لم يعد الواقع الافتراضي على شبكة الإنترنت مجرد حيز إلكتروني، يتسلى البعض من خلاله أو يتواصلون مع شبكة من الأصدقاء، فالمواقع التي تتيح خدمات الحوار الجماعي وإضافة التعليقات، بل وإنشاء بيت وحياة ومهنة افتراضية على الشبكة العنكبوتية، لم تعد قليلة أو نادرة، بل إن بعضها تجاوز عدد المشتركين في خدماته الملايين حول العالم.
من أشهر هذه المواقع في الفترة الأخيرة موقع (Facebook)، الذي أعلن قبل فترة عن مشروع إنتاج فيلم سينمائي يتناول قصة نجاح هذا الموقع بين ليلة وضحاها، وكان قد تم الإعلان عن أن مخرج العمل ديفيد فينشر، قد اختار نجم الغناء الأميركي جاستن تمبرلك لأداء بطولة العمل بتمثيله لشخصية «شين باركر» مؤسس هذه الشبكة، وسيرافقه كل من الممثلين جيسى ايزنبرج الذي سيلعب دور «مارك زوكربرج» المدير الحالي للموقع، في حين أعلن أن دور «إدواردو سافرين» الشريك الثالث في تصميم هذا الموقع سيكون من نصيب آندرو جارفيلد. ويروي فيلم «the social network» (شبكة التواصل الاجتماعي) تفاصيل إنشاء هذه الموقع الشهير في غرفة في حرم جامعة هارفرد من قبل مجموعة من الطلبة، وكيف تحول هذا المشروع الدراسي البسيط إلى موقع مستخدم من عشرات ملايين المستخدمين، مما جعله واحدا من أغلى المواقع في عالم الإنترنت.
والفيلم المتوقع بدء تصويره قريبا، ليس الأول من نوعه في هوليوود، فلطالما أبهر جهاز الكمبيوتر وكل ما يتعلق به من تكنولوجيا رقمية مخرجي وكتّاب هوليوود.
فالكمبيوتر الخارق الذي يؤدي مهمات لم يسمع بها أحد من المستخدمين العرب للتكنولوجيا بأشكالها، ولا حتى أخبر المبرمجين والمختصين بعلوم الحاسوب، يدير ويحل الكثير من الأمور في أفلام هوليوود، فنجد الممثل يكتب ويضغط على أزرار لوحة الكتابة «الكي بورد» ويتنقل ما بين الصفحات والبرامج بشكل خارق وسريع، ويشغل برامج تفك جميع أنواع الشفرات وكلمات السر، وأرقام حسابات المصارف في دول أخرى، من دون مشاكل برمجية أو عراقيل تؤخر حصول البطل على مبتغاه.
ولم يقتصر انبهار هوليوود بعالم الحواسيب بأجهزته المتطورة التي تؤدي خدمات في غالبيتها غير حقيقية، فقراصنة الإنترنت (الهكر) نالوا نصيبهم من الأفلام التي تسلط الضوء عليهم، وذلك بعدد كبير من الأفلام، منها ما قدم قصصا مستوحاة من الواقع، كالأفلام التي تتحدث عن عمليات اختراق لمواقع إلكترونية لها علاقة بأجهزة الاستخبارات الأميركية، من قبل مراهق أميركي يتطفل على معلومات أمنية خطيرة من خلال جهاز في غرفة نومه. ومنها ما صور بعض قراصنة الإنترنت كأبطال يقومون ببطولات إلكترونية مشابهة لبطولات شخصية «روبن هود».
ومن أهم الأفلام التي تناولت الحواسيب والواقع الافتراضي النظير لواقعنا، فيلم «ماتريكس» بأجزائه، من بطولة النجم الكندي الجنسية كيانو ريفز، الذي اعتبره الكثيرون نقلة نوعية في عالم أفلام الخيال العلمي السينمائية. فالفيلم الذي تدور أحداثه بالكامل من خلال شبكة الإنترنت، الذي يتبنى فكرة أن الواقع الذي نعيشه ما هو إلا الواقع الافتراضي، صنع أنموذجا تقارن به جودة الأفلام من خلال عمق نصه وتقديم التقنيات المستخدمة لتجسيد مشاهده.
ولعل انبهار هوليوود بهذا النوع من الأفكار الخيالية، لم يأت من العدم، فهوس الكثيرين، وخصوصا فئة الشباب والمراهقين المهتمين بالعالم الافتراضي ومواقع الصداقات العالمية، جعل من هذه المادة هدفا للكتاّب، لكون الشريحة التي تتابع أخبارها كبيرة وعالمية.
فالكثيرون من الشباب يعيشون يومههم على الإنترنت، من خلال عدد كبير ومتنوع من العوالم الافتراضية التي تبدأ بمقدرة المتصفح على تجسيد شخصية بمجسم ذي أبعاد جسدية إنسانية تمثله على الشبكة، وصولا إلى تكوين علاقات وحياة اجتماعية ومهنية، قد لا يصل إليها المتصفح العادي في حياته الواقعية.
العدد 2591 - الجمعة 09 أكتوبر 2009م الموافق 20 شوال 1430هـ