يمر الانسان بفترات من الفراغ، وهذا الفراغ غالبا ما يسبب له انتكاسة بخروجه عن المألوف، من حصوله على انتقادات ونظرات يشوبها الريبة من الآخرين ومن المحيطين به، فيكون في نظر المجتمع منحرفا.
وهذه النظرة المجتمعية قد تتعدى نقد المرتكب والخارج عن العرف، بأنه غير سوي، وليس نقد السلوك فحسب بل نقد الذات التي انحرفت عن المسار الطبيعي السائد في المجتمع طبقا للعرف والتقاليد والقيم التي يحملها هذا المجتمع.
إن ارتكاب ما يخالف العرف السائد (الخروج عن المألوف) عادة ما يطلق عليه (انحراف) وهذا الانحراف نابع من غرائز لدى الانسان يكون منشؤها الذات (النفس) وهي المحرك للغرائز، إلا أن العقل ينظم ويضبط اختيار الغرائز وكيفية الوصول إليها بحسب مستوى التفكير والذكاء الذي يتمتع به الفرد.
والفترات التي يتم فيها ممارسة إشباع الغرائز تسمى (نزوات) وتعرّف بأنها قوة بيولوجية لاشعورية في الإنسان، في حالة نشاط و إثارة متواصلة، وتتبع نوعا من الحيز النفسي ومنبعها جسدي.
وفي تعريف آخر مبسط للنزوة هي هوى مفاجئ لشيء ما بشكل مؤقت، سرعان ما يزول. ويفسر ( فرويد ) بأن «النزوة»... منشؤها: الـ»أنا»، ووسيلتها: التمتع أو الإغراء، وهدفها: تخفيض الضغط الداخلي، وإعادة الشخص لحالة الاستقرار والثبات.
إن الإنسان يحتاج لترويض النفس وكبح جماحها ومقاومة حبائلها التي تحيكها لكينونته الإنسانية، وعدم مجاراة غرائزها التي لا تنتهي إلا بجره إلى الهاوية.
في هذا الصدد يقول الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) في أحد أبياته:
أدبت نفسي فما وجدت لها
بغير تقوى الإله من أدب
أوكما أشار أمير المؤمنين (ع) بقوله: «وإنّما هي نفسي أروّضها بالتقوى».
وعالمنا اليوم مليء بالحوادث، فكثيرا ما نقرأ في الصحافة عن أناس عبَّروا عن نزواتهم بالتعدي على أعراض الآخرين، والمحاكم ليست خاوية من مثل هذه القضايا، قضايا الشرف والتعدي على الحرمات وخدش الحياء والسلوك المنافي للأخلاق.
إن طريقة ارتكاب الفعل المنافي اليوم تعددت، فمن استراق النظر إلى استخدام الألفاظ النابية، إلى التصوير، إلى اللمس، إلى الاعتداء على العرض، كما تعددت أمكان ارتكاب الفعل فمن الخلوة (الانفراد)، إلى الأماكن العامة (المتنزهات، المجمعات التجارية، والشارع العام)، إلى المؤسسات التعليمية (المدرسة، الجامعة)، ففيها يمكن حدوث الاعتداء وممارسة (النزوة).
قرأت قضايا كثيرة عن الآداب المخلة، ماذا كانت محصلة أفراد يتمادون في أفعالهم وآخرين يستمرون على نفس المنوال، فالحكم على الجاني في قضية اعتداء على عرض فتاة،لا يتجاوز دنانير معدودة من ( 20 إلى 200 دينار)!
وأتذكر أن الصحافة نشرت قضية مقتضبة عن الحكم الصادر بحق شخص قام برفع ملابسه أمام فتاة بما (يخدش الحياء) أمام مرأى من الناس في مكان عام، حكم عليه بمبلغ قدره 20 دينارا!
إذا أين الخلل؟ هل هو في المساحة المعطاة من الحرية المباحة، أم في الأحكام المخففة بحق كل من يرتكب مثل هذه الجرائم والتعديات على الآخرين؟ وعلى من تقع المسئولية في ضبط مثل هذه الأفعال المخلة بالآداب؟ هل هي الدولة أم المجتمع أم الأسرة، أم أن المسئولية يتحملها الفرد المرتكب للجرم؟
لست ضليعا في قضايا المحاكم، ولكن ما أره بأن المسئولية تقع على عاتق الجميع، وعلى الدولة أن تسن قوانين رادعة بحق كل من تثبت عليه الجريمة ليكون عبرة لغيره، وعلى مؤسسات المجتمع المدني والمجتمع والأسرة توعية الأفراد في بث ثقافة المجتمع الأصيل.
نحن بحاجة لثقافة الدين، ولثقافة الجذور الأصيلة لهذا البلد، لا لثقافة الانفتاح المفتوح على مصراعيه بحيث تغير من هوية البلد الدينية لتحوله لثقافة الغرب، في ممارسة الأفعال المخلة بالآداب بكل حرية، فالتقليد الأعمى وأخذ السلبيات الغربية هو ما جناه بعض أصحاب النزوات العابرة بثمن بخس فكان القصاص منهم بثمن بخس.
حسن مقداد
لا أستطيع الاستمرار...
الآن فقط قررت الانسحاب
فلم يعد في العمر بقية
والجسم مازاده الا هزولا واصفرارا
أريد أن أستنشق الهواء مجددا
أن ترجع روحي لجسدي
أن أرجع طفلة مازالت ترى الدنيا نقية
أنت سلبتني روحي، ضحكتي، وإحساسي بالحياة
أصبحت بوجودي معك!
جسدا لاتحتويه روح
فيبقى في الوجود كائنا لا وجود له، ولانفع له
فما النفع من لسان لاينطق، ومن قلب لا يشعر
وما نفع ثغر لايبتسم وعيون لاتضحك
تعلمت معك
أن اكون ولا أكون
وقفت في وجه كل الصعوبات، وهاهي تزداد شدة مرة بعد أخرى
ولكن الآن! كفى! كل صمودي انهار
ولا أستطيع الوقوف ضد نفسي أكثر
كنت صامتة، راضخة
لا لضعف مني، أو خوف منك!
وإنما كنت أصمت على أمل في تغيرك
لأن أزرع إحساسا في قلب لم يعتد أن يحس
لأزرع مبادئ في قلب معدوم المبادئ
كنت أتجاهل كل أخطائك
لكنها لم تتغير، كل مرة تزداد قسوة
ويزداد جرمك شنعا
وهاقد حان الآن الوقت
لأن أقف في وجه جبروتك...
وأرجع لي كرامتي المسلوبة...
إيمان محمد
ها نحن اليوم نعاني صراعا شديدا بين إدارة التعليم العالي والجامعات الخاصة... صراعا خلف وراءه الكثير من المشاكل ليس فقط بتشويه سمعة الجامعات في الخارج بل أيضا على الطلبة.
فبعد التصعيد الإعلامي من قبل وزارة التربية والتعليم أصبح لا قيمة للتعليم في البحرين، فكل الخليجيين وغيرهم انسحبوا من الجامعات التي كانوا يهاجرون من بلادهم من أجل الدراسة فيها لسمعتها الطيبة وقوتها الأكاديمية. كما هو معروف عن التعليم في البحرين من أفضل دول الخليج وأما بعد تصريح كبار المسؤلين عن التعليم بالبحرين فإن الجامعات كلها مخالفه وعلى العلن أصبحنا كما في الهواء لسنا في السماء ولا في الأرض معلقين بينهم لا نعلم ماذا نفعل.
فللطالب البحريني الحق بأن يعلم إلى أين سيؤول مصيره، وخصوصا أن دولة الكويت الشقيقة قد أقرت بعدم الاعتراف بست جامعات خاصة.
فبعد أن تم هذا القرار وعدم الاعتراف بشهادتنا فأين سيكون مصيرنا وهل ذهب تعبنا سدى؟
وإن استمرت هذه الجامعات فستبقى سمعتها كما هي بعدما يتم الإقرار بأسماء الجامعات في الصحف المحلية فأين حق الطالب البحريني؟
وإذا كان القرار في أيدي مجلس التعليم العالي، فأين كانت قراراتهم منذ بداية اعتماد الجامعات الخاصة وقبولها لطلبة البحرينيين في ذلك الوقت، هل هي مؤامرة أم محافظة على حقوق الطلبة البحرينيين.
وما مصير الطلبة الخريجين هل ستعتمد شهادتهم عندما يتقدمون إلى سوق العمل وهل سيكون مصيرهم من مصير باقي الشهادات أم سيعاملون وكأن شهادتهم لا قيمة لها؟ وهل سيكون هناك تمييز بين الجامعات الخاصة والأخرى؟
ها نحن في انتظار قرار حكيم ونصيحة تفيدنا في حياتنا، فكما تعلمون نحن أبناؤكم قبل أن نكون طلابكم، فهل نكمل دراستنا في جامعاتنا ونستمر على أن تكون شهاداتنا صالحة أو نخرج لنعمل من دون شهادات لأن صورتها تشوهت واهتزت ولم يعد لها قيمه؟
نحن مع وزارة التربية والتعليم في تعديل كل الأخطاء ولكن لماذا لا تكون من دون تشويش صورة التعليم في البحرين؟ ولماذا لم تطبقوا القرارات المتأخرة تدريجيا، لأنه ليس موضوع كن فيكون، لأننا الطلبة أكثر المتضررين.
(الاسم والعنوان لدى المحرر)
وتسألُني ليالي الصيف
يا أستاذُ هل تهوى؟
فقلتُ لها: اسألي قلبي
وعيشي في معادنهِ
وذوبي في تلاوتِهِ
وسيري في مبادئِهِ
وكوني وجهَهُ الحَسنا
فؤادي بين أضلاعي
هو الأشجارُ والأوراقُ
والثمرُ الذي أعطى
لكلِّ حمامةٍ وطنا
على أحلى الصَّدى وطني
سأجعلُ كلَّ أيَّامي
إلى أيَّامِهِ سُفنا
سأصنعُ مِنْ جواهِرهِ
بأيدي المُخلصينَ غِنى
سأدفعُ عن جوارحهِ
وعنْ شطآن ِبسمتِهِ
وعن أصدائِهِ المِحنا
ومَنْيهواهُ لم يُبصرْ
بمرآة الهوى الوَهَنا
فكمْ أعطتْ مآذنُهُ
وكمْ صلَّتْ شواطئهُ
وكم حجَّتْ لآلئهُ
وفي محرابِ رايتِهِ
أماتَ جمالُهُ الفِتنا
وكلُّ العاشقينَ لهُ
سينهضُ عشقُهمْ مُدُنا
أتسألُني عنِ العشَّاق
ما فعلوا؟
فكلُّ العاشقينَ هنا
على معناكَ قد أمسوا
قناديلا
وقد أضحوا
لكَ الأرواحَ والبَدَنا
وكلُّ ضلوعِهمْ صارتْ
لكَ الأزهارَ والصلواتِ
والأحضانَ والسَّكنا
وكلُّهمُ إذا سطعوا
هُتافاتٍ
فهمْ لو تعلمونَ
أنا
وحجمُ هواكَ يا وطني
هيَ الأرقامُ لنْ تُحصَى
ستعجزُ ذلكَ الزمنا
لأنكَ ساخنٌ جدا
بهذا الحبِّ تسألُني
ليالي الصَّيفِ عن روحي
أتعرفُها؟
عرفتُ الروحَ حينَ
رأتكَ يا وطني
لكلِّ فضيلةٍ وطنا
قرأت مؤخرا قصة بعنوان “عرسنا في الجنة” لعزام حوبا... واستخلصت الرسالة التالية:
“قتل الإنسان العربي ما أجبنه! استبدل نعيم الآخرة بدنيوية الدنيا، وارتضى لنفسه الذل والهوان، حتى تسلل الأعداء بين يديه ومن خلفه وكتبوا عليه الاستعباد.
قتل الإنسان العربي ما أفقره! لأنه ترك رقبته يأخذ بسياقها المنحرفون ويستهزىء بوجوده المستهزؤون... فاهترأت كنانته وصدأ سيفه، وتعلم حصانه الرقص بدلا من فنون القتال.
فلن يتركنا الذل والهوان والخنوع والاستسلام ولن يتوقف الأعداء عن ذبحنا، إلا إذا ارتضينا لأنفسنا أن نجاهد بدلا من معيشة الخراف التي لا يهمها إلا الأكل والنوم وعيش العبيد الأذلاء...”
هذه الرسالة عاشها بطل القصة إبان اشتعال الشرارة الأولى للحرب اللبنانية.
منى الحايكي
تناولنا في مقالات سابقة جريمة الاحتيال في 4 أجزاء واستكمالا لها سوف نلقي اليوم الضوء على الاحتيال باتخاذ اسم كاذب أو صفة غير صحيحة .
إن الاحتيال بهذه الوسيلة يتحقق بصدور كذب من المتهم يتعلق بموضوع معين وهو اسمه أو صفته، فإذا اتخذ المتهم اسما غير اسمه أو صفة غير صفته، فانخدع بها المجني عليه ووقع في الخطأ وأقدم على تصرف تحت تأثير هذا الخطأ فإن جريمة الاحتيال تقوم .
الاسم الكاذب: “هو اسم غير الاسم الحقيقي للمتهم والذي يكون إثباته عن طريق الهوية الشخصية (البطاقة الذكية) أو جواز السفر أو رخصة القيادة”.
وهذا التعريف المتسع يضم حالات عديدة : فهو يضم حالة اتخاذ المتهم لنفسه اسم شخص آخر له وجود حقيقي ومعروف في المملكة، وحالة اتخاذه اسم شخص خيالي ليس له وجود، ويدخل في نطاق النصب حالة إبقاء المتهم اسمه الشخصي وتغيير اسم عائلته، مما يجعل أي نصاب ومحتال في الانتماء كذبا لهذه العائله بهدف الاحتيال والنصب ولذلك يجب التأكد من هذه الأمور بشكل صحيح ومن خلال الطرق الرسمية.
الصفة الغير الصحيحة : الصفة الصحيحة تحدد معالم الشخصية، وإذا كانت معالم الشخصية عديدة ومتنوعة، وغير قابلة للحصر فإن الصفات التي يتصور أن يتعلق الكذب بها ويقوم بها الإحتيال غير قابلة للحصر . أهم الأمور الواقعية التي يتم النصب بها في مجال الصفات :
1. الادعاء بصلة القربى كإدعاء المتهم علاقة قرابى أو زوجية أو مصاهرة بشخص هو محل ثقة المجنى عليه، إذا إن هذا الأسلوب من شأنه أن يضفى ثقة المجني عليه، ويضفي الثقة المالية على المتهم لوجود شخص سيضمن وفاء المتهم بما تعهد به، وذلك على عكس الحقيقة، ومثالا لذلك إدعاء شخص أنه ابن أو أخ لأحد رجال المال المعروفين، والتوصل بذلك إلى الحصول من تاجر على سلع بإيهامه صراحة أو ضمنا أن ذلك الثري سيدفع ثمنها فإن ذلك يعد جريمة احتيال.
2. الكذب بشأن المهنة : فإذا ادعى المتهم مهنة ليست له، كما لو ادعى أنه طبيب أومهندس أوصفي أوتاجر وتوصل بذلك إلى الاستيلاء على مال فهو نصاب، ومثال على ذلك من يدعي انه تاجر ويتوصل بذلك إلى الاستيلاء على مال كعربون عن صفقة يكون نصابا.
وتقوم أيضا جريمة النصب عن طريق ادعاء صفات كاذبة إذا ادعى المتهم كذبا عن مركزه الاجتماعي في جوانبه المتعددة، سواء الجانب الشرفي كحمل رتبة او وسام او عضوية لجنة او الجانب العلمي كحمل إجازة علمية (شهادة) دراسة كالبكالرويوس أوالماجستير أوالدكتوارة لأن الثقل الاجتماعي والأدبي يعطي الشخص حتما ثقة مالية أي أن درجة الثقة والأمان تزداد حينما يكون الشخص من عائلة وذي مكانه ودرجة علمية فإذا كانت كل هذه الأمور كاذبة فإنه حتما نصاب إذا استولى على المال بناء على هذا الكذب لذا ننبه المواطنين والمقيمين بضرورة تحري الدقة قبل البدء في مشروع تجاري والتأكد من شخصية الطرف الآخر في المعاملة المالية.
وزارة الداخلية
والدي العزيز، إن لفراقك وحشة، ولموتك حزنا، وألم المصاب لفظيع، ولصوتك الحنون ولمساتك الإنسانية الرحيمة... لن ننساك مدى الدهر.
والدي العزيز، لا أنسى اليوم الذي ودعتنا فيه، آآه من أنفاسك الأخيرة كيف استقبلناها بقلوبنا، والدي العزيز لم يحن موعد الرحيل هذا وتتركنا يتامى، لم يحن الوقت الذي تتركنا فيه ونحن بأشد الحاجة إليك، ها هي حفيدتك تدعو إليك حتى بعد مواراتك الثرى بصوتها الحزين الشجي ودعاؤها المستمر حتى الفجر «يا رب يشافي بابا شيخ».
في يوم الأربعاء بتاريخ 30 سبتمبر/ أيلول الماضي 2009 يومها كنا نحن أبناؤك جالسين جنبك، نذرف دموع الأحزان وقلوبنا تخفق من ألم المصاب، لطالما نظرنا إلى وجهك المضيء الإيماني، وجسمك الذي بدأ يذوب من شدة المرض، فنبكي عليك وعيوننا تذرف الدموع.
ففي الأيام التي سبقت وفاتك تسهر عيون أبنائك للنظر إلى وجهك الروحاني، إذ طالما نظرت إلينا بشفقة ورحمة وعطف، ولطالما أحسستنا بأننا نعيش في حظنك الدافئ الذي افتقدناه صباح الخميس المشئوم.
والدي العزيز، لو أبكيك مدى الدهر لا أستطيع أن أوفي حقا من حقوقك علي، أنت لست والدي فقط بل أنت الأب الحنون والأم العطوف والأخ الرحيم والأخت الشفوق والصديق المساعد لنا في كل شيء، أنت الذي نستشيره في كل أمورنا الدينية والاجتماعية، فأنت الملجأ والمرجع لنا، فكيف أنساك اليوم وأنت لم تنسنا وأنت على فراش المرض، توصينا بطاعة الله وتجنب معصيته والالتزام بتعاليم الدين واحترام الآخرين.
والدي العزيز، في كل يوم نزورك وأنت تقرأ لنا الأدعية والزيارات المأثورة والسور القرآنية، تجعلني أحس بقشعريرة في جسمي وبأني أسمع صوتك الذي لم يفارقنا إلا وأنت ترشدنا دائما لفعل الخير، فهل أستطيع ان ادخل مجلسك وهو خال، فقد وحشتنا جلستك المتربعة وأنت تمسك بكتبك وتطالعها بعينيك المملوءتين بالرحمة والعطف.
والدي العزيز، جاء يوم الخميس الذي لا أنساه... تاريخ وفاتك الأول من أكتوبر/ تشرين الأول، وصدمني خبر المصاب وأيقظني من نوم لم أنمه، ففي تلك الليلة عندما رجعنا من زيارتك الأخيرة في وقت متأخر من الليل لم ننم فقد ظل وجهك المضيء وأنفاسك الحزينة تسرق سمعنا وبصرنا، وسهرنا إلى وقت متأخر لا نستطيع أن نغمض عيوننا للنوم، فكانت ساهرة إلى ما قبل أذان الفجر بقليل، غفوت في نومة سرقها الوقت مني ،وحلمت بك ممدا أمام ناظري.
آآه من وصول الفجر وعند لحظة الأذان أيقظني زوجي بعينيه اللتين لا أستطيع أن أميزهما وساق لي الخبر الفجيع: «قومي إنا لله وإنا إليه راجعون... رحل والدك»، سألته: مَنْ قال لك هذا؟ قال: أخوك اتصل قبل قليل. فنهضت مفزعة وأسرعت إلى منزل والدي القريب من منزلي، وأيقظت من في البيت بصوتي، ولم أستطع البكاء ولا الصراخ من أليم المصاب الذي حل بنا.
فحضن أمي هو ملاذي، وأخواتي اللاتي اكتفين حينها بحضن بعضهن بعضا بدموع جارية وقلوب تدق بألم فظيع، فذلك صباح الخميس هذا، أي صباح ووحشته صامتة ونور الشمس أصبح ظلاما في منزلنا، أصبح البيت كئيبا حزينا لا يجد في زواياه إلا العيون الدامعة والأصوات الصارخة.
والدي العزيز، في عصر الخميس الذي فارقتنا فيه، اكتسح قلوبنا الحزن، ومنطقتنا السواد، وقلوب محبيك تبكيك، وجنازتك على الأعناق محمولة، وهتافات بوداعك إلى مثواك الأخير قطعت قلوبنا، فعندما رأينا الرايات السود ونعشك الكريم أذقنا حينها حرارة الموت، فآآه لفراقك والدي العزيز، عز عليّ أن اقول إنك فارقتنا، ولكننا لأمر الله نستجيب.
والدي العزيز، اعذرني لا أستطيع أن أكتب ما في قلبي، فكلها أسرارك التي أخفيتها داخلي، لا أستطيع أن أبوح بها، لأنني لا أجرؤ على التكلم وقلبي يدق فزعا من ألم المصاب، فكل وقتي... عيون دامعة، وقلب يخفق، وصوت خجول... رحمك الله والدي العزيز.
ابنتك: رقية الشيخ
العدد 2591 - الجمعة 09 أكتوبر 2009م الموافق 20 شوال 1430هـ