الشاعر والكاتب السعودي محمد الرطيان، شاعر مرهِق (بكسر الهاء)، بتلمسه مواطن صعبة وشاقة عبر اللغة التي يكتب بها وكأنه يستدرج قراءه إلى «ماراثون» من نوع آخر! «ومرهَق» (بفتح الهاء)، لطبيعة الموضوعات التي يمسك بها ويتناولها ويستفز بها قراءه كلما أتيح له ذلك.
لا أعرف كاتبا تقف حائرا بين نثره وشعره كالرطيان، حائرا في تحديد نسبة السطوة التي يتمتع بها كل منهما، ففي نثره تجده على موعد مع ورطة الشعر، وفي شعره أنت تتطلع وبشغف إلى نثره/ شعره.
كاتب كالرطيان هو مشروع جدير بتخريب عمارات ومؤسسات التفاهة التي تعج بها كثير من الصحف والمجلات المعنية بالثرثرة والدجل وقراءة الفنجان وتحضير أرواح لا وجود لها على الإطلاق!... هو مشروع تخريب لموهبة الأذن العربية القائمة على هز وسط القصيدة... القائمة على إيقاع يذكرك بالعسكر، ولكنه لا يجرؤ بأي حال من الأحوال على تذكيرك بإيقاع التمرد والخروج على الجوقة والكورس البليدين! لنقرأ له في «شائعات تاريخية»... شائعته «الرابعة»:
على رغم ما تروجه قبيلة «بني عبس» عبر وسائل إعلامها من أنها قبيلة تنادي بالديمقراطية وتحترم حقوق الإنسان، الا انه لا يزال المدعو «عنترة» يرعى ابل القبيلة ولم تتم ترقيته إلى وظيفة «فارس» وذلك بسبب لونه الأسود. من جهة أخرى لا تزال الضجة مستمرة بسبب الحوار الذي أجرته إحدى الفضائيات العربية مع الآنسة «عبلة» والذي قالت فيه بالحرف الواحد: « والدي عنصري وقذر»!
ابن «رفحا»... القلق والباعث على القلق لا يعدك «إن كنت ضرير «بصر» أو «بصيرة» أن يأخذ بيدك ليعبر بك شارعا مزدحما بالمركبات أو مزدحما بالوحشة... سيتركك في مهب الصدفة فيما هو في الجانب الآخر يقهقه غير آسف عليك وأنت ترقص الـ «روك أند رول» في محاولة منك للخروج من الورطة التي وضعك فيها!
شاعر يأتي مدججا في أحزمة ناسفة للمألوف... للبليد من توظيفنا للغة... للبليد من التعاطي معها... للسخيف من «البيوت المهجورة» المليئة بالأفاعي والعقارب والبلادة... فيما نحسبها قلاعا وحصونا.
تقرأ له وهو يكتب عن «السلطة»، فتحسبه واحدا ممن خبروا تفاصيلها وآلياتها فيما هو قابع هناك في الحدود القصوى من المكان، بمعزل عن الإيوانات وهيبة الرخام وسطوة المداخل المرفهة:
«سلطة الأب»... تلك التي تحاول أن تجعل منك «ضابط شرطة» وأنت تحاول أن تقنعها أن «ضابطا لإيقاع الحياة أهم من ضابط ايقاع شارع ضيق مليء بالمطبات والحفريات»!. ليصعقك بالآتي:
«تأكد انه لا يوجد أي فرق بين انتحر» و«أنت... حر»!
يدفعك للاعتراف بسطحيتك وقلة انتباهك وعجزك عن الإمساك بالماثل والناجز أمامك، ناقضا بحكمته العاقلة... حكمة عربية هي في الصميم من الغباء والخور والغياب... الحكمة تقول:
من يحصل على الحكم بالسيف لا يتركه إلا بالسيف (واللي مش عاجبه يشرب من البحر الميت)... لاحظ عزيزي المواطن العربي: لا تملك حتى حرية اختيار البحر الذي ستشرب منه!
هو لا يترك لك فسحة لضبط إيقاع لهاثك، لأنه ضد الإيقاع وضد اللهاث... يمضي بك نحو مران لا تقوى عليه الكائنات المذعورة التي جبلت على إطلاق كل امكاناتها للريح:
المستحيلات العربية أربعة: الغول، والعنقاء، والخل الوفي، واستقالة (أي) مسئول عربي!
محمد الرطيان مشروع فتنة لا تقوى منطقتنا المليئة بالحروب بمختلف أنماطها على تقبله، ولكنه حقيقة لن تتخلص هذه المنطقة من باطلها وزورها بمنأى عن موهوبي فتن من أمثاله
إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"العدد 314 - الأربعاء 16 يوليو 2003م الموافق 16 جمادى الأولى 1424هـ