بعد سنوات من الضغط الذي مارسه المسلمون في بريطانيا يبدو أن كبرى المصارف البريطانية تتجه إلى إدخال النظام المصرفي الإسلامي إلى خدماتها رغبة منها في الاستفادة من هذه السوق التي يقول المحللون ان قيمتها تصل إلى مليارات الجنيهات الإسترلينية.
وتحظر الشريعة الإسلامية دفع أو تلقي الفائدة ما يجعل الاستفادة من قروض الرهن العقاري التقليدية والحسابات المصرفية أمرا غير مقبول لدى سكان بريطانيا من المسلمين والذين يتراوح عددهم ما بين 1,5 و2 مليون مسلم.
ويعاني الكثير من المسلمين الذين أخذوا قروضا سكنية من المصارف البريطانية «من الشعور بالذنب بسبب انتهاكهم لقوانين الشريعة الإسلامية»، كما يقول العضو في المجلس الإسلامي في بريطانيا إقبال أساريا.
وبرز النظام المصرفي الإسلامي مجددا في العالم الإسلامي في منتصف السبعينات، ويقول البعض ان هذا النظام كان يمارس في العالم الإسلامي في العصور الوسطى. ويحظى النظام حاليا بموقع راسخ في الشرق الأوسط وكذلك في الدول التي تسكنها غالبية من المسلمين مثل ماليزيا وباكستان.
والآن ينوي مصرف «اتش اس بي سي» العملاق البدء في وقت لاحق من الشهر بتطبيق برنامج لتمويل الإسكان وخطة للحسابات الجارية في بريطانيا توافق تعاليم الشريعة الإسلامية الأمر الذي لقي ترحيبا من الزعماء المسلمين.
وبموجب الخطة الجديدة التي طورها قسم «اتش اس بي سي امانة فاينانس» يقوم المصرف بشراء العقارات نيابة عن العملاء وتأجيرها لهم لمدة معينة عادة ما تكون 25 عاما وهي مدة قروض الرهن العقاري نفسها.
ويقوم العميل بعد ذلك بدفع إيجار شهري بدلا من الفائدة بالإضافة إلى مبلغ معين كجزء من سعر العقار ما يجعل العميل المالك الرسمي للمنزل بعد سداده الدفعة الأخيرة. كما يقدم المصرف كذلك حسابا إسلاميا جاريا. ولا يتلقى العملاء أية فائدة مادية على حساباتهم كما أنهم لن يدفعوا أية فائدة على ديونهم. كما لا يحق لصاحب الحساب سحب مبلغ يزيد على المبلغ المودع.
وقال رئيس «اتش اس بي سي امانة فاينناس» في بريطانيا نعمان حسن لوكالة فرانس برس: «يوجد أكثر من 1,2 مليار مسلم في العالم وهناك طلب متزايد على تطوير خدمات المصرف التي تتناسب مع الشريعة الإسلامية وتمكن العملاء من المشاركة في النشاطات المالية».
كما يتوقع أن تقوم المصارف البريطانية قريبا بتقديم خدمات مالية إسلامية في قطاعات التأمين والاستثمار والتمويل التجاري.
ومن بين الأسباب التي أخرت تقديم المصارف خدمات قروض الإسكان الإسلامية في بريطانيا هو أن القانون كان حتى وقت قريب يوجب على الناس دفع «ضريبة الختم» وهي رسوم نقل ملكية العقارات، مرتين إذا ما تم القرض بموجب النظام الإسلامي.
واتش اس بي سي أول مصرف في بريطانيا يعرض مثل هذه الخطة لقروض الإسكان الإسلامية. إلا أنه يتوقع أن تحذو العديد من المصارف حذوه بعد أن أعلن وزير الخزانة غوردون براون عن تغييرات في موازنته في شهر ابريل/نيسان لضمان عدم دفع من يحصلون على قروض إسلامية ضريبة أكبر من تلك التي يدفعها الحاصلون على قروض تقليدية.
وقال متحدث باسم وزار ة الخزانة البريطانية: «أعتقد أننا سنرى عددا أكبر من الشركات تعرض مثل هذه الخدمات، ونحن نرحب بذلك بكل تأكيد».
وقالت المتحدثة باسم بنك باركليز العملاق تريسي غوديير ان المصرف يفكر حاليا في احتمال إطلاق خدمات مصرفية إسلامية.
ولا غرابة في حماس تلك المصارف لتقديم مثل تلك الخدمات إذ أشار تقرير أصدرته مجموعة «داتامونيتر» للأبحاث إلى أن قيمة سوق قروض الإسكان الإسلامية في بريطانيا قد يصل إلى 4,5 مليارات جنيه إسترليني (6,5 مليارات يورو، 7,5 مليارات دولار) بحلول العام 2006
العدد 305 - الإثنين 07 يوليو 2003م الموافق 07 جمادى الأولى 1424هـ