أعتقد أنه آن الأوان لوزارة الإعلام البحرينية أن تقبل النقد حتى تخاطب واقعنا وتصل إلى مواقع متقدمة، وأعتقد أن وزارة الإعلام بحاجة إلى مساحة كبيرة من الحرية وتقبل الآراء المختلفة في الساحة البحرينية وبحاجة إلى إعادة تقييم، فعلى رغم مرور ما يربو على الثلاثين عاما فإن وزارتنا تعاني من كساد كبير في البرامج الثقافية والفكرية وغيرها، وعلى رغم وفرة الكوادر البحرينية المتميزة، وعلى رغم المصروفات المالية الضخمة التي تنفقها الدولة على الوزارة فإن البرامج في معظمها لاتزال رتيبة وعادية وخالية من العمق اللهم إلا ما رحم ربك.
وطبعا ـ كما قلت ـ الكفاءة البحرينية موجودة وعالية والدليل هو نجومية هذه الكوادر التي تفاجئ العالم العربي عند اشتغالها وليس انشغالها في دولنا الخليجية، فكثير من الكوادر البحرينية كانت منسية في تلفزيوننا العتيد لكنها ـ وفي لحظة قياسية ـ وإذا بها تتحول إلى نجوم لامعة إذا ما فتحت لها نوافذ الإبداع والحرية والتقدير في قنوات أخرى والأمثلة كثيرة ولا داع للإحراج.
وهذا سؤال جوهري وأساسي، ما السر في بزوغ الكوادر البحرينية في الخارج؟... طبعا هناك خلل في وزارة الإعلام. سنون طويلة مرت ووزارة الإعلام هي التي تحدد سقف الحرية في السابق، هي الرقيب. والإبداع لا يمكن أن ينمو أبدا في ظل رقابة شديدة.
كانت وزارة الإعلام عصية على النقد، ولكن، أعتقد أنه في ظل الشفافية وسيادة القانون ينبغي أن تكون هناك مسائل نقدية للوزارة والشيء الجميل في تقييم وزارة الإعلام في أي بلد أن المستوى فيها لا يمكن أن يخبأ كبقية الوزارات التي قد تستطيع تغطية ضعفها برئيس علاقات عامة قوي، والسبب واضح وبسيط وهو أن وزارات الإعلام هي في ذاتها إعلام عن نفسها وهي في كل يوم تعرض نفسها على المواطنين، إن كان فيها ضعف أو قوة، إن كانت برامجها متميزة أو لا، وإن كانت تستأثر بقبول المشاهد أم لا، وهنا يكون مربط الفرس.
لا أريد أن أدخل في النتائج ولكن أعتقد أن من حقنا بوصفنا مواطنين أن نعرض رؤيتنا أو نقدنا على الوزارة فهي وزارتنا ولنا حق عليها ومن حقنا عليها أن توفر لنا المادة العلمية والبرامج التثقيفية المتميزة وأن تقوم بعلاج مشكلات المجتمع من فقر وبطالة وفساد مالي وإداري وتقديم برامج التوعية التربوية للأجيال.
لهذا فإن كثيرا من الأصوات مازالت تطالب بعمل استبانة مؤسسية نزيهة لتقييم أداء الوزارة ومدى تقبل الجمهور البحريني لبرامج تلفزيون البحرين. وهذه ممارسة حضارية تمارس في كل الدول المتحضرة، بل هناك قنوات فضائية عالمية تقوم بمشروع سنوي يتضمن عرض استبانة تقييمية على الجمهور لتقوم بتطوير أدائها. فهل تختصر علينا الوزارة الطريق لتقوم بذلك؟
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 312 - الإثنين 14 يوليو 2003م الموافق 14 جمادى الأولى 1424هـ