بدأت تظهر حال من الانشقاق في موقف القوى السياسية العراقية تجاه مبدأ المقاومة المسلحة للوجود الأجنبي في العراق، فالقوى الشيعية تعاني حاليا من أزمة واضحة فيما يتعلق بالتعامل مع الحال الراهنة، إذ يوجد تباين ملموس يظهر من خلال التصريحات التي يدلي بها قادة التجمعات الشيعية في النجف وبغداد بشأن أسلوب التعامل مع القوات المحتلة.
فالسيد مقتدى الصدر نجل السيدمحمد الصدر الذي اغتاله النظام السابق والذي يلتفُّ حوله عدد كبير من الشباب العراقي في النجف وكربلاء ومدينة الثورة في بغداد أخذ يصعد من تهديداته للقوات الاميركية ويطالبها بالاسراع بالخروج من العراق، والا فان المستقبل القريب سيكون قاسيا بالنسبة إليها، الأمر الذي جعل الاوساط السياسية العراقية تصف منهج مقتدى الصدر بأنه الأكثر راديكالية من القوى الإسلامية الشيعية. أما السيد محمد باقر الحكيم فإنه يواجه ضغطا داخليا من قبل قواعد المجلس الأعلى للثورة الإسلامية بضرورة اسناد حال المقاومة المسلحة بعد ان تنكرت القوات الاميركية لوعودها السابقة، وقيامها باقتحام مقرات المجلس واعتقال الكثير من أنصاره، ولكنه لايزال يفضل العمل السياسي السلمي، ولم تحسم هذه القضية لحد الآن. وبالنسبة إلى حزب الدعوة الاسلامية فإنه يفضل التعاون مع الأمر الواقع، وعدم اثارة المشكلات مع القوات الاميركية، لأن ذلك بحسب رأيه يخدم أنصار النظام السابق.
وفي الاتجاه الآخر، فإن هناك شخصيات اسلامية شيعية بعضها مستقل وبعضها الآخر يصطف مع قوى سياسية عاملة، تدعو إلى التعاون مع القوات الاميركية بدلا من مقاومتها، ومن هذه الشخصيات السيدمحمد بحر العلوم والسيد حسين الصدر ومحمد عبدالجبار وآخرين.
اما على صعيد القوى العلمانية، فإن ابرز تصريح أخير يحذر من اتساع دائرة المقاومة ما ادلى به الأمين العام لحركة الضباط الأحرار في العراق نجيب الصالحي في مؤتمر صحافي ببغداد، إذ حذر الاميركان من أنهم سيواجهون المزيد من العمليات المعادية اذا لم يحلوا مسألة رواتب أفراد الجيش العراقي السابق. وقال: «شرحنا للاميركان كم هي مسألة الجنود مهمة وحساسة. اذا لم تحلوا هذه المسألة فستواجهون المزيد من العمليات ضدكم كي تغادروا العراق. وتهدد بعض القوى العلمانية بأن فترة الانتظار السلمية سوف لن تطول اذا لم يخرج الاميركان بسرعة من العراق، لكن اكثرية الأطراف العلمانية الأخرى لا تفضل ذلك في الوقت الراهن
العدد 295 - الجمعة 27 يونيو 2003م الموافق 26 ربيع الثاني 1424هـ