انتهت ايام العسل وعاد الزوج السعيد مع رفيقة دربه متوسما فيها كل سعادة وهناء في بيت ترفرف عليه السعادة ويلفه الحب والتفاهم هي الاخرى تقف على العتبة الاولى لعش الزوجية تتأمل كل شيء فيه ونبضات قلبها تتناغم واحساسها الخلاب المضيئ بالسعادة الابدية. ولكن هل سيدوم الهدوء والتفاهم وتبقى الايدي متشابكة والخطوة واثقة ثابتة نحو بناء صرح ابدي يجمع اثنين معا وللابد...
ان السنة الاولى للزواج غالبا ما تكون مزدحمة بالمشاحنات والخلافات وفيها تتفجر المشكلات وتظهر على السطح التناقضات بين الزوجين فيبدو كل منهما بصورته الحقيقية الطبيعية ويسقط قناع المجاملات وتبدو صورة كل منهما للآخر واضحة جلية كيف يعمل ويفكر ويخطط ما مدى انسانيته وسلوكياته الخ، فإن استطاع الزوجان تجاوز كل هذه الخلافات بهدوء وعقلانية وصلا إلى شاطئ الامان ونعما بدفء المحبة والسعادة فالحب بين الزوجين هو عطاء من دون مقابل وهو شعور بالمسئولية والثقة بالنفس وبالآخر وتجاوز المشكلات بالنظرة الموضوعية العادلة المنصفة. ان النضج والتعقل قادران على مواجهة وتحدي الصعاب مهما تكن وتفادي الامور التي من شأنها زرع الشك وزعزعة الأمن النفسي لكل منهما تجاه الآخر قبل ان تتراكم المشكلات التافهة الصغيرة وتؤدي في البداية إلى انفصال نفسي ومعنوي وجسدي وهذا بدوره ينتهي بفشل الحياة الزوجية.
ان التقارب في العادات والتقاليد والاهتمامات والمفاهيم بل وحتى في اسلوب الحياة امر مهم للغاية فإذا حاول كلا الزوجين تجاوز كل هذا والاقتراب من الآخر وصلا إلى حال من الامتزاج والتوحد في جسد واحد. وبامكان اي زوجين في بداية حياتهما خلق علاقة متوازنة دافئة اساسها الحب تزداد يوما بعد يوم ترابطا وثباتا يشد الانتباه ويستحق الاهتمام انها علاقة زوجية ايجابية.
وفي اعتقادي ان كل هذه الامور ميسورة وممكنة اذا اتفق الزوجان ومن البداية على الامور الجوهرية التي اذا اختل توازنها فجر الخلافات فيها على سبيل المثال المصاريف اليومية الضرورية منها والكمالية فعلى الزوجين ان يصرفا بقدر دخلهما من دون تجاوز واذا اكتشفا أن هناك خللا ما يتسبب في ارباك تنظيم المصروفات عليهما فورا تصحيح المسار المسبب لهذا الخلل. لا ان يعتمد كل من الزوجين على مساعدة ابويه أو مساهمتها في تجهيز عشهما الزوجي وألا يحاولا تجهيزه بالقرض أو الدين او ما شابه بل يعتمدان على التنظيم والتوفير والصبر على حاجتهما. وهذا هو المبدأ الذي يجعلهما يعيشان في هدوء وسعادة مدى الحياة. الامر الآخر الذي اود الاشارة اليه هو خصوصيات الحياة الزوجية واسرارها يجب ألا تخرج عن نطاق غرفة النوم وألا يسمح لاي شخص مهما تكن قرابته بالتدخل لفض نزاع سينتهي من تلقاء نفسه فالاسرار يجب ان تكون ملكا محصورا بين الزوجين وبالتالي يتعودان على المصارحة والمكاشفة والمواجهة من دون خوف او تردد وحتما سيتوصلان إلى حل مرضٍ يبدد غيوم الخلافات...
ان استقرار الحياة الزوجية مند بدايتها يجب ان يكون على اساس واضح يتضمن سلامة مسيرة الحياة وتجاوز المشكلات والترفع عن التفاهات والتعاون المخلص بين الزوجين. واعود واكرر سرية الحياة الزوجية واحترام قدسيتها
العدد 319 - الإثنين 21 يوليو 2003م الموافق 21 جمادى الأولى 1424هـ