لا ينكر أحد ان هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) قد ساهمت بقدر كبير في ربط الشعوب العربية بعضها بعضا من خلال البث الإخباري علاوة على ان شعوب الأمة العربية ممتنون للإذاعة البريطانية كثيرا لأنها تبث الأخبار الممنوعة من البث داخل بلدانهم، ونحن السودانيين مثلا نعرف أخبار بلادنا من خلال ال BBC سنوات بل عقودا كثيرة وكان ذلك في العهد النميري (17 عاما) ثم في العهد (الإنقاذي 14 عاما) ونقيس على ذلك شعوبا أخرى كانت تعرف ما يدور في ساحتها من الإذاعة ذاتها والى هذه الدرجة كان ارتباطنا بهيئة الإذاعة البريطانية (BBC).
هذه الإذاعة أصبحت في وضعية أخرى تماما. وفي الوقت الذي تتطلع فيه الإذاعات الطموحة الى بلوغ هذه المكانة العالمية وهذه القمة وهذا السطوع كانت الBBC تعمل وبجد واجتهاد شديدين لتتحول من القمة والعالمية والنجومية إلى الإقليمية والقطرية الضيقة. قد لا يتخيل الإنسان ذلك ولكنها الحقيقة التي لا مراء فيها...
وطيلة السنوات الطوال والشعب العربي يجد في هذه الإذاعة ضالته المنشودة اذ لم يحس احد من الناس ان هذه الإذاعة العالمية تتحيز الى دولة ما أو الى شعب ما، أو إلى ثقافة ما الا عندما جاءت حرب الخليج الثالثة وفتحت الإذاعة مكتبا لها في العاصمة المصرية القاهرة وأصبحت تبث الكثير من البرامج من القاهرة بعد ان لعب أهلنا المصريون لعبتهم المشهورة (الفهلوة) بان استحوذوا على اكبر الإذاعات في العالم شهرة وأتوا بالقسم العربي لBBC من إنجلترا الى مصر (ام الدنيا) فتغير للأسف المحزن الخطاب العربي الرصين الذي كانت تخاطب به كل العرب... تحول خطاب الإذاعة الى اللهجة المصرية... أصبحت الإذاعة البريطانية العربية حكرا على الخبراء «الاستراتيجيين» المصريين والمحللين الجهابذة ورؤساء تحرير الصحف والمجلات المصرية، ولا عزاء للعرب
إقرأ أيضا لـ "خالد أبو أحمد"العدد 316 - الجمعة 18 يوليو 2003م الموافق 18 جمادى الأولى 1424هـ