على رغم جرجرته الصحافيين العراقيين، وعلى رغم عنترياته التي كان يظهرها على الموظفين الغلابة في وزارته، فيطرد هذا الموظف المسكين ويعيّن ذاك القريب حتى باتت وزارته وزارة الأقرباء... خرج علينا الصحاف ليقول: «انني لست نادما».
طبعا الصحاف ليس نادما... فماذا خسر؟ خرج من السلطة والله العالم كم يمتلك من المال والحسابات المصرفية والحصص الكبيرة في السوق، ألم يكن يردد - عندما كان وزيرا - إلى الفقراء الجوعى: «نحن نأكل من أجلكم». مشكلة الصحاف تكمن في تضخم ثقافته الفردية فلو قمنا بتفكيك خطاب الصحاف على طريقة الفيلسوف الفرنسي دريدا فسنجد بين مضمرات خطابه لغة تهديد للصحافيين ولكل من يخالفه الرأي فهو في كل مقابلة تلفزيونية يحاول ان يزرق الصحافة والاعلام جرعات جديدة من الرعب حتى قال عنه مراسل «الجزيرة» بعد سقوط العراق: «عندما بثثت خبرا عبر الجزيرة عن قرب دخول الجيش الأميركي بغداد هددني وسبّني وشتمني، وقال لي كلمات بذيئة لا استطيع التلفظ بها وهددني بأنه سيلقيني إلى جوار نهر الفرات».
هذه طبيعة في الصحاف فهو يرى المراسلين «طراطير» وكل ناقد لرأيه «علجا» من «العلوج» ووحده فقط «المحب للعراق» و«الوطني الكبير» و«المخلص للناس» و«انه غير مستغل للحرية»... والله العالم: كم من المال يمتلك؟ وأين يعيش أبناؤه؟
ولو سئل الصحاف: من أين له الثروة التي يمتلكها؟ فسيجيب: «انه من فضل ربي» فبعد اختفاء الصحاف راح الموظفون في وزارة الاعلام يتكلمون عن الفسادين المالي والاداري وعن بطانة السوء وعن مافيات في وزارة الاعلام.
وقال أثناء مقابلته في قناة «العربية»: «أنا إنسان عادي... مواطن كبقية المواطنين». وكان الصحاف يشير الى الناس عبر اتهامات باصبع قذرة على رغم انه ليس فوق مستوى الشبهات.
ينقل عن الصحاف انه كان يمارس دور البطل في السطو على وزارة الاعلام وأموالها وكان يتستر على المديرين وهم يتسترون عليه وكان يعمل على فبركة برامج لاحدى قريباته لتحصل على مبالغ خيالية من البرنامج الواحد في الوقت الذي يموت العراقي جائعا.
والغريب في الصحاف هو ممارسته العلنية للتجارة، اذ لم يعلن عنها في المقابلة فتجارته فوق كل شيء حتى الوطن والدليل على ذلك الشركات التي يمتلكها والحصص الكبرى في السوق على رغم انه كان من عائلة عادية الا انه قفز قفزات لا يعلمها الا الله والراسخون في استغلال المنصب لاجل الثراء السريع.
كنت أتمنى على القنوات الفضائية لو انها عقدت مقابلات مع موظفي وزارة الاعلام لتكشف حجم الفضائح التي كان يمارسها الصحاف مع بطانته. لاشك ان الصحاف قطف كثيرا من زهور الحرية ولكن هل سينجو من سخرية التاريخ عندما هدد صحافي «الجزيرة» وعندما كمم افواه الصحافيين باعتباره وزيرا متعنترا؟ ابدا نهايته هي مقبرة التاريخ لانه كان يحمل افكارا مرضية مهما حاول ان يطرزها بالوطنية والخوف على الوطن، كما يقول مالك بن نبي: «ان اكرم مكان لجثث الموتى هو ايداعها المقابر وكذلك الافكار الميتة فمكانها مقبرة التاريخ». موقفه كتشاوتشيسكو طاغية رومانيا فقبل زواله بدقائق سئل عن الزلزال فقال: «عندما تتحول اشجار البلوط الى تين قد تتغير الاوضاع في رومانيا».
ان الكفر بالصحافة الحرة سمة ملازمة للصحاف، فهو لا يؤمن بـ «قوانين التغيير» على حد تعبير الكواكبي... هو يحتاج الى جراحة في الدماغ لازالة قيح الافكار. يقال عن الصحاف انه قام بتسريح أكثر من مواطنة من وزارة الاعلام لانهن ارتدين الحجاب فقط
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 299 - الثلثاء 01 يوليو 2003م الموافق 01 جمادى الأولى 1424هـ