الوزير في الغرب عندما يشعر بأي تقصير أو تتعرض وزارته إلى نقد موضوعي أو إلى حادثة كبيرة يخرج إلى الناس بعد معاينة الحادث إن كان تصادم قطارين مثلا أو خروج كتاب يشتم المقدسات أو حالة وفاة كبرى لم يأخذ لها احتياطات بسبب مرض أو غير ذلك، يخرج إلى الناس ولو من باب - امتصاص غضب الجمهور - ليعتذر عن التقصير ويعدهم بتعيين لجنة تقصي لما حدث وأسبابه والمسبب وراءه وهكذا. مشكلتنا في العالم العربي هو عدم الاعتراف بالخطأ والتقصير ليسقط اللوم على أطراف أخرى أو إلى نفي الحادثة من أصل على رغم وجود جميع الأدلة... هكذا وبلا مقدمات! تماما كما فعل وزير عربي عندما أعطى موافقة لفتح معرض دولي وبعد عرض خبر الافتتاح في الصحافة والاعلام غصت القاعة بالحضور والمصورين لكن تفاجأ الجمع بتأخر الوزير ساعتين فلما سئل الوزير عن التأخير ضمن أسئلة عدة أجاب: أنا لم أتأخر الشمس اليوم خرجت باكرا!
قد تكون هذه طرفة ونكتة سياسية لكنها تتكرر يوميا على الواقع. فعندما يقوم مثلا رجل باعتداء أمني على سياح أو خلق أزمة معينة دائما ما تقوم وزارات الإعلام بإعلان الإجابة المعلبة والموضوعة في الرف لمثل هذه القضايا «بأن من قام بهذا الفعل يعاني أزمة نفسية» بدلا من علاج الحدث بالبحث عن الأسباب الموضوعية لها تأتي المسكنات ويأتي النفي أو التبرير المضحك حتى للثكلى علما بأن نفي الحدث هكذا يزيد الموضوع بلة فإن نفي ذلك يعني بالعبارة الصريحة «خبركم جاء فشوش» يعني الوزارة لن تتعب رأسها حتى بإنشاء لجنة لتقصي الخبر وكل الصيحات وصراخ المنابر والصدمة التي سببها الحدث لا تساوي «خردلة» عند مثل هذه الوزارات.
في قضية «المثليين» الوزارة خرجت بعد - أسفٍ للحدث - لتكذب الخبر.
وللأسف نجد هناك تناقضا واضحا في تصريحات وزارة الإعلام لما حدث في قضية «المثليين» بالأمس نددت بالحدث واليوم نفت وقوعه تماما كما حدث في التصريحات الأخيرة التي ابتدأت بتصريحات تهديد ثم ختمت بمقابلةٍ تحوي «حنانا» غير مسبوق للصحافيين ورؤساء التحرير هكذا بين عشية وضحاها يتغير كل شيءٍ من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب ففي تصريح الوكيل المساعد لشئون السياحة مبارك العطوي مع «الوسط» قال في رده على الحدث كما جاء في العدد (292) من صحيفة «الوسط»: «نحن تفاجأنا مثل غيرنا طبعا نحن كمجتمع نرفض الذي حدث - لاحظ قال: الذي حدث - ولا نقف معه وأؤكد أن ما حدث - لاحظ ان ما حدث - لم يكن منظما». وقال أيضا: «إنه لم تحدث لدينا سابقة مشابهة لما حدث» بل صرح بإجراء عملي فقال: «إن تعميما سيصدر لإدارات الفنادق يلزمها بمعرفة نوعية الحفلات التي تقام في صالاتها». للأسف بعد كل هذا الإقرار والمفاجأة ونية التعميم لما طرحه في الصحافة وعلى رؤوس الاشهاد أصدرت وزارة الإعلام بيانا رسميا بعد ذلك من إدارة السياحة «ينفي حدوث احتفال خارج عن النظام والقيم بأحد الفنادق» بالأمس رفضوا الحدث وصدموا له واليوم ينفونه أصلا. إذا كان الحدث غير صحيح فلماذا صرح الوكيل قبل ثلاثة أيام «برفضه الذي حدث» إلا إذا كانت الوزارة أيضا تنفي حتى هذا التصريح بعد نشره إذ مضى عليه ثلاثة أيام فهذه مسألة أخرى.
التناقض في تصريحات اعتدنا عليها وعملية الاثبات ومن ثم النفي أصبحت صفة ملازمة لوزارة الاعلام ولغة التهديد ومن ثم الحنيّة لغة أصبحت معروفة وواضحة. ما نستطيع قوله كفانا مكابرة أمام الأخطاء وغدا تأتي فضيحة أكبر فماذا ستقول الوزارة، لو خرج علينا غدا صحافي مصورا لحدث مشابه فهل ستقول الوزارة إن هذه الحفلة صورت في افريقيا وركبت تجنيا على وزارة الإعلام؟
لو كانت مثل هذه القضايا أكاذيب لما ارتفعت حتى أصوات المسئولين منادية بالسياحة النظيفة
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 297 - الأحد 29 يونيو 2003م الموافق 28 ربيع الثاني 1424هـ