العدد 314 - الأربعاء 16 يوليو 2003م الموافق 16 جمادى الأولى 1424هـ

«بغدادُ» يومُكِ لا يزالُ كأمسِهِ

شعر - الشيخ أحمد الوائلي 

تحديث: 12 مايو 2017

لا تشتمنّ الخطب أو تبكي له

فالخطبُ ليس بمثل ذلك يُدفعُ

فلقد شتمنا الرازءَ حتّى أُتخمت

آذانُهٌ والرزءُ باقٍ مزمعُ

لكن تصدّ له فإن أخضعتهُ

تحيا وإنْ خفتَ المماتَ ستخضعُ

فالمجدُ يحتقر الجبان لأنهُ

شرب الصدى وعلى يديه المنبعُ

قالوا بأنّ الشعر لهوُ مرفّهٍ

وسبيلُ مرتزق به يتذرّعُ

وإذا تسامينا به فهو الصدى

للنفسِ يلبسُ ما تريد ويخلعُ

أن تطربَ الأرواح فهو غناؤها

وإذا شجاها الحزنُ فهو الأدمعُ

فذروه حيثُ يعيش غريدا على

فَنَن وملتاعاَ يئنَّ فيوجعُ

لا تطلبوا منه فما هو بالذي

يبني ويهدمُ أو يضرُّ وينفعُ

أكبرتُ دور الشعر عمّا صوّروا

وعرفتُ رزء الفكر في من لم يعُوا

فالشعر أجّج ألف نار وانبرى

يلوي أُنوف الظالمين ويجدعُ

لو شاء صاغ النجم عقدا ناصعا

يزهُو به عنق أرقُّ وأنصعُ

أو شاءَ ردَّ الرمل من نفحاته

خضلا بأنفاس الشذى يتضوعُ

أو شاء ردُّ الليل في أسماره

واحات نور تستشفُّ وتلمعُ

أو شاء قاد من الشعوب كتائبا

يعنو لها من كل أُفق مطلعُ

أنا لا أُريد الشعر إن جدّت بنا

نوبٌ يخلّى ما عناه ويقبعُ

أو أن يوشَ الكأس في سمر الهوى

ليضاء ليل المترفين فيسطعُ

«بغداد» يا زهو الربيع على الرُّبى

بالعطر تعبق والسَّنا تتلفعُ

يا ألف ليلة ما تزال طيوفها

سَمَرٌ على شطآن دجلة يمتعُ

يا لحن «معبدَ» والقيان عيونُها

وصلٌ كما شاء الهوى وتمنعُ

«بغداد» يومك لا يزال كأمسِهِ

صور على طرفي نقيض تجمعُ

يطغى النعيم بجانب وبجانب

يطغى الشَّقا فمرفّه ومضيّعُ

في القصر أغنية على شفة الهوى

والكوخ دمعٌ في المحاجر يلذعُ

ومن الطاوى جنب البيادر صرَّعٌ

وبجنب زقِّ أبي نؤاس صرَّعُ

ويد تُكبَّلُ وهي ممّا يُفتدى

ويد تُقبَّل وهي ممّا يُقطعُ

وبراءة بيد الطُغاة مهانة

ودناءة بيد المبرر تصنعُ

ويُصان ذاك لأنه من معشر

ويضام ذاك لأنه لا يركعُ

كبرت مفارقة يمثل دورُها

باسم العروبةِ والعروبةُ أرفعُ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً