العدد 305 - الإثنين 07 يوليو 2003م الموافق 07 جمادى الأولى 1424هـ

همك الصغير لا يحتاج إلى كل هذا الجدار!

كبر... على مرمى البصر خمسين عاما ونيفا، ترعرع حتى انقرض بين رحلات التهافت والغبن عامين ونيفا، غفا وضجت مضاجعه من الويلات، من وابل لهيب أسندته غمامات السلاسل، اختبأ وتشظت أسماؤه الغريبة... تماهت أسماله بالظلال... تناسلت وعزفت تجاعيد الوتر لدربه... حتى استكان التحاما بهذا الجدار... وتنامى همه الصغير... إلى هم كبير!!

كبر... ودفن الوجه والتفاصيل الصغيرة في صباحات باهتة، تحوطت بأمسيات أحزان لا تنتهي، حطم النفس، طحن الأقدار... وما قدر له بين السماء والأرض، صاعدا بمقدار... بخوف فوق الطبقات، أعزل يفتش عن مفقود... عن أرواح... عن أخيلة... وأصدقاء... وأقرباء... عن كل الوفاء... فجميعهم كالورد الذي يلج الصيف بعناء... كالماء الذي لا يروي ولا يلفت الانتباه، سعى الى استبدال الشروط، واستئصال الإهمال... تكهن... وانزلقت حوافره تخبو بين الجمر... تتدلى أحاسيسه... تنتابه الرعشات، يدنوه التخشب من القلب إلى القلب، يتكسر على طرق البشاعات، شاخصا يخرج من قفر الأحلام، ينيـط اللثام وتتعاقب عليه الحيل التي هي أشد وطـأة من الأسرار، كم كانت أعتى قسوة من النار، أكثر جسارة بالخدش... دعنا نكتشف نوازع الضياع وتناثر أوتـاد السخط... وتمدد مدار الإغلاق... وعري الجدار الذي صدأ وانغرس في رحاب القلب فلم تجد المقاومة... فبميلاده نفي للحصاد... لا... ولا لم يكن... هناك ضرورة للدمار... بعد أن استولى الهم الكبير على الصغير واستقر فوق الجدار!

كبر... وفي المحطات العابرة... تعرى للريح... صفى الحساب مع التاريخ... دفن الذكريات في المقابر، قتل البعيد... فاق في العراء على وقع الجدران المهملة التي رسم عليها أيقونات الزمن ورفرفة العصافير وتقافز الفراشات، وانكسار التاريخ وتشرذم أوراقه التي حدقت من سطوح الغضب... وصور الجماجم والأصابع التي لوحت بالنصر الذي استقدم الموت على الجدران، انتابه الهلع من فرط العذابات التي أبيدت على كاهلها اللعنات... لكن الكآبة ما برحت تستصرخ قفار الأرض، التي يتوالد كل يوم همها الصغير هموما كبارا وتصير مع الجدار قابعة بطول الليل وارتفاع السماء... أية ظلمة يا جـدار... أية ظلمة يا جـدار!





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً