كثيرة هي المواقف والحوادث التي غيرت قناعاتنا، وكثيرة هي كذلك الأحلام التي تتبدد وتصبح ماضيا كئيبا لا نقدر على احتمال تذكره، هذه العبارات تشبه إلى حدٍ كبير (حرب الخليج الثالثة) التي غيرت فعلا قناعات الغالبية العظمى منا وكشفت عن ذاتنا (العارية) وأفكارنا (الضحلة) وأوهامنا (السراب) واعتقاداتنا (الزائفة)...!! اعتقدنا أن (صدام) بطل قومي و في رواية للصحافي مصطفى بكري ان صدام حسين (مجاهد) و(إسلامي) لا يقل مكانة عن خالد بن الوليد، وفي رواية للمحلل عبدالباري عطوان ان (صدام) سيبيد جحافل التحالف الغربي ويجعل الأميركان ينتحرون على أسوار بغداد وتعود للأمة شوكتها ومنعتها، «واعتقدنا أن الكويت (خائنة) ومتحالفة مع الشيطان الأكبر، وان العراق بسلاحه النووي والشامل سيبيد أعداء الأمة وأننا سنرتاح من دولة الكيان الصهيوني، وان حالنا سيتغير من الفقر إلى عيش الرغد وان نفط العرب والمسلمين سيتوقف ضخه إلى الغرب وتتحول أنابيب التصدير شرقا... و... و... و... حتى استيقظنا ذات يوم على سقوط تمثال صدام حسين الكبير في وسط بغداد، وسط دهشة العالم» ورويدا... رويدا، أصبحت تعود إلينا حال الوعي، والإدراك الحقيقي للأشياء...!! فأدركنا أن الكويت على رغم ممارسات البعض القليل من أبنائها فإنها ذات الكويت صاحبة الأيادي البيضاء، واكتشفنا أن رئيس العراق ما هو إلا نمر من ورق وان البطل والمجاهد (صدام) ما هو إلا قاتل شرير وأن (صدام) الذي عقدنا عليه الآمال ما هو إلا (موسوليني) آخر و(فاشستي) الأمة العربية، وان صدام حسين هو صناعتنا نحن، وان ذنب الذين دفنوا في المقابر الجماعية في أعناقنا إلى يوم الدين...!
إقرأ أيضا لـ "خالد أبو أحمد"العدد 318 - الأحد 20 يوليو 2003م الموافق 20 جمادى الأولى 1424هـ