في هذا المقال سنستعرض الحوادث والمتغيرات التي جدت على الساحة الوطنية والدولية منذ العام 1975 وحتى يومنا المعاش وما تهيأت لتلك الحوادث من ظروف ذاتية داخلية، وموضوعية عالمية، ساعدت على ترسيخ تلك الحوادث وتناميها وتشعبها وتكاثرها، ومن ثم تفاعلاتها وانعكاساتها.
وبالوقوف عند تلك الحوادث، واخضاعها للدراسة والبحث المنطقي، وتحليلها تحليلا علميا مبنيا على الموضوعية واستخلاص نتائجها، ما إذا كانت ايجابية المردود أو سلبية في ظل تحول العلاقات الاجتماعية بين السلطة والشعب بعد المجلس الوطني العام 1975، على الطبقة العاملة الوطنية مصدر الانتاج ومحور دراستنا في هذه المقالة، بمختلف تصنيفاتها وتخصصاتها المهنية.
هذا العمال الوطنية التي سجلت لوطنها البحرين تاريخا مجيدا، وشرفا عاليا، وحفرت بأحرف من نور، وبارادة لا تعرف الانهزام معطياتها الفذة على وجه أشد الأحجار صلادة في طول الجزيرة العربية وعرضها، وعلى عموم الساحة الخليجية، في قطر وأبوظبي وغيرهما، برا وبحرا؟!.
إن العمالة البحرينية حازت إعجاب كبريات الشركات العالمية الصناعية الاميركية والألمانية والفرنسية واليابانية، وليست شركات مصانع محارم الورق الناعمة (التيشو)، وليست مصانع رقائق الجبس، وعصر زيوت الذرة، وصناعة الصابون المعطر، الذي يذكرني بالصرخة الشجاعة المجلجلة التي اطلقها الشيخ المرحوم أحمد المطوع في ذات ليلة في مسجد عبدالرحمن الفاضل وقال قولته الشهيرة قبيل حوادث 1965:
إنه لا أمل للعالم العربي والاسلامي أن يتخلصوا من واقع الذل والمهانة والانحطاط على يد الغرب، وأضيف اليوم على يد (اليهودية الصهيونية وأميركا المتصهينة)، ما لم يغلبوا «شم الدماء على شم الرياحين؟».
ان العمالة الوطنية البحرينية انتزعت منزلتها من تلك الشركات السالفة الذكر، بالخصوصية والانفرادية والتميز، بالأخلاق الحقيقية وبالصبر على الشدائد، وتحمل الصعاب ومواجهة زمهرير الشتاء، وحرقة سياط الصيف اللاهب، في شتى مواقع العمل التي شرفوا البحرين بحلولهم فيها، حتى وصلت سمعة العمالة الوطنية البحرينية الى اقاصي الديار عبر البحار، وتركوا آثار بصماتهم واضحة متحدية، بمشاركتهم العمل في أحواض بناء السفن في اليابان وتعدى عطاء العمالة البحرينية وانجازاتها، أن دربوا العمالة (المتخلفة البدائية) في الكثير من بلدان جنوب شرق آسيا على أعمال الصيانة للوحدات التجميعية والتكسيرية في مصانع تكرير النفط في تلك البلدان.
على أن ما يجب الوقوف عنده والدفاع عنه، هو أن كل الانجازات التاريخية المشرفة للعمالة الوطنية، تلك التي اعترفت بها كبريات الشركات السالفة الذكر، تمت مقابلتها بالجحود والنكران واتخاذ المواقف اللائقة في سبيل فتات تلك الفروقات الهزيلة بين أجر العامل البحريني والعامل الأجنبي والتي تتأكد يوما بعد يوم في مقاومة تثبيت حد أدنى للأجور يساوي بين العامل البحريني والأجنبي.
وإذا ما انتقلنا إلى استعراض مواقف البعض فيما يتعلق بمشكلة البطالة نجد أنها طالت العمالة الأجنبية، بعد أن أفشوها في العمالة الوطنية وفي كلتا الحالتين، لهم اليد الطولى في صنعها بجانب تجار (الفري فيزا)، أما اذا ما استعرضنا مشكلة الحد الادنى في الاجور فنجد أن القطاع الخاص يستميت البعض في مقاومتها، بكل وسائل اللف والدوران، من أجل كسب فتات الفوارق بين أجر الأجنبي والمواطن ويهددون بالويل والثبور وعظائم الأمور بان الشركات الاجنبية ستنقل رؤوس أموالها الى الخارج ويغضون الطرف عن مئات الملايين من الأموال التي تحولها العمالة الأجنبية التي يتمسكون بها؟
وإذا ما انتقلنا الى استعراض مواقف آخرين بالتوسع في مجمل القضايا الاجتماعية العامة مثل قانون الصحافة وقانون النقابات وقانون الأحوال الشخصية، اضافة الى انعزالهم عن تسجيل أي حضور في المناسبات الشعبية كحضور ندوة عن حقوق العمال والموظفين، والمشاركة في عيد العمال وغيرها من المناسبات الشعبية!
إقرأ أيضا لـ "محمد جابر الصباح"العدد 302 - الجمعة 04 يوليو 2003م الموافق 04 جمادى الأولى 1424هـ