بعد ثلاثة اعوام تميزت بأسوأ فترات الانكماش في تاريخها، تأمل «إسرائيل» في ان تؤدي الهدنة التي أعلنتها الفصائل الفلسطينية الرئيسية قبل اسبوع الى مساعدة اقتصادها على الخروج من الازمات التي يعاني منها منذ بدء الانتفاضة الفلسطينية.
وقال احد كبار المسئولين في وزارة المال بالدولة العبرية: «بدأت تظهر بوادر تحسن اقتصادي، لكنها لاتزال هشة للغاية ولا يمكن التحدث عن تبدل في الاوضاع الاقتصادية»، وعبّر حاكم المصرف المركزي الاسرائيلي ديفيد كلاين عن التفاؤل ذاته، قال: «ان الاجواء باتت اقل كآبة مع انتهاء الحرب في العراق ووقف اطلاق النار ما سيجعل من الممكن الاقتطاع من موازنة الدفاع».
وكان للهدنة انعكاس ايجابي على معنويات الاسرائيليين وهي التي ادت الى انحسار كبير في اعمال العنف ووقف العمليات الانتحارية. واشار استطلاع للرأي الى ان 55 من الاسرائيليين يعتبرون ان الهدنة ستساهم في عودة النمو الاقتصادي، وهو ما يعتقده ايضا رئيس الوزراء ارييل شارون.
ويردد شارون على الدوام «وحده الهدوء على الجبهة الامنية يمكن ان يتيح انتعاشا اقتصاديا»، ويوافقه الرأي وزير المال السابق العمالي (معارضة) افراهام شوهات الذي اعتبر ان «الخطة الحقيقية لتحسين الاوضاع الاقتصادية هي: خريطة الطريق»، خطة السلام الدولية التي تنص على قيام دولة فلسطينية بحلول العام 2005 والتي تعهد الاسرائيليون والفلسطينيون اخيرا بتطبيقها.
وقال مسئول في وزارة المال طالبا عدم ذكر اسمه: «إن وقف اعمال العنف بشكل دائم سيسمح لنا بعدم الظهور بمظهر دولة تعاني من مخاطر كبيرة بنظر المستثمرين الاجانب الذين هربوا من (اسرائيل) منذ بدء الانتفاضة».
وظهرت بوادر الامل في بورصة تل ابيب إذ قفز مؤشر «تي ايه-25» الذي يضم اسهم اكبر 25 شركة، الى 440 نقطة منذ مطلع يوليو/تموز بعد ان تراجع الى ما دون 300 نقطة في مارس/آذار.
وحرصا منه على تشجيع عودة الثقة، ينتهج وزير المال بنيامين نتنياهو سياسة ليبرالية أدت اخيرا الى انتقال قسم من شركة الطيران الوطنية (العال) الى القطاع الخاص. ويعتزم نتنياهو ايضا ان يطرح في البورصة قسما من اسهم مصرفي ليومي وديسكاونت ومصافي النفط الوطنية وشركة بيزيك للاتصالات.
من جهة اخرى، نجحت «اسرائيل» الشهر الماضي في اختبار حاسم بالنسبة لصدقيتها في الاسواق المالية الدولية اذ تمكنت بسهولة من جمع 750 مليون دولار في نيويورك، وهذه اهم عملية من هذا النوع منذ خمس سنوات.
وعلى رغم ان الدولة العبرية ستواصل الاقتراض في الاشهر المقبلة، إلا انها ستفيد من الضمانة المصرفية التي منحتها اياها وزارة الخزانة الاميركية بشأن ديون تبلغ قيمتها تسعة مليارات دولار موزعة على ثلاث سنوات، ما سيسمح لـ «اسرائيل» بالحصول على فوائد ميسرة.
وتحدثت وسائل الاعلام عن انتعاش طفيف في حركة الاستهلاك، ولكن الخبراء لايزالون مع ذلك على حذرهم، فالعجز في الموازنة يتخذ ابعادا خطيرة بسبب هبوط العائدات الضريبية، ومن المحتمل ان يصل هذه السنة الى 5,5 في المئة من اجمالي الناتج الداخلي، في حين توقع مشروع الموازنة ألا يزيد على 3 في المئة.
وتصل نسبة البطالة الى 10,8 في المئة من القوة العاملة مقابل 8,7 في المئة عند بدء الانتفاضة في نهاية سبتمبر/أيلول 2000. ومن المحتمل ان يزداد عدد «الفقراء الجدد» خلال الاشهر المقبلة بسبب اجراءات اتخذها نتنياهو وتتمثل في خفض قيمة التعويضات العائلية والمساعدات المقدمة الى الفئات الاكثر عوزا.
وذكرت وكالة «فيتش»، احدى اهم الوكالات الدولية للتصنيف المالي، في تقرير صدر اخيرا ان «الآفاق تبقى غامضة جدا بالنسبة الى النهوض الاقتصادي وعملية السلام»، وأضافت انه سيتحتم اجراء «تقييم عام للوضع في (إسرائيل) في الخريف قبل ان تصدر حكمها»
العدد 305 - الإثنين 07 يوليو 2003م الموافق 07 جمادى الأولى 1424هـ