على رغم اختلاف مجلس الأمة الكويتي عن المجلس الوطني البحريني من حيث كون الأول منتخبا بالكامل وليس نصفه فقط، وتمتعه بالصلاحيات التشريعية والرقابية الكاملة، وليس صلاحيات تقديم الاقتراحات إلى الحكومة كما هو حال مجلس البحرين، بالاضافة إلى نجاح مجلس الأمة في البقاء والاستمرار على رغم كل الأزمات التي واجهته، ونجاحه أيضا في الحفاظ على دستور الدولة الذي صدر قبل 41 عاما من دون أي تعديل أو تغيير، وهو الدستور الديمقراطي العقدي... على رغم ذلك فإن مجلس الأمة الكويتي لم ينجح في وضع بصماته على تغيير وتطوير مجتمع الكويت بصورة واضحة.
ويعود هذا الاخفاق الآخر ليس لاستمرار وجود مجموعة من الوجوه التقليدية في المجالس المتعاقبة على مدى ربع القرن الأخير على الأقل كما تقول بعض التحليلات التي أعقبت الانتخابات الأخيرة، ولكن لأن الديمقراطية في الكويت لم تتطور باتجاه استكمال مقوماتها الضرورية والتي من دونها لا يمكن اعتبارها ديمقراطية حقيقية ومثمرة، وهي المقومات المتمثلة في وجود تمثيل واقعي للشعب وليس 15 في المئة منه فقط، تأكيدا لمبدأ الشعب مصدر السلطات جميعا.
ومن هذه المعوقات أيضا الاعتراف بأهمية وجود التعددية، وسن قانون للأحزاب تنصهر بموجبه التيارات السياسية الحالية في أحزاب معترف بها، بل وتكون القاعدة التي على أساسها ومن خلالها تجرى انتخابات مجلس الأمة، ومن دون التعددية، ومن دون الأحزاب التي تكون لها أهداف وبرامج واضحة تلتزم بها جماعيا أمام الشعب، ستبقى الانتخابات الكويتية تعاني من تشوهات القبلية والطائفية ونواب الخدمات وشراء الأصوات، وهي كلها تطعن في كفاءة المرشح وفي انجاز النائب بعد ذلك.
ومن مقومات الديمقراطية التي مازالت الكويت تفتقدها على مدى الأربعين سنة الماضية هو مبدأ تداول السلطة، والذي لا يتحقق إلا إذا كانت هناك تعددية تسمح لحزب الغالبية أن يشكل الحكومة، وفي هذا الصدد فإن هذه المقومات الديمقراطية وغيرها كانت تطرح بين الفترة والأخرى ضمن مطالبات التيارات السياسية وخصوصا التيار اليبرالي، لكنها كثيرا ما تركزت في مطلب واحد هو فصل ولاية العهد عن رئاسة الحكومة، وهو مطلب قد يمهد للوصول الى تداول السلطة لو ارتبط تحققه بالتعددية.
وبالتالي فإن تجديد دماء الديمقراطية الكويتية، والتغيير المطلوب فيها يستلزم تعديل الدستور الكويتي باتجاه استكمال مقومات الديمقراطية الحقة، ومن ثم تمكين مجلس الأمة من ممارسة دوره بفاعلية منظمة ومبرمجة، وتمكين الشعب من شفافية الاختيار بعد التعرف على برامج الأحزاب والأداء المتوقع لها داخل المجلس
العدد 306 - الثلثاء 08 يوليو 2003م الموافق 08 جمادى الأولى 1424هـ