العدد 2315 - الثلثاء 06 يناير 2009م الموافق 09 محرم 1430هـ

«المقريزي» يؤرخ نزاع بني أمية مع بني هاشم

يعتبر كتاب»النزاع والتخاصم بين بني أمية وبني هاشم» لمؤلفه أحمد بن علي المقريزي المتوفى في العام 845هـ أحد الكتب المعتبرة في هذا الموضوع، ويكتسب الكتاب أهميته التاريخية وقيمته الدينية من مؤلفه الذي يعتبر أحد المؤرخين البارزين في عصره ويشهد العلماء وكتاب التاريخ بأن المقريزي من الطراز الأول في تدوين التاريخ وغزارة الاطلاع فيه، كما لم يسبقه أحد في موضوع البحث سوى ما سجلته المصادر الكبرى من سيرة بني هاشم وبني أمية من دون أن تخصهما بكتاب مستقل، وترك للمكتبة الإسلامية مؤلفات قيمة تربو على مئة مجلد.

يرى المقريزي إن النزاع بين بني هاشم وبني أمية يمتد جذوره إلى هاشم بن عبد مناف وابن أخيه أمية بن عبد شمس، وعرض في كتابه لمجموعة من الأسباب التي أدت إلى توثيق هذا النزاع الذي انتقل بعدهما إلى ولديهما عبد المطلب بن هاشم وحرب بن أمية، وصولا إلى رسول الله(ص)، وكان موقف أبي سفيان واضحا لكل من اطلع على السيرة النبوية ثم انتقل هذا الموقف إلى الإمام علي(ع) ومعاوية بن أبي سفيان وبعده إلى الحسين بن علي(ع)ويزيد بن معاوية.

ويورد مؤلفنا «وتجسد هذا النزاع على مسرح التاريخ بشكل تقزز النفوس منه من ظلم الأمويين لهذا البيت الطاهر الذي فضله الله بالإمامة وشرفه بالنبوة وخصه بكل مكرمة».

ويمضي المقريزي «يُقال إن هاشما وعبد شمس كانت جباههما ملتصقة يوم ولدا في بطن واحد ففرق بين جباههما بالسيف فقال بعض العرب: لا يزال السيف بينهم وفي أولادهم إلى الأبد، وقيل إن هاشما وعبد شمس ولدا توأمين فخرج عبد شمس في الولادة قبل هاشم وقد لصقت إصبع أحدهما بجبهة الآخر فلما نُزعت دُمي المكان فقيل سيكون بينهما دم أو بين ولديهما فكان كذلك».

وعن أول عداوة بين الجانبين ذكر مؤلفنا «كانت المنافرة بين بني هاشم بن عبد مناف بن قصي وبين ابن أخيه أمية بن عبد شمس بن عبد مناف لأن الرفادة والسقاية كانت لهاشم وهي التي سنها جده قصي بن كلاب بن مرة لأن أخاه عبد شمس كان يُسافر وقلما يقيم بمكة وكان رجلا مقلا له ولد كثير، فاصطلحت قريش على أن تولي هاشم الرفادة وقد كان موسرا ويُخرج كل عام مالا كثيرا لموسم الحج فيطعم الحجاج ويسقيهم، وكان أمية بن عبد شمس ذا مال فتكلف أن يفعل كما يفعل هاشم فعجز عن ذلك فشمت به بعض قريش وعابوه فغضب ونافر هاشما على خمسين ناقة سود تنحر بمكة وعلى جلاء عشر سنين».

واستعرض المؤلف الكثير من شخصيات بني أمية الذين آذوا الرسول (ص) ونالوا منه وأتباعه بالتعذيب والشتم والاضطهاد حتى فروا مهاجرين إلى بلاد الحبشة ثم إلى المدينة، وأُغلقت أبوابهم بمكة فباع أبو سفيان بن حرب بعض دورهم وقضى من ثمنها دينا عليه، وهموا بقتل الرسول (ص) برجل من كل قبيلة ليتفرق دمه في القبائل.

وتناول المقريزي أذية أبي سفيان للنبي(ص) ومحاربته له وغزوه إياه وإسلامه على يد العباس (رض) الذي منع الناس من قتله فكان جزاء ذلك من بنيه أن حاربوا عليا وسموا الحسن وقتلوا الحسين وحملوا النساء على الأقتاب حواسر، كما عرض لكل من الحكم بن أبي العاص بن ربيعة وعتبة بن ربيعة والوليد بن عتبة وشيبة بن ربيعة والمغيرة بن أبي العاص وحمالة الحطب أم جميل بنت حرب بن أمية وهند بنت عتبة بن ربيعة التي أكلت كبد حمزة موضحا كل ما اقترفوه بحق النبي(ص) وأتباعه

ويشير المقريزي إلى قول أحد الشعراء في ذلك:

عبد شمس قد أضرمت لبني هاشم حربا يشيب منها الوليد

فابن حربٍ للمصطفى وابن هند لعلــــيٍ وللحســـــين يزيــــــد

كما تناول المؤلف موقف العباسيين من العلويين، وسرد الكثير من الوقائع التي جرت عليهم من قبل الخلفاء العباسيين وأعوانهم وألوان الظلم والاضطهاد واعتبر الصراع الدامي الذي لاقاه الهاشميون من يومهم الأول إلى نهاية الدولة العباسية صراعا بين الحق والباطل والخير والشر.

والكتاب صادر عن سلسلة المكتبة الإسلامية وعرض له محمد بحر العلوم الذي أشار إلى رواج الكتاب وانتشاره الواسع ما أدى إلى نفاد طبعاته الثلاث الأولى في مدينة ليدن ووضعت مقدمتها باللغة الألمانية والثانية في مصر والثالثة في النجف الأشرف.

العدد 2315 - الثلثاء 06 يناير 2009م الموافق 09 محرم 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً