العدد 303 - السبت 05 يوليو 2003م الموافق 05 جمادى الأولى 1424هـ

قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق

سيد ضياء الموسوي comments [at] alwasatnews.com

كل شيء قابل للتأجيل وللنقاش وحتى للف والدوران سوى شيء واحد وهو رزق الانسان. الخبز هو اساس الحياة الذي قال فيه رسول الله «ص»: «لولا الخبز لما عُبِدَ الله». الناس قد تقبل التسويف وقد تتحمل بيع الاوهام وقد تصبر على الاختلاف في «مشاركة» أو «مقاطعة» أو خطاب مسئول تسويفي هنا أو هناك لكنها لا يمكن ان تصبر على الجوع.

وحقيقة ما حدث ان الناس بيع عليها وهم الخبز، ووهم الثروة ووهم التوظيف ووهم الراتب المعدل ووهم السكن، فانصدمت بعدم جدية اطنان من التصريحات الجميلة. لا أتكلم من فراغ وانما من واقع، فإثبات ذلك لا يحتاج الى جهد، فقط ساعة واحدة يقضيها الباحث متنقلا بين قرى البحرين ليكتشف مدى حجم الفقر والبطالة المتكدسة هناك وحجم فظاعة البيوت الآيلة للسقوط. بالامس القريب ذهبت متنقلا بين قرى البحرين مع رجل ذي وزن دولي حقوقي اصابه الذعر وقال بصريح العبارة: هذه قرى منكوبة!! انا ذهبت الى مناطق فقيرة في قارة افريقيا شوارعها افضل من هذه الشوارع وبيوتها افضل من هذه البيوت. ولما قرأت اعداد العاطلين من حملة شهادة الدكتوراه والماجستير والبكالوريوس والاعداد المكدسة لخريجات التربية ومن شتى التخصصات: (الحاسوب)، (اللغة العربية)، (الخدمة الاجتماعية)، (علم النفس)، (الجغرافيا التطبيقية) والقائمة تطول وتطول، لم يصدق الارقام وتلكأت الكلمات في فمه، والادهى من ذلك عندما رأى البطالة كيف تتكدس في زوايا القرى وقد وصل البعض منهم الى عمر الـ 30 عاما وهو من دون عمل، اصيب بالدهشة وكاد يبكي، حقيقة اخذته العبرة لأن الرجل كان قبل مجيئه الى البحرين اطلع على بعض الارقام التي تتكلم عن حجم العمالة الاجنبية في البلد وانها تمثل ثلثي الايدي العاملة وفوق كل ذلك مازالت مكنة التجنيس تفرخ المزيد موصلة الليل بالنهار غير عابئة بحرمان 30 ألف عاطل عن العمل وآلاف البيوت المتصدعة وعشرات القرى التي مازالت على حالها لم تغير فيها الطفرة النفطية شيئا.

ليست القضية تأليب مشاعر ولكنها توصيف لواقع ولعشرات القرى المحاطة بأحزمة من الفقر والعوز والجوع. اتمنى على وزارة الاعلام ان تقتطع جزءا من وقتها لتصور للمسئولين ولو لفترة ساعة واحدة حجم ما تعانيه هذه القرى. ما يجري من فقر هنا لا يمكن تبريره، الناس تتضور جوعا وفوق ذلك ابناؤهم عاطلون وحتى من تكلف القروض لاكمال دراسة ابنائه او بناته اصبح أبناؤه عاطلين بعد ان أملوا مساعدة اهاليهم. وعندي قوائم لاسماء عاطلات وعاطلين من خريجي الجامعات ان ارادها المسئولون ستقدم إليهم ليعلموا حجم الفاجعة والمأساة إذ أصبحت بعض الاسر بلا مأوى وتعاني من بطالة أبنائها وهذا لا يقبله احد.

والقضية في ازدياد، مواطنون في طور التسريح والبحر اصبح 90 في المئة منه مقسما على متنفذين يمتلكون رواتب في نهاية كل شهر ويستلمون من عمال لهم يبثونهم في البحر والسوق المركزي والاسواق الشعبية... اضافة الى كل ذلك الخصخصة التي افرزت مزيدا من الفقر والبطالة وحتى الفلاحون يعانون اليوم من اجتثاث بساتينهم. لذلك الجميع يسأل: الى أين نحن سائرون؟ الناس تبحث عن خبز لها، وهذا حق كفله الدستور والناس صوتت على الميثاق حتى تؤمن، قبل كل شيء، رزقها وكرامتها وكلنا نعلم ان 80 في المئة من شعب البحرين يعاني من القروض والديون. الحديث يقول: «النفس اذا امنت قوتها اطمأنت». عندنا 30 ألف نفسٍ في بطالة لا تعيش اطمئنانا. يجب ان ندرس هذه الآلام بصدق وبكل وطنية فهي ألغام وبؤر احتقان والناس ملت كلام الوزارات وصديقك من صدقك لا من صدّقك

إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"

العدد 303 - السبت 05 يوليو 2003م الموافق 05 جمادى الأولى 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً