الكذب من المشكلات التربوية المعقدة والتي يصعب ايجاد حلول لها الا بعد بحث وعناء وجهد متواصل، إذ يعاني معظم الآباء والامهات في تعامل الابناء معهم بالكذب ويحاولون من دون جدوى وبشتى الطرق ثنيهم عن هذه الخصلة الضارة الدميمة. ولكن وللاسف الشديد يتبعون اساليب وطرقا تعسفية تقليدية تجعل الابناء يصرون على التعامل معهم بالكذب.
ولكن ما يعنينا هو كيف تعودهم على الصدق وهم صغار؟. ولعل أهم الامور التي يجب ان يأخذها الوالدان بعين الاعتبار ما يسمعه الطفل من اعذار كاذبة وقصص ملفقة من والديه أو احدهما تحت مسمى الكذبة البيضاء لانها بمفهوم الطفل كذبة حقيقية في معظم الاحيان لجأ اليها الكبار للتخلص من مأزق أو موقف صعب، فاذا كان الأب يخالف القوانين ويكذب والأم تتغيب عن عملها وتكذب. وعلى مسمع من الصغار، فلماذا لا يكذبون فليراقب الكبار انفسهم مادام الاطفال صغارا ثم ان الاطفال بحاجة إلى الاستقلالية والتكتم وبالمقابل يجب على الأصل حمايتهم وارشادهم مع احترام خصوصياتهم وهناك امور كثيرة يجدر بالاباء معرفتها عن ابنائهم مثلا الاماكن الذي يرتادها الابن - اين يمضي اوقات فراغه - من يرافقه كيف يستذكر دروسه- ما يفضله من برامج تلفزيونية وهكذا على ان يخف الحصار كلما كبر الطفل وعليهما ان يوضحا للطفل ان ما يفعلانه بدافع من الحرص على مصلحته وارشاده ثم ان اولادنا في المدرسة يختارون صداقات لا نحبذها ولكننا نقف عاجزين عن منعها وتطورها حتى يصبح الصديق الكذوب هو المرشد والموجه الاول، لذلك فإن الاطفال الذين يكذبون يعاشرون اصدقاء يكذبون غالبية الاحيان فإذا عرف الآباء عن اصدقاء ابنائهم سوء السلوك عليهم توضيح ذلك حين تتوافر لهم الشواهد على ذلك وبهذا يعرف الابناء سبب معارضة الآباء لهذا النوع من الصداقات ولكن بعد مجادلات ومناقشات قد تكون حامية في بعض الاحيان... وبما ان الكذب هو سلوك غير لائق اجتماعيا وادبيا يتحتم على الآباء اختيار الاساليب الناجحة لمواجهة ومعالجة الكذب عند اطفالهم. ان اسوأ اساليب المعالجة التهديد والوعيد والضغط العصبي والنفسي على الطفل.
وسؤال فلان أو علان ليثبت الآباء لانفسهم ان ابنهم يكذب عليهم ربما تنجح هذه الوسيلة وتدفع الابن إلى الاعتراف ولكنها لن تلقنه درسا اخلاقيا وكان على الوالدين ان يوضحا للطفل الاسباب التي من اجلها يبغيان معرفة الحقيقة كالخوف عليه من الاخطار والعقوبات.
ايها الآباء اوضحوا لأبنائكم ايمانكم بصدق ما يقولون وعودوهم على الثقة المتبادلة وابتعدوا انتم عن الكذب البيضاء كما تزعمون... فإن ارساء علاقة مبنية على الثقة المتبادلة بين الآباء والابناء كفيلة بتنشئة جيل صادق يشعر منذ طفولته بالفخر والاعتزاز وبانه انسان راشد وان كان صغيرا وحتى اذا ضبط يلفق كذبة بيضاء كما يزعم الكبار على الوالدين التحاور معه والتوضيح له بأن الثقة ستحجب عنه في حال اكتشافهم لكذبة اخرى. واعود لاقول ان الكذب مشكلة حقيقية ومعقدة وعلينا دائما ان نكون للابناء قدوة ومثالا ونوجه صداقاتهم وننمي فيهم الصدق والثقة بانفسهم ونعاقبهم على الاخطاء؟ فالكذب يقضي على التقارب والمودة فعلى الاهل ان يشعروا الابناء بانهم جديرون بثقته صغيرا ويسحقونها، فيما هو يكبر وتنمو شخصيته حتى يصبح أبا لأبناء يصدقون دائما
العدد 318 - الأحد 20 يوليو 2003م الموافق 20 جمادى الأولى 1424هـ