طغى البعد المحلي على خطاب المترشحين لأول انتخابات تجرى لمجلس الأمة (البرلمان) الكويتي منذ زوال النظام العراقي السابق، الذي ظل يؤرق الأوضاع السياسية منذ بداية العقد الماضي. ولوحظ غياب الحديث عن عراق ما بعد صدام حسين في خطاب المترشحين الـ 246 عموما، وفي الخطاب الصحافي المواكب للحدث، ما اعتبره الباحث الإيراني علي نوري زاده أمرا «إيجابيا»، ذلك أن الكويت ظلت لفترة طويلة تواجه تحديات خارجية، وآن لها أن تركز على قضاياها الداخلية. مضيفا أن تجاهل موضوع «الجار الكبير» يعني - بالنسبة إلى الكويتيين - أن البلد عادت إلى سالف عهدها، مرجحا أن تكون الانتخابات أفضل لجهة الترتيبات والنتائج. وتستمر الحملات الانتخابية على أشدها حتى الفجر، قبل يوم واحد من فتح صناديق الاقتراع (يوم غد السبت) في 231 لجنة فرعية، وتحت إشراف قضائي. ويشارك فيها نحو 136 ألفا من اصل 650 ألف مواطن. ويجول المترشحون من ديوانية إلى أخرى كسبا للأصوات، في ظل حديث لا ينتهي عن «شراء الأصوات»، بينما أكد الوكيل المساعد لشئون الأمن العام اللواء مساعد الغوينم عدم تلقي وزارة الداخلية بلاغا رسميا بذلك، باستثناء قضية واحدة أشارت إليها الصحافة المحلية وأحيلت إلى النيابة العامة، معتبرا أن الاسم الصحيح لشراء الأصوات «جريمة انتخابية» لا «رشوة». رافضا في الوقت نفسه الإجابة عن سؤال بشأن مدى تغير سيناريو الاحتياطات الأمنية بعد زوال الرئيس العراقي صدام حسين، لأنه «سؤال سياسي».
ونشط كويتون لمحاربة الرشوة «المستفحلة»، التي تكون على شكل قَسَم من طرف الناخب بأن يعطي صوته لمترشح معين، مقابل مبلغ «مجز»، يفوق أحيانا 500 دينار كويتي. وأصدرت «اللجنة الوطنية لمكافحة شراء الأصوات - نزاهة» فتوى تحرم دفع المال والهدايا للناخبين، كما وزعت فتاوى أخرى للمرجع السيستاني تحمل المضمون ذاته.
إلى ذلك، اعتبر أحمد الخطيب - الذي يسمى عميد المعارضة - الكويت دولة «غير ديمقراطية» لأن رئيس الوزراء هو «الكل بالكل»، مشددا على أن فصل ولاية العهد عن رئاسة مجلس الوزراء «لن تجدي نفعا»، في إشارة إلى ما تردد من أن اجتماعا للأسرة الحاكمة، عقد قبل يومين، أقر فصل المنصبين، ليس بشكل نهائي أو مبدئي، وإنما استجابة للوضع الصحي لرئيس الحكومة وولي العهد الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح. ويرجح على نطاق واسع أن يتسلم رئاسة الوزارة الشيخ صباح الأحمد، الذي يسير الوزارة حاليا.
على الصعيد ذاته، اعتبر أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت شملان العيسى أن أبرز المشكلات التي توجه الانتخابات الحالية هي عدم وضوح الرؤية السياسية للمترشحين، إذ لا يوجد برنامج محدد الأهداف لكثير من المترشحين عما سيفعلونه إذا وصلوا إلى المجلس التشريعي، بما في ذلك الجزء المتعلق بالتحديات التي يفرضها «العراق الجديد». وتشير التقديرات إلى أن نسبة التغيير في وجوه مجلس الأمة ستكون في حدود 50 في المئة، مع استمرار سيطرة القبليين - الذين يجرون انتخابات فرعية لاختيار مترشحيهم - على مقاعد «ذات وزن»، وكذا «الإسلاميون»، الذين يتحالفون في دوائر معينة مع القبيلة للفوز بالمقاعد، بينما تبدو حظوظ عدد من الليبراليين قائمة من أمثال: جاسم الخرافي، محمد الصقر، أحمد الربعي، وعبدالوهاب الهارون، وعبدالله النيباري، وكذا هي حظوظ النائب الشيعي المستقيل حسين القلاف. إلى ذلك، فإن المشكلات التي يطرحها المترشحون تدور حول إشكالية الخدمات، مثل الإسكان والصحة. من ناحيته، اعتبر الكاتب الصحافي خليل حيدر أن المطلوب لتعزيز الديمقراطية توسيع القاعدة الانتخابية لتسمح للمرأة بالترشيح والانتخاب، والشباب فوق سن 18 سنة والعسكريين بالتصويت
العدد 301 - الخميس 03 يوليو 2003م الموافق 03 جمادى الأولى 1424هـ