في ظل سياسة القطب الواحد أصبح مجلس النواب الأميركي (الكونغرس) يحتل الدور الذي ينبغي أن تلعبه الأمم المتحدة ومجلس الأمن على المسرح الدولي وقد بات ذلك جليا في الحوادث التي شهدتها كل من أفغانستان ويوغسلافيا السابقة والعراق.
فقد تبنى مجلس النواب الأميركي قبل سنوات من شن الولايات المتحدة حرب العراق بموجب مبررات واهية «قانون تحرير العراق» الذي سمح لحكومة الرئيس جورج بوش بتقديم الدعم المادي والمعنوي لأطراف المعارضة العراقية في المنفى ونتج عن ذلك مد تلك الفصائل بالسلاح وتوجيه إذاعات خاصة للعراقيين في الداخل.
ولم تكتف الولايات المتحدة بالعقوبات التي فرضتها والمجموعة الدولية على بغداد بغية تركيع نظام البعث ولا بالهجمات وعمليات القصف شبه اليومية في مناطق حظر الطيران بل عمدت - مستغلة دعم حليفتها بريطانيا ومساندة اسبانيا إلى شن «حرب تحرير العراق» متجاوزة بوابة الأمم المتحدة ومجلس الأمن ومكتفية بتفويض الكونغرس.
الشيء نفسه تكرر مع يوغسلافيا السابقة لكن هذه الخطوة على عكس العراق حظيت بدعم ومشاركة حلف الأطلسي وتم تدمير قدرات بلغراد العسكرية والإطاحة بحكومة مجرم الحرب الصربي سلوبودان ميلوسفيتش.
عقب حرب العراق تفرغت إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش لإدارة بوصلة الحرب تجاه إيران وكوريا الشمالية وعينها أيضا على سورية والسعودية ليكتمل لها السيطرة على أقطاب العالم من دون منافس. التركيز الأميركي الآن ينصب تجاه طهران فبعد محاولات تأجيج المظاهرات الفاشلة وإثارة ملف البرنامج النووي الإيراني عمدت إدارة بوش إلى إصدار قانون «الديمقراطية في إيران» عبر الكونغرس ووافقت على توجيه إذاعة خاصة لشعب إيران تماما كما فعلت مع جارتها العراق من قبل.
واشنطن لديها في جعبتها الكثير من القوانين التي يصدرها الكونغرس ضد دول ترى انها تسبب لها المتاعب اذ لا تستجيب للسياسة الأميركية ومن بين هذه الدول السودان اذ هناك ما يسمي«قانون السلام في السودان» الذي تستخدم الإدارة الأميركية كلما يحلو لها الأمر لتلوح بعصا العقوبات تجاه الخرطوم. وهناك أيضا «قانون محاسبة سورية» الذي تحاول الولايات المتحدة ان تمرره عبر الكونغرس لاستخدامه أيضا عند الحاجة إلى خلق المشكلات مع دمشق بحجة عدم مراعاة حقوق الإنسان ودعم حركات المقاومة الفلسطينية واللبنانية وعلى رأسها طبعا حزب الله.
قوانين وتشريعات يفصلها نواب الكونغرس لتضع على طاولة الإدارات الأميركية لتكون لها الغطاء المناسب عند الحاجة إلى ممارسة أساليب الهيمنة والتغطرس على شعوب العالم الثالث لكن من المناسب أن ترعوي واشنطن من تجربة هجمات سبتمبر/ أيلول وتضع حدا لهذه السياسات الفوقية فنجاح التجارب السابقة لا يعني بالضرورة أن تصدق في كل المرات. ويجب أن يدرك الأميركيون ان الشعوب الحرة لا ترضى الذل
إقرأ أيضا لـ "ابراهيم خالد"العدد 318 - الأحد 20 يوليو 2003م الموافق 20 جمادى الأولى 1424هـ