماء للبيوت»، مضيفا «ما أضفته هو عدم ترك النموذج على شكله الطبيعي الكامل المكمل، بل أضفت له صبغة حداثة ومعاشرة لزمننا هذا، ولم آخذ المفردة من السابق ووضعتها في إطار متجدد، وهنا تأتي أمور أخرى بمزاوجة القديم بالحديث».

وعلق البناي بأنه «أحببت أن أضيف هذه المرة إضافة لم يتعرف عليها أحد مسبقا، أحب دائماَ أن أقدم ما لم يعتده علي أحد في السابق، والكثيرين استحسنوا العمل ووصلت الرسالة وأعجب العمل المختصين والغير مختصين، والأهم أننا نقدم شيء من بيئتنا وتراثنا ومن نفسنا».

رضا على المشاركة قبل الجائزة

الفنان عمر الراشد قدم أيضا مشاركتين وهو ذو مشاركة دائمة في المعرض منذ تخرجه من الجامعة في عام 1988، إذ وجد أنه «مستمر بنفس التجربة لكنني طورتها كثيرا وحاولت أن أقدم إضافة جديدة في اللون والتكوين ومفهوم جديد» مضيفا «مازلت أعمل على الهوية البحرينية، ويجب أن يكون عندك هوية في عملك، وأنا أعتقد أن الناس تحترمك أكثر وتتقبل عملك، وبالخصوص الأجانب الذين ينظرون للأعمال الجديدة الخارجة من البيئة بإعجاب».

وتساءل الراشد بالقول «لماذا تطرح كفنان أطروحات وأشكال غربية وأجنبية، لماذا لا تكون الأعمال من الهوية»؟

معقبا «دليل فوزي أنني أخذت أعمال من ثقافتنا وليس من باب كون العمل سيخضع لميزان المتطور والرجعي، نحن ننظر للأعمال أنها من ثقافتنا وأنا متمسك بثقافتي وهويتي المحلية».

الراشد أكد أنه لا يقلل من تجارب الفنانين، لكنه وجد أن الكثيرين «يحبون تقليد الفكر، والكثيرين أيضا قدموا أعمال محلية لكن لم يقدموها بهذا الأسلوب، فأنا منذ تخرجي ولمدة عشرين سنة اشتغل في هذه المواضيع لكنني طورتها وحاولت أن أقدمها بألوان وخامات وتكوين جديد، وهذا الفرق بين أعمالي السابقة والحالية».

وبخصوص التحكيم في المعرض قال «أنا عملت في هذا الحقل فترة طويلة، كنت أدير هذا المعرض ومسئول عنه وعملت في وزارة الإعلام، أنت كفنان يجب أن تنظر للأعمال كلها باحترام، ويجب ألا تقول إن هذا فاز أو ذاك خسر، لأنه بمجرد مشاركتك مع الفنانين فالكل فائز، ورغم ذلك فقرار لجنة التحكيم ليس نهائيا، لأنها في النهاية رؤى شخصية للأفراد، ويجب أن نتحملها، وأنا شخصيا قد لا أرضى بكل شيء، لكن يجب أن تكون راضيا على مشاركتك قبل جائزتك».

الأبيض الأسود... السهل الممتنع

ومن جانبه وصف الفنان محمد المقهوي المعرض بأنه «عرس ثقافي تشكيلي بحريني للفنانين التشكيلين البحرينيين»، مؤكدا سعادته بالحضور والمشاركة، إذ قدم «مشاركتي لتجربتي الخاصة ضمن معالجة طويلة منذ السبعينيات بحكم كوني خريج جامعة بغداد تخصص فنون جميلة 1977، ودرست مادة الرسم والفن التشكيلي الرسم والتصوير على أيدي فنانين تشكيليين عراقيين مثل فايق حسن وحافظ الدروبي، فعشقت هذه المادة مادة الرسم التي افتخر واعتز بها، واستطعت من خلالها أن أقف على رجلي في صف الفنانين التشكيليين البحرينيين».

وعلق المقهوي على مشاركته بالقول «أعشق الأبيض والأسود، وتجربتي اليوم هي الرسم بالفحم على الورق، وهي تجربة تنفرد بذاتها أنها خارجة من إطار الزجاج أو إطار مادة البلاستيك الحافظة التي يستخدمها الفنانين التشكيليين لحفظ عملهم من اللمس ووصول المتلقي لها لحساسيتها من اللمس بمعالجات وأطروحات وتجارب مستمرة استطعت أن أجعل لهذه المادة حضور مباشر مع المتلقي الذي يمكنه أن يلمس هذا العمل الفني ويستطيع تحسس هذا العمل الفني بكل أريحية بدون تكلف، لذلك تقديمي لمادة الفحم جعلتها تعيش الحرية مثل الإكريليك أو الزيت».

ويعتقد المقهوي أنه «ضمن حضور وتفاعل الجمهور مع الأعمال المطروحة شعرت أني وصلت للرسالة التي كنت أطمح لإيصالها للمتلقي بحالة وجوده قرب العمل الفني، وأنا سعيد اليوم بعد التجربة الأولى العام الماضي في مادة الفحم وكذلك تجربتي الثانية في بينالي الخرافي واليوم جائزتي التقديرية التي نلتها في المعرض».

وأكد المقهوي أنه يطمح « لأن أقدم مادة الأبيض الأسود بشكل أكثر تكثيفا من التجارب من حيث الكتلة والضوء والظل من خلال هذه المادة التي تعتبر مثل السهل الممتنع، والمشجع في المشاركة هو حضور واختيار لجنة التحكيم اللي تفضلت باختيار الأعمال الفنية مع حجم هذا الحضور الفني والأعمال للفنانين التشكيليين مع الفنانين المخضرمين ورواد الحركة التشيلية ودخول العناصر الشابة يشعرني بشيء من التمازج والتقديم الجيد والممتاز من ناحية التقديم والجرأة في اختلاف وتعدد المدارس والاتجاهات الفنية».

العدد 2316 - الأربعاء 07 يناير 2009م الموافق 10 محرم 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً