نتيجة دراسات موسعة، استغرقت سنوات عدة، واشتملت على زيارات ميدانية، قامت بها منظمات إنسانية وخيرية في أوروبا، إلى بعض البلدان التي تعصف بها المنازعات والحروب الأهلية في مناطق آسيا وإفريقيا وأميركا اللاتينية (الشمالية).
أشارت الدراسات إلى أن هذه المناطق، صارت تغرق في بحور من الدماء من كثرة ما حل بها من حروب دامية مؤلمة تقودها عدة منظمات عسكرية متمردة على الواقع والأنظمة السياسية والعسكرية القائمة هناك.
وتضيف الدراسات: «ان الأطفال الأبرياء يستغلون كجنود ووقود للحروب التي ليس لديهم فيها ناقة ولا جمل» حيث تسقط وترتوي خلالها دماء فلذات الأكباد وتعتصر أعماق الإنسانية من هول ما يحدث من عمليات الاغتصاب والقتل وانتهاكات حياة الطفولة البريئة.
وتظهر الدراسات، بأن هناك مشاركات واسعة للأطفال في الحروب الطائفية والإثنية والقبلية ومنازعات أمراء الحرب من أجل التمتع بالسلطة والجاه، وتذكر الدراسات حقائق كثيرة وأرقام تهز المشاعر الإنسانية، عندما تشير إلى أن هناك أكثر من 400 ألف طفل وطفلة ملتحقون اليوم في جيوش الكبار، ويتعرضون لمختلف أنواع إساءة المعاملة، والفتيات الصغيرات عادة ما يجبرن على الانضمام لتلك الجيوش، ثم تساء معاملتهن بعد تعرضهن للعذاب النفسي والاغتصاب، ثم يقدمن بعدها كزوجات للضباط والجنود الكبار.
وتكشف إحدى هذه الدراسات أن المدنيين في الحروب المعاصرة هم أكثر الضحايا عرضة للموت أو التشوهات، فبعد أن كانت نسبة المدنيين الذي قضوا في الحرب العالمية الأولى 23 في المئة فقط، ارتفعت النسبة في السنوات الأخيرة التي اعقبتها إلى الضعف، ثم إلى نحو 95 في المئة في الوقت الراهن، حيث إن أعداد الأبرياء من المدنيين في بعض الحروب الجديدة، قد ارتفع إلى مستويات كبيرة بسبب تركيز القصف العسكري العشوائي على المناطق المأهولة بالسكان بدلا عن المناطق العسكرية يفوق أعداد المقاتلين ومناطقهم العسكرية، وأن الكثير من الأطفال الأبرياء يموتون من الجوع والمرض ونقص الدواء، حيث تشير التقديرات إلى أن نحو 12 مليون طفل هم ضحايا النزاعات المسلحة والحروب في مختلف مناطق العالم.
وهذا ما تظهره الحقائق على الأرض في جميع الحروب الممتدة على وجه الأرض وخاصة في آسيا وإفريقيا وأميركا اللاتينية، حيث لاتزال الحروب والنزاعات المسلحة تحصد أرواح شعوبها بلا مبررات، سوى الصراع على الزعامات والسلطة والحكم.
ويقول تقرير صندوق الأمم المتحدة لرعاية الطفولة اليونسيف: «إن الحروب أدت إلى مقتل أكثر من مليوني طفل في العقد الماضي، وأما اليوم فالأعداد أخذت تتزايد بصورة مطردة بسبب انتشار السلاح وتحويل العصابات المسلحة والسباق من أجل الزعامة والثروة، كما تم إجبار أكثر من 16 مليون طفل على مغادرة ديارهم قسرا نتيجة الحرب والجوع والمرض.
ويضيف التقرير أن «هناك نحو 300 ألف طفل في العالم يدفعون دفعا لحمل السلاح ويشاركون الكبار في الحروب المستعرة على وجه الأرض.
وفي تقرير منظمة «انقذوا الأطفال» البريطانية، الصادر في شهر يونيو/ حزيران 2008 أشار التقرير إلى أن أطفالا صغارا لا تتجاوز أعمارهم سن السادسة، قد تعرضوا لانتهاكات جنسية من قبل جنود حفظ السلام وموظفين وعاملين في منظمات إغاثة دولية.
وقال التقرير: «إن الأطفال في مناطق النزاعات يتعرضون عادة إلى انتهاكات صارخة من قبل نفس الأشخاص القائمين على حمايتهم في تلك المناطق وغيرها.
ويضيف التقرير أنه «بعد قيام المنظمة، بعدة أبحاث في جنوب السودان وهايتي وساحل العاج، والكشف عن ممارسات نفسية وجسدية خطيرة ضد الأطفال، فإنها أوصت بإنشاء هيئة رقابية دولية للتعامل بشكل جدي مع هذه الظاهرة السيئة وبذل كل الجهود والإمكانات لمحوها أو استئصالها والعمل على تقوية أنظمة حماية الأطفال الصغار من مختلف مظاهر الإساءة واستخدام العنف والإرهاب ضدهم، حيث وصف الكثير من الأطفال وخاصة الفتيات الصغار اللاتي يتعرضن للاغتصاب الجنسي حجم «الجرائم البشعة» ضدهم باعتبار أنهم أُجبرن على ذلك بسبب بحثهم عن كسرة الخبز.
ووفقا لغالبية هذه الدراسات، فإن أسباب إساءة المعاملة إلى أطفال العالم، ستظل قائمة ما دام العالم برمته يتجاهل قضايا الأطفال ويضرب بعرض الحائط المعاهدات والاتفاقات الدولية المعنية بحقوقهم.
إقرأ أيضا لـ "هاني الريس"العدد 2315 - الثلثاء 06 يناير 2009م الموافق 09 محرم 1430هـ