العدد 300 - الأربعاء 02 يوليو 2003م الموافق 02 جمادى الأولى 1424هـ

المسرحي الفرنسي بيير كورنيل... رائد الدراما قبل موليير

الوسط - المحرر الثقافي 

تحديث: 12 مايو 2017

قدمت مسرحية بيير كورنيل الأولى «ميلايت» في باريس في العام 1629 وحققت في الحال نجاحا شعبيا. مثل الجهود الاخرى المبكرة للكاتب المسرحي، كانت المسرحية مليئة بالحب غير المشوق الذي كان سمة العمل المسرحي في ذلك العهد.

ومع ذلك، فهذه المسرحيات الأولى لكورنيل، التي يغلب عليها الطابع غير الممتع، أصبحت السامية على كل المسرحيات الفرنسية التي سبقتها. ولهذه المسرحيات تدين الدراما الحديثة بالابتكار الموافق لمقتضى الحال من ادخال عنصر الفتاة المغناج أو المستهترة.

ولكن عندما ظهرت مسرحية (سِيْد) في العام 1636، فقد تفوقت على كل شيء في العهد السابق لها، وتم عمليا تجاهل المسرحيات الأقدم.

لقد شن النقاد وكتاب كورنيل المعاصرون حربا بشأن هذا النمط التطويري لكتابة الدراما وذلك كمعركة متقدة كتلك التي شنت على مسرحية (هيرناني) للشاعر والروائي والكاتب المسرحي الفرنسي هوغو، فيكتور ماري (1802 - 1885) الذي كان من أشهر آثاره رواية البؤساء في العام 1862، وذلك بعد قرنين من عصر كورنيل. على رغم ذلك، تحدث الجمهور بصوت غير شكوكي عن هذه المسرحيات منذ فترة الدراما الفرنسية الحديثة (لسِيْد). وبلاشك كانت غالبية النقد لدراما سِيْد نتيجة للربكة الملازمة للمسرحية نفسها. إذ ان كورنيل كروائي تقيد بشدة بالتقليد الكلاسيكي للوحدات الثلاث. فنجد حبكة مسرحية سيد مستمدة من مصدر اسباني، والاسبان لا يعرفون شيئا عن الوحدات الثلاث. وطبيعيا ان يكون الدمج الناتج عن ذلك ليس مؤات على نحو كامل، واتبع كورنيل مسرحية سِيْد بمسرحيات اخرى مماثلة في الاسلوب من بينها هوراس، سينا وبوليوكت التي تشترك مع سِيْد كأفضل آثاره الدراماتية على الاطلاق.

وأصبحت مسرحيته الكوميدية لي مينيور الآن أفضل كوميديا فرنسية قبل موليير. على رغم ذلك، وبعد حوالي ثمان عشرة سنة من نجاحه الدرامي الأول، انتخب كورنيل أخيرا للاكاديمية الفرنسية. هذا التأخير ربما كان إلى حد ما بسبب عداء ريشيليو ارمان جان دوبليسيس (1585 - 1642) وهو كاردينال وسياسي فرنسي، كبير وزراء لويس الثالث عشر والحاكم الفعلي لفرنسا (1624 - 1642)، كان والد كورنيل قاضي ومحام تم ترفيعه إلى طبقة النبلاء في السنة التي اعقبت النجاح العظيم لابنه مع سِيْد.

تلقى كورنيل في مقتبل عمره تعليمه على ايدي اليسوعيين ثم درس القانو. وقد باشر فعليا العمل في مناصب قانونية دينا فترة طويلة قبل ان يصبح مشهورا... في الواقع حتى بلغ 44 عاما. ولفترة تمتع كورنيل بالثروة والشهرة، ولكن نجوم موليير وراسين البازغة تفوقت على نجومه. انهم اتقنوا الاسلوب الذي كان لكورنيل الريادة فيه. إذ نجد الجمهور المتقلب دائما، مستعدا للتصفيق للمسرحيات الشهيرة الجديدة، ونسى أو تجاهل كورنيل فأصبح تدريجيا بائسا ومعوزا. في العام 1663 منح معاشا ولكن لم يكن دفعة منتظما فتوفي في فاقة.

من حيث المزاج الخاص يعد كورنيل جادا، وصارما وكالحا. اما من حيث السلوك فهو جزع ويصبح عليلا بيسر. ولكن في مجال الدراما فهو أكثر من كاتب ناجح، رائد، ومتقد يتضاءل امام عبقرية موليير اللاحقة





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً