لعل الكثير يسأل ما سر هذه العلاقة الحميمة بيـن «جمعية الصحافيين» والمسئولين وضعفها مع الصحافيين البحرينيين؟ هذا سؤال بقي عالقا على فم الكثيرين، والسبب في ذلك معرفة الجميع أنه في حال تعرض أي مهني لأي خطر فإن جمعيته أو نقابته تقوم بالدفاع عنه وتسليط الضوء على مشكلته، كما فعلت جمعيات كثيرة عندما تعرض منتسبوها للخطر أو التشهير أو المحاكمة. فلو تعرض أي طبيب بحريني لأي خطر فمن المفروض أن تترافع عنه جمعية الأطباء البحرينية وكذلك أي محام أو أي مهندس ستقوم جمعيته بالدفاع عنه، إلا معشر الصحافيين البحرينيين فهم «لا بواكي لهم». ففي الوقت الذي جرجر فيه أكثر من صحافي بحريني أو أكثر من رئيس تحرير وأكثر من صحيفة نجد الجمعية منشغلة بمقابلة المسئولين، وهذا ما أثار استغراب الناس والجمهور البحريني، ولم يثر طبعا الصحافيين البحرينيين لمعرفتهم بواقع ما يجري.
كان من المؤمل أن تتحول قاعة المحاضرات لجمعية الصحافيين البحرينية إلى منبر لكل من يجرجر من الصحافيين في المحاكم للدفاع عن نفسه، لكننا لم نجد ولا مقابلة واحدة أجريت مع هؤلاء. على العكس، فالجمعية تكاد تُسمّى «جمعية المسئولين» بسبب تلك الأريحية والعلاقات المخملية الحريرية مع المسئولين والمقابلات الوثيرة! وأعتقد أن الشارع البحريني والنخب البحرينية أصبحت الآن تتفهم لماذا أكثر الصحافيين البحرينيين يطالبون بنقابة تترافع عنهم أكثر من أي وقت مضى، لأنهم يرون أنفسهم أحيانا بين فكي التمساح، وفوق كل ذلك فإن الجمعية بدلا من أن تبادر إلى إنقاذهم فهي مشغولة بتوصيل وتعزيز رأي المسئولين.
والطامة الكبرى وقعت عندما قامت الجمعية ذاتها بقبول قانون الصحافة الجديد سيئ الصيت، بل وراحت تصفه بالأوصاف الكبيرة وقدمت كل الترحيب له في اليوم الثاني مباشرة ـ والأعداد متوافرة ـ مكتفية بطرح عبارة في ذيل التصريح تبدي فيها ملاحظة خفيفة تطرح عادة عن «العين والنفس»، وعلى رغم ذلك من يقرأ التصريح كاملا يقول: ولماذا هذه الملاحظة الأخيرة؟
المهم، نطمح من الجمعية إلى أن تبادر لمناقشة صريحة أيضا مع أصحاب الرأي الآخر ليوصلوا كلمتهم، وأن تسمح لهم أيضا بالتغطية في الصحافة كما تمت للمسئولين ولو من أجل كسب جزء من الصدقية. أعتقد بعد كل الذي جرى أنه من حق الصحافيين أن يحلموا بنقابة مثل بقية البشر، فمن أعطُوا نقابة ليسوا بأكثر أهمية من صحافيين مازالوا يمشون على الشوك في طريق مفخخ مليء بالألغام والوشايات والدعايات وخلط الأوراق والجرجرة في المحاكم. من حق الصحافة البحرينية على الناس أن يؤازروها ويقفوا معها، فهي تقدم ومازالت تقدم خدمات لا يمكن نسيانها وتحملت خلال هذا العام متاعب وأزمات لصالح الوطن والوحدة الوطنية ومن أجل صالح المجتمع
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 316 - الجمعة 18 يوليو 2003م الموافق 18 جمادى الأولى 1424هـ