كم عائلة سيستطيع العضو البلدي أن يدفع لها من جيبه الخاص حتى لا تجد نفسها في العراء؟ وهل الجهة الرسمية عندما زادت مكافأة الرئيس البلدي إلى 2000 دينار والعضو إلى 1500 دينار، وضعت في حسبانها أن الجزء الأكبر من هذا المبلغ سيغطي العجز الذي أصاب مشروع البيوت الآيلة للسقوط، حين يجد ممثل الشعب نفسه محرجا أمام حالات فقيرة غير قادرة على سداد الإيجار الشهري للشقق المؤقتة بسبب توقف المبالغ التي تصرف لها ضمن المشروع.
إن وضع مشروع البيوت الآيلة للسقوط أصبح مرعبا جدا للكثير من الأسر الفقيرة والمعدمة، والتي تسير في طريق طويل نحو المجهول، الأمر الذي يستدعي إيجاد مسعفين وممرضين وأطباء لينقذوا روحه المحتضرة قبل أن يفارق الحياة، فتموت معه أحلام البسطاء الذين لم يكن لهم ذنب سوى أنهم تمنوا يوما ما أن يقضوا حياتهم بصورة طبيعية بعيدا عن تسربات الأمطار، وتصدعات الجدران، وتناثر الغبار من الأسقف التي يستترون بها في بيوتهم المتهالكة.
مخطئ من يعتقد أن الحالة المتعسرة التي يمر بها مشروع البيوت الآيلة للسقوط أخف وطأة من المشكلة الإسكانية التي تكتوي بنارها شريحة كبيرة من هذا المجتمع، فالفئة الأولى تعيش حاليا في شقق مؤجرة ويخصص لها 150 دينارا شهريا من قبل المجالس البلدية، والكل يعلم أن أسوأ شقة يمكن الحصول عليها هذه الأيام لن يقل إيجارها عن 250 دينارا، لذلك فإن الكثيرين من هذه الفئة يدفعون من جيوبهم وأعصابهم لتسديد الفرق في سعر الإيجار من خلال الاستدانة أو الصبر على إلحاح المؤجر إلى أن يحل عليها الفرج.
أما الفئة الثانية التي تنتظر دورها للحصول على وحدات سكنية، فهي إما تقيم بصورة مؤقتة في غرف ضيقة في مسكن أقربائها أو في شقق مؤجرة اختارتها بنفسها لتوافقها مع مدخولها الشهري، أي أنها مسيطرة على وضعها المادي وتوزع مصروفاتها بالتساوي على احتياجاتها ولو أن الرواتب التي تحصل عليها لا تكاد حاليا تغطي كل شيء، فيما الفئة الأولى وجدت نفسها مضطرة للقبول بأي شقة ومهما كان إيجارها، لأنها لم تعد تحتمل البقاء في منزل متداعي الأركان مؤهل للانهيار عليها في أي وقت ومن الضرورة أن يتم هدمه على وجه السرعة لإنهاء هذه المعاناة.
يجب أن لا يرتهن مشروع البيوت الآيلة للسقوط لسعر برميل النفط في الموازنة العامة للدولة، وأن يبقى مدعوما من الديوان الملكي بموازنة مفتوحة كما كان عليه الوضع في السابق، فالقضاء على 6000 بيت غير صالح للسكن الآدمي، ليس بالأمر الهيّن الذي يمكننا أن نتجاوزه بتخصيص بضعة ملايين قابلة للزيادة أو النقصان بحسب الموجة العالمية وأسعار النفط. نجاح هذا المشروع هو نجاح للدولة بمختلف وزاراتها ومؤسساتها، فالقضاء على المشكلة الأمنية التي نواجهها بين حين وآخر، لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال استيعاب الشريحة المحتاجة في هذا الوطن، فالفقر والبطالة والفراغ الذي يعاني منه الشباب، أمور تولّد حالات من الكبت قابلة للانفجار، يمكن للجهة الرسمية أن تستوعبها بدعمها لهذا المشروع الذي يحظى برعاية واهتمام عاهل البلاد، فالسكن هو أساس الاستقرار والمدخل الأول لزرع السكينة والطمأنينة.
على النواب أن يصطفوا جميعا في هذه المرحلة لإثبات أنهم جاءوا فعلا لخدمة من انتخبوهم بمختلف طوائفهم وألوانهم، فإصرارهم على تخصيص موازنة لمشروع «الآيلة» ضمن الموازنة العامة للدولة - على الرغم من مطالبتنا بأن تبقى مفتوحة - سيكون جوازا لهم للمرور في العام 2010 عبر صناديق الاقتراع ليتبوؤا مواقعهم ذاتها من جديد.
إقرأ أيضا لـ "أحمد الصفار"العدد 2315 - الثلثاء 06 يناير 2009م الموافق 09 محرم 1430هـ